دور المحاماة في العملية القضائية

معلومات أسأسيه عن مهنة المحاماة

تعتبر المحاماة الركن الثالث في العملية القضائية المكون من القضاء و الادعاء العام والمحاماة.

واجب المحامي ان يحرص على ان ينال في مهنته الاحترام الذي يناله القضاة والمدعون العامون ، وان يسلك سلوكاً يليق بمهنة المحاماة ,

كليات القانون تعطي دروساً في القانون ولكنها لا تعطي دروساً عن المحاماة ، فيأتي خريج القانون المحاكم وهو لا يعرف شيئاً عن المحاماة إلا ما يسمعه من الزملاء .

2. س لماذا وجدت المحاماة ، وهل هي مهمة للمجتمع البشري

ج قبل الإجابة على هذا التساؤل ، نشير إلى إن بعض الدول وفي فترات مختلفة من تاريخها ألغت المحاماة ومنها فرنسا أثناء الثورة الفرنسية عام 1789 والاتحاد السوفيتي عقب ثورة عام 1917 وكذلك فكرت ليبيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية بذلك غير انهم عدلوا عن ذلك بعد ان تأكد لهم استحالة الاستغناء عن المحاماة .

والحقيقة ان الرجوع الى الازمان السحيقة يكشف لنا عن اهمية المحاماة وضرورتها للبشرية وهذا ما يمكن ملاحظته من الاتي : ان القوانين تسعى دون شك الى المساواة بين المتخاصمين ، ولا ترجح كفة احدهما على الاخر . ولكن هذه المساواة هي مساواة نظرية بحتة اما في الواقع فان من الخصوم من هو اقوى ومنهم من هو اضعف ، ومنهم من هو ليس كذلك .

اذن كيف ان لا ترجح كفة هذا وحجته ، على كفة ذاك وحجته وكيف يستطيع كل طرف شرح وجهة نظره وعرض أسانيده بصورة متساوية ؟

فالقاضي بشر ويمكن ان يتاثر بحجة هذا او اسلوب ذاك بل ان الخصم قد يخلب لب القاضي بحسن منطقه وسحر بيانه وطريقة القائه فيحكم له لا لانه صاحب الحق في الدعوى ، بل لانه كان اقدر على عرض حجته . وقد نبه الرسول (ص) الى خطورة مثل هذا الاحتمال بقوله ” انكم تختصمون الي ، وانما انا بشر ولعل بعضكم الحن بحجته من بعض ، وانما اقضي لكم على نحو ما اسمع منكم فمن قضيت له من حق اخيه شيئاً فلا يأخذه ، فانما اقطع له قطعة من النار ياتي بها يوم القيامة “

فكيف يمكن ان نتجنب مشكلة انعدام التوازن بين الخصوم وكيف نجنب القاضي الوقوع ، دون ان يشعر ، بالخطأ ، فيحكم لهذا دون ذاك لانه كان كان اكثر بلاغة وبلغ من خصمه ؟

في مصر القديمة ، وفي عهد الفراعنة خشي المصريون من تأثير البلاغة وسحر البيان وطلاقة اللسان ، وخشوا ان يكون بعض الخصوم متفوقاً على خصمه بان يكون اكثر قدرة على الألقاء والخطابة وابرع في عرض الحجة فيكسب الدعوى .

فحاولو الحيلولة دون تفوق الخصم على خصمه ، بهذه الوسيلة فلم يجيزوا اسلوب المرافعات الشفوية ، و اوجبو ان تكون المرافعات تحريرية .

ولكن هذه المعالجة لم تنجح لان الخصم اذا كان اقدر على عرض حجته شفاهاً او بالخطابة فهو يستطيع على خصمه بلوائحه و اسلوبه الكتابي ، فينال استحسان القاضي وحكمه ليس لانه صاحب حق ، بل لانه كان يملك منطقاً افضل و اسلوباً اجمل في عرضه الحجو والرد على الخصم .

ليس هذا فقط بل ان بعض الخصوم قد تكون له دراية واطلاع على بعض القوانين و الاعراف ، بينما لا يعلم خصومهم الا القليل عنها بل ان بعضهم لا يعلم شيئ عنها .

ومن اجل تجنب هذا الخلل ، وما يحدثه من أضرار بالعدالة ، أجاز الإغريق لكل خصم الاستعانة بمتخصص في الالقاء والخطابة أو متخصص في كتابة اللوائح أو متخصص في كتابة القانون ليضمنوا ان يكون كلا الخصمين بنفسيهما أو بوكلائهما متعادلين في القدرة على عرض الحجج والوقائع والقدرة على فهم ومعرفة القوانين السائدة ومعرفة كل نهما بحقوقه .

من هنا بدأت الخيوط الاولى لمنهة المحاماة ، إذ بدأ الأشخاص بتخصيص جهدم وكفاءتهم الثقافية والقانونية للغير، وذلك اما بالحضور نيابة عن الخصم امام القاضي لعرض الحجج بالخطابة أو الاكتفاء بكتابة الدفاع للخصم ليتولى بنفسه تقديمه للقاضي وترسخت مع الزمن فكرة ان يتقدم الخصمان الى القضاء متساويين في فهم القوانين ولم يكن بالامكان ان يتحقق ذلك الا بمعونة اشخاص اخرين من غير الخصوم اصطلح على تسميتهم بالمحامين .

ولعل ضرورة تعادل كفتي ميزان العدالة ، قد أصبحت اكثر وضوحاً بعد اكتشاف طرق جديدة لحل المنازعات وعلى الاخص نظام المبارزة .

فاي عدالة تتحقق بمبارزة يكون فيها احد الطرفين اقوى او امهر من غريمه .

اذن السبب الاول لوجود المحاماة في التاريخ هو لضمان تعادل كفتي الخصومة .

ان تعادل كفتي الخصومة بقي الهاجس المسيطر على فكرة العدالة ،ولم يعد يسمح باجراء المحاكمة الا اذا ضمنا ان يكون الخصوم بنفس الكفاءة في فهم الوقائع والقوانين والحقوق ، لذلك لم تجز التشريعات الحديثة محاكمة اي متهم بجناية الا بحضور محامي ، فان لم تكن لديه المقدرة المالية تولت المحكمة انتداب محامي عنه وقد قيل في تبرير ذلك انه ليس من العدل ان يترك المتهم وهو غالبا انسان غير متخصص في القانون ليواجه ممثل الادعاء العام وهو لا يعلم الوقائع التي تعينه على تحسين مركزه القانوني .

لذلك فان مبدأ التعادل يقتضي ان يتولى شخص متخصص في القانون له خبرة مماثلة لخبرة ممثل الادعاء العام لغرض الدفاع عن المتهم .

3. دور المحاماة في توفير متخصص في القوانين

تتجه الحكومات في الدول العصرية ان تكون حكومات قوانين لا حكومات اشخاص ، وان القوانين اصبحت كشبكة ذات نسيج دقيق تنظم مختلف اوجه الحياة الانسانية ، وقد اصبح من المستحيل حتى على المثقف استيعاب التشريعات النافذة .

ويرى الكثيرون ان البشرية تسير في اتجاه سوف لا يسمح بالترافع في الدعوى الا للمحامين حصراً لان الاجراءات اصبحت من التعقيد بحيث من الصعب على غير المتخصص ان يواجه خصمه ، بل اصبح من العبث ان يترك الافراد العاديون يتولون الترافع بانفسهم وهم لا يفهمون اجراءات التقاضي ولا يفهمون طبيعة الدفوع الموضوعية والدفوع الشكلية ولا كيفية تقديمها ولا يفيقون الا بعد ان يخسروا دعواهم لا نهم لم يراعوا وضعاً قانونياً معيناً يوجبه نص خاص .

4. دور المحامي في تفسير وتطوير القوانين

ان التجربة الانسانية اثبتت ان النظام القانوني في كل دولة في حاجة الى المحاماة . اذ ان البحوث التي ينشرها المحامون والاراء التي يبدونها اثناء المرافعات تغني الافكار القانونية لان المحام يطلع على القوانين عند التطبيق وهي تصطدم بصخرة الواقع ، وتخرج عن سكونها كنصوص في متون القوانين .

ويقع عبء التفسير المتطور للقانون ليواكب تطورات المجتمع ليس فقط على عاتق القضاء بل على المحامين والفقهاء ايضاً .

5. دور المحامي في الرقابة على تطبيق القوانين

ان المحامي يمارس رقابة فعلية على القضاء ، واهم وسيلة لهذه الرقابة هي الطعن في الاحكام .اذ ان المحامين في كل يوم يكتشفون اخطاء القضاء ويرفونها الى المحاكم الاعلى للبت فيها

وهذا العمل يؤدي الى تطور القضاء والابتعاد عن الكثير من الاخطاء .

6. دور المحامي في حماية حقوق الانسان

تستطيع المحاماة الى جانب القضاء للادعاء العام ان تمارس اليات الرقابة ورصد التجاوزات على حرية الافراد وحقوقهم الدستورية وهذه الرقابة ضرورية جدا في العالم الثالث فغالبية دول العالم الثالث لا تتمتع بالمرونة الكافية للتعبير عن الرائ الاخر وان ذلك ادى الى تخلف شديد في التفكير وفقدان المواطن الاحساس بحقوقه ، لذلك فان دور المحامي باعتباره متخصصا في القوانين ومطلعا على احكام الدساتير يكون مؤثرا لا بوصفه يملك دورا سياسيا بل بوصفه يملك دوراً قانونياً يستطيع به اقامة الدعوى لو وقع اي خرق للقانون .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت