الطبيعة القانونية لعمل هيأة النزاهة

المحامية: منال داود العكيدي
تعتبر هيأة النزاهة في العراق الاتحادي واحدة من ثلاث هيأت متخصصة في ملاحقة الفساد وهي ديوان الرقابة المالية ومكتب المفتش العام بالإضافة لهيئة النزاهة التي تشكلت بموجب قرار صادر من الحاكم الامريكي لامور الادارة المدنية في العراق رقم 55 لسنة 2004 مستندا الى عدة مبررات منها انه استند إلى السلطات المخولة له بصفته المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة.

واستنادا إلى الأعراف والتقاليد المتبعة في زمن الحرب وتماشيا مع قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالعراق ومنها القرار المرقم 1483الصادر في 2003 والقرار 1500 في 2003 أيضا والقرار الصادر في نفس السنة ذي الرقم 1511 وإقرارا منه بان الفساد آفة تصيب الحكومة الصالحة بالهلاك وتبتلي حالة الرخاء والازدهار ،واعترافا منه بان الشعب العراقي يستحق قادة يتسمون بالنزاهة ويكرسون أنفسهم لشفافية الحكم في العراق وعلى إن الحكم الفعال يعتمد على ثقة الشعب بحكامه، وجعل من هيأة النزاهة الجهاز الوحيد في العراق المخول بالاستعانة بالإجراءات الجنائية من اجل البت والفصل في القضايا المتعلقة بإساءة التصرف بالإضافة إلى ما لها من ادوار أخرى في مجالات متعددة منحت لها بموجب القانون النظامي الملحق بالأمر55 اعلاه ، إذ لم يقتصر دورها على الجانب الجنائي

فالقسم الأول من الأمر أشار إلى إن لهيأة النزاهة دورا كبيرا في اقتراح تشريعات إضافية عند الضرورة يكون الهدف منها المساهمة في القضاء على الفساد وتنمية ثقافة الاستقامة والنزاهة والشفافية والخضوع للمحاسبة والتعرض للاستجواب والتعامل المنصف في الحكومة ،

ولقد أشار لهذا الدور أيضا القانون النظامي في عدة مواضع فقد تضمن القسم الأول منه على إن لمفوضية النزاهة اقتراح تشريعات عند الضرورة ، إما القسم الثالث فقد منح لهيأة النزاهة صلاحية جوازية في اقتراح وتطوير القوانين الموجودة فعلا أو ان تقترح سن تشريعات إضافية وكذلك أعطاها الحق في إصدار لوائح تنظيمية بالاستناد إلى الأمر 55 ايضا .

وبعد إقرار الدستور الاتحادي لعام 2005 نص ذلك الدستور في فصله الرابع الذي حمل عنوان إلهيئات المستقلة على هيأة النزاهة باعتبارها إحدى تلك الهيأت في المادة (102) منه بقوله (تعد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيأة النزاهة والمفوضية العليا لحقوق الإنسان ،هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم أعمالها بقانون ) .

إن المبدأ الأسـاس الذي يؤسس لطبيعة عمل هذه الهيأة وعلاقتها مع غيرها من أجهزة الدولة هو كونها جهازا حكوميا (منفصلا ومستقلا ) وهي بهذا المفهوم تخضع في علاقاتها فقط مع الأجهزة الحكومية الأخرى من الناحية الإدارية والمالية للقواعد العامة التي تحكم علاقة أية جهتين حكوميتين مع بعضهما البعض فينقل إليها إي موظف من دوائر الدولة الأخرى طبقا لنفس الإجراءات المتبعة في تنقل الموظفين في الدوائر الحكومية الأخرى ،

اما الاستقلال الذي تتمتع به هيأة النزاهة يعني إنها جهة غير مرتبطة ولا خاضعة لأي جهاز أو سلطة في الدولة وقد منحها القانون ذلك لضمان تأديتها لواجباتها وعملها بكل دقة وحيادية لمكافحة الفساد من دون التأثر بأية جهة لغرض تعطيل ممارسة عملها .

اما من حيث الرقابة فانه وبعد إقرار الدستور العراقي لعام 2005 أصبحت هيئة النزاهة خاضعة لرقابة مجلس النواب إذ نصت المادة (102) منه بالقول (تعد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيأة النزاهة والمفوضية العليا لحقوق الإنسان ، هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم أعمالها بقانون) إلا إن هذه الرقابة تبقى محكومة بما هو مقرر في القانون النظامي الملحق بالأمر (55) .

لقد منح القانون لهيأة النزاهة سلطة التحقيق بقضايا الفساد الحكومي بصورة خاصة وهذه السلطة أو الولاية يطلق عليها الاختصاص المادي إي إن تحدد سلطة المحكمة بالنظر في نوع معين من الجرائم وبالنسبة لهيأة النزاهة فان الأمر 55 والقانون النظامي الملحق به كانا قد حددا اختصاص الهيأة بنوع معين من الجرائم ،

حيث إن القسم الثاني من القانون النظامي نص في الفقرة الرابعة منه على أنواع الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص الهيأة منا ما يتعلق بالجرائم الماسة بسير القضاء كالمادة 233 من قانون العقوبات و المواد 271 و272 فإنها تتعلق بعقاب الموظف أو المكلف بخدمة عامة سبق وان أوكــــلت إليه مهمة القبض أو حراسة مقبوض عليه أو موقوف أو محجوز فمكن بإرادته أو بإهماله هروب ذلك الشخص ،علما إن العقوبة المقررة لتلك الأفعال تتراوح ما بين الحبس والسجن المؤبد .والمادة 275 التي خصصت لمعالجة جرائم تقليد أو تزوير ختم الدولة أو إمضاء رئيس الجمهورية أو إي ختم أو علامة للحكومة أو دوائرها الرسمية أو شبه الرسمية ، وكذلك المواد من (307 إلى 341) من قانون العقوبات التي تشمل جريمة الرشوة والاختلاس وتجاوز الموظفين حدود وظائفهم على ان عقوبات هذه الجرائم تتشدد في حالة ارتكابها بظرف مشدد كارتكاب الجريمة بباعث دنيء ، وارتكاب الجريمة بانتهاز فرصة ضعف المجنى عليه ، واستعمال طرق وحشية في ارتكاب الجريمة أو التمثيل بالمجنى عليه ، واستغلال الجاني في ارتكاب الجريمة لصفته كموظف أو إساءة استعمال سلطته أو نفوذه المستمدين من وظيفته.