عقوبة العزل وفقا لقانون انضباط موظفي الدولة العراقي

نص البند ثامنا من المادة (8) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 على عقوبة العزل ، وقد عرفها هذا القانون على انها : بتنحية الموظف من الوظيفة نهائيا ولايجوز اعادة توظيفه في دوائر الدولة والقطاع العام وذلك بقرار مسبب من الوزير ، وذلك في حالات معينة وردت على سبيل الحصر وهي : اذا ثبت ارتكابه فعلا خطيرا يجعل بقاءه في خدمة الدولة مضرا بالمصلحة العامة ، او اذا حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته او ارتكبها بصفته الرسمية ، او اذا عوقب بالفصل ثم اعيد توظيفه فأرتكب فعلا يستوجب الفصل مرة اخرى .
ولأهمية وخطورة عقوبة العزل التي توجه الى الموظف وآثارها القانونية التي تحرم الموظف المعاقب بها من العودة الى التوظف في دوائر الدولة والقطاع العام فقد اقتصرت الصلاحية في فرضها على الوزير المتخصص حصرا ويشترط مراعاة احكام المادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة التي اوجبت على الوزير تأليف لجنة تحقيقية من رئيس وعضوين من ذوي الخبرة على ان يكون احدهم حاصلا على شهادة جامعية اولية في القانون ، اذ تتولى اللجنة التحقيق مع الموظف المخالف المحال عليها تحريريا .
ووفقا لنص البند (ثالثا) من المادة العاشرة انه اذا رأت اللجنة ان فعل الموظف المحال اليها يشكل جريمة نشأت عن وظيفته او ارتكبها بصفته الرسمية فيجب ان توصي بإحالته الى المحاكم المتخصصة .
وقد لوحظ في تطبيق عقوبة العزل لجوء الادارة الى فرضها وفقا للفقرة (أ) من البند (ثالثا) من المادة (8) من ذلك القانون بمجرد توصية اللجنة التحقيقية المشكلة على وفق نص المادة (10) من القانون ، باعتبار الموظف المحال اليها قد ارتكب فعلا خطيرا يجعل بقاءه في خدمة الدولة مضرا بالمصلحة العامة ، وعلى الرغم من انه لم يتم بيان الفعل الخطير المذكور في المادة انفة الذكر الا انه يذهب الباحثون في تفسير الفعل الخطير بانه يجب ان يكون خاضعا لاحكام قانون العقوبات ، وفي هذه الحالة على اللجنة التحقيقية الالتزام بمراعاة البند (ثالثا) من المادة (10) التي تنص على انه (اذا رأت اللجنة ان فعل الموظف المحال اليها يشكل جريمة نشأت عن وظيفته او ارتكبها بصفته الرسمية فيجب عليها ان توصي بأحالته الى المحاكم المتخصصة ) ، أي ان اللجنة غير متخصصة بالافعال الجرمية المنسوبة الى الموظف المحال اليها ، لأن قانون اصول المحاكمات الجزائية قد نص في المادة (51) منه على (يتولى التحقيق الابتدائي قضاة التحقيق وكذلك المحققون تحت اشراف قضاة التحقيق) .
وعليه فان اللجنة التحقيقية المشكلة وفقا للمادة (10) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 غير متخصصة بالتحقيق في القضية المحالة اليها ، اذا رأت بانها افعال جرمية تقع تحت طائلة قانون العقوبات ، وهي بالتالي ملزمة قانونا لاستئخار قرارها لحين نتيجة احالة الموظف على المحكمة المتخصصة ، فان كانت النتيجة الحكم الى الموظف بعقوبة الجناية لمدة تزيد على الخمس سنوات ، عندها يتم تطبيق احكام الفقرة (ب) من البند (ثالثا) من المادة (10) ونفرض عقوبة العزل لتحقق شروط فرضها ، وهذا هو التطبيق السليم والعادل لفرض عقوبة العزل .
اذ لا يمكن تصور ان المشرع قصد ان يكون فرض عقوبة العزل استنادا الى الفقرة (أ) المذكورة لارتكاب الموظف الفعل الخطير الذي هو أخف من الحكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته ، كما نصت عليه الفقرة (ب) من نفس المادة المذكورة.
ان حماية مركز الموظف العمومي وحقوقه قانونا يقتضي مراعاة النصوص القانونية بدقة . اذ من غير المنطقي تخويل صلاحيات قاضي التحقيق الى لجنة ادارية . اذ ان تهمة ارتكاب الموظف للفعل الخطير الموجب لعقوبة العزل مسألة وقائع يقدرها القضاء واجراءات التحقيق القضائية المنصوص عليها في قانون اصول المحاكمات الجزائية والتي تكمن اهميتها في اثبات التهم كالتزوير والرشوة والاختلاس وغيرها من التهم التي تمس سمعة الوظيفة العامة وتؤدي الى الاخلال بثقة الجمهور بها .
ان حكم الفقرة(ا) من البند (ثالثا) من المادة (8) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام ، مقيد بحكم الفقرة (ب) من ذات المادة والاختلاف يأتي من آلية الاحالة ، ففي الأولى تتم الاحالة عن طريق التوصية من اللجنة التحقيقية المصادق عليها من الوزير المتخصص ، وفي الحالة الثانية نتيجة صدور قرار قضائي بات من محكمة متخصصة تمت الاحالة اليها وفقا لاحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية .

المحامية: ورود فخري