متى يجوز إثبات الدين بشهادة الشهود؟

ينص القانون الكويتي على أن في غير المواد التجارية إذا كان التصرف تزيد قيمته على خمسة آلاف دينار، أو كان غير محدد القيمة فلا يجوز إثباته أو نقضه بشهادة الشهود ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك وبمفهوم المخالفة فإن الدين المدني الذي لا يتجاوز هذا النصاب يجوز إثباته بشهادة الشهود.

ومفاده ذلك وبمفهوم المخالفة أيضا إذا كان الدين ناتجا عن عمل تجاري يجوز إثباته بكل طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود والقرائن مهما بلغت قيمته، ويكون التصرف تجاريا إذا كان متعلقا بأعمال تجارية بين التجار، أما إذا كان العمل مدنيا بين تاجرين فلا يعتبر تجاريا ولا يجوز إثباته بشهادة الشهود إذا تجاوز خمسة آلاف دينار. وبذلك يكون المشرع قد استبعد المعاملات التجارية من الأحكام التي وضعها للإثبات فأجاز في هذا النوع من التعامل الإثبات بشهادة الشهود كقاعدة عامة ولم يستثن من ذلك إلا ما نص عليه قانون التجارة حين استوجب الكتابة للإثبات بالنسبة لعقود شركات التضامن والتوصية والمساهمة، فأما شركات الواقع ومنها شركات المحاصة، فيجوز إثبات وجودها بشهادة الشهود، ويجدر التنويه إلى أن قاعدة عدم جواز الإثبات بشهادة الشهود ليست من النظام العام، فيجب التمسك بالدفع في الحالات التي يجب فيها الإثبات بالكتابة بداية قبل سماع شهادة الشهود وإلا يعتبر متنازلا عن حقه في الإثبات بالكتابة.

ولتطبيق هذه القاعدة يجب أن يكون هناك تصرف قانوني، ذلك أن التصرفات المادية مثل الفعل الضار أو الإخلال بشروط العقد حتى لو كانت قيمة العقد تتجاوز خمسة آلاف دينار يمكن إثباتها بكل طرق الإثبات، ويقصد بالتصرف القانوني كل تعبير عن الإرادة يقصد به ترتيب اثر قانوني مثل عقود الإيجار والبيع وغيرها من التصرفات التي تنشئ أثرا قانونيا.

والشرط الثاني لتطبيق القاعدة أن تكون قيمة التصرف تزيد على خمسة آلاف دينار أو غير محدد القيمة، والعبرة في تحديد القيمة تكون عند إحداث التصرف وليست وقت المطالبة، فإذا كانت المطالبة تزيد على خمسة آلاف دينار وكانت القيمة في الأصل اقل من خمسة آلاف دينار يجوز إثباته بشهادة الشهود، ذلك أن الملحقات لا تضاف إلى قيمة الالتزام، فلا تضاف الفوائد أو التعويضات إلى أصل الدين.

وإذا اشتملت الدعوى على عدة طلبات ناشئة عن مصادر مختلفة فإن العبرة هي بقيمة كل طلب على حدة. لذلك يجوز الإثبات بشهادة الشهود في المطالبة التي تزيد في مجموعها على مبلغ خمسة آلاف دينار إذا كان كل طلب تقل قيمته عن خمسة آلاف دينار حتى لو كانت بين الخصوم انفسهم. أما إذا تعددت الطلبات وكانت تقوم على سبب قانوني واحد وجب جمعها ولو تعدد الخصوم، فمطالبة ورثة الدائن لا تحسب على أساس نصيب كل وارث في الحق المطالب به وإنما تحسب على أساس قيمة أصل الدين. كذلك الحال بالنسبة للوفاء الجزئي فالعبرة بقيمة الدين كاملا وليس بما تبقى منه.

إلا أن هناك حالات لا يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود حتى لو كانت قيمة التصرف اقل من خمسة آلاف دينار كما لو كان هناك دليل كتابي فلا يجوز إثبات عكس هذا الدليل بشهادة الشهود، أو إذا كان الحق المطالب به هو في حقيقته باق أو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة، أو إذا طالب احد الخصوم في الدعوى بما تزيد قيمته على خمسة آلاف دينار ثم عدل طلبه إلى اقل من هذا المبلغ. وهناك حالات يجوز الإثبات فيها بشهادة الشهود حتى لو كان المبلغ المطالب به أكثر من خمسة آلاف دينار. كما في حالة ما إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، وتعتبر علاقة الأب بابنه والعكس أو العلاقة الزوجية مانعا أدبيا، وكذلك في حالة فقدان الدائن لسنده الكتابي بسبب خارج عن إرادته.