عملة المنازل في القانون التونسي

الاستاذة درة بن منــصور

كان يعرف قانون العمل بالتشريع الصناعي ولا يزال إلى الآن يطلق عليه في انجلترا كذلك وترجع هذه التسمية إلى النهضة الصناعية التي كانت من بين أسبابها الإهتمام بنشأة قانون مستقل للعمل.

و إن تتبع التطور التاريخي لقانون العمل يبين لنا أن الرغبة في حماية العمال كانت سببا لإتجاه النظر إلى ضرورة أفرادهم بقواعد خاصة تكفل لهم رعاية في موارد رزقهم .ولكن يبقى السبب الأساسي في تبرير خضوع العمال لقواعد خاصة هو كميا.

إن هذا الفرع من فروع القانون أثره البالغ في الحياة الاقتصادية والحياة الاجتماعية مما يجعل له أهمية اقتصادية واجتماعية فائقة .

ويلعب قانون العمل من الناحية الاقتصادية دورا على قدر كبير في توجيه الحياة الاقتصادية و تأمين سلامتها .

و إن من أهداف سن قوانين العمل ضمان معاملة عادلة للعمال ومعيشة لائقة وذلك بالتدخل عن طريق قوانين العمل لتحديد أجور عادلة أو فرض حد أدنى لها مما يزيد من القدرة الشرائية والحال أنهم يمثلون غالبية طوائف المجتمع وبالتالي تتأثر حركة الاستهلاك ازداداً .

.
ومن الناحية الاجتماعية يلعب قانون العمل دوراً كبيرا في إشاعة العدالة الاجتماعية عن طريق تحسين حال العمال وهم يمثلون أكبر طوائف المجتمع فلا شك أن في تحسين حال العمال عن طريق ضمان المعاملة العادلة لهم من ناحية الأجور والرعاية الطبية والإجازات اللازمة وإزالة الأسباب القلق والتذمر الاجتماعي مما يحقق الاستقرار في المجتمع كما أن تحديد ساعات وأيام الراحة يجدد من نشاط العمال ويحفظ لهم الصحة مما يؤثر بالتالي في حياتهم العامة والخاصة .

و يتبين أن العملة يمثلون نظرا لعددهم أهم طائفة في المجتمع و يمثل قطاع عملة المنازل بالخصوص جزء هام من هذه الطائفة .

إن العمل المنزلي هو من أقدم المهن ويتولى عمال المنازل الطبخ أو التنظيف أو رعاية الأطفال أو كبار السن أو المعوقين، وهي مهام كانت تسند تقليدياً إلى النساء في الغالبية العظمى من المجتمعات، ومن دون تعويض إلى حد كبير، و قد يشمل العمل المنزلي أيضاً البستنة أو السياقة أو تقديم الخدمات الأمنية، وهي مهام يقوم بها الرجال في كثير من الأحيان.

و يستوعب قطاع العمل المنزلي أعداداً كبيرة من العمال المنتمين غالباً إلى شرائح المجتمع الأكثر فقراً وذات الفر ص المحدودة للحصول على عمل آخر أو وظيفة أخرى نتيجة للمستوى التعليمي المحدود.

إن هذا القطاع الذي ينمو بصمت هش و غير محمي بالرغم من أهميته العددية و الإجتماعية بقي مهمشا رغم المساهمة المهمة التي يقدمها عمال المنازل في الاقتصاد و التي تشمل زيادة في فرص العمل ، للنساء و للرجال، ذوي المسؤوليات العائلية.

و إذ يعتبر أنّ العمل المنزلي لا يزال منتقص القيمة ومحجوباً، و أنّ النساء والفتيات هنّ اللواتي يضطلعن به بصورة أساسية، والكثيرات منهنّ من أفراد مجتمعات محرومة. و قد يعود ذلك خاصة إلى السلوكات التقليدية التي تشكل إرثا تاريخيا ثقيلا.

ونظرا للأهمية العددية لفئة عملة المنازل فقد تعرض المشرع التونسي إليها فمن ناحية سن قانون يشملها بالخصوص و من ناحية أخرى أدرجها في بعض القوانين العامة .

و لكن لا يمكن أن ننكر التطور التاريخي الهام الذي شهده الاعتراف بحق عملة المنازل كإحداث المشرع لقانون عدد 28 لسنة 1994 و المؤرخ في 21 فيفري 1994 و الذي يتعلق بالتعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية[1] و الذي تضمن في نطاق تطبيقه فئة عملة المنازل، كما سن المشرع القانون عدد 32 لسنة 2002 المؤرخ في 12/03/2002 والمتعلق بنظام الضمان الإجتماعي[2] لبعض الأصناف من العملة في القطاعين الفلاحي و غير الفلاحي و الذي منح الحق لعملة المنازل في التمتع بالحيطة الإجتماعية.

إلا أنه رغم تواتر النصوص القانونية التي تعرضت إلى هذه الفئة من العمال إلا أن وضعيتهم لا تزال تتصف بالهشاشة في القانون التونسي .

و تبرز أهمية هذا الموضوع أيضا في التطور الحتمي الذي يجب ان يعرفه القانون التونسي في شأن عملة المنازل خاصة بالنظر للتطور الذي يشهده الإهتمام بعملة المنازل على المستوى الدولي .

فنتسائل عن مدى تأطير القانون التونسي لفئة عملة المنازل ؟

للإجابة عن هذه الإشكالية دفعنا البحث عن علاقة مجلة الشغل بعملة المنازل و هو موضوع الجزء الأول و أرجى بنا هذا للتساءل و البحث عن مفهوم عملة المنازل و تعريفهم ( المبحث أ ) و إبراز مدى نقائص المبادرة التي اتخذها المشرع التونسي في حماية هذا الصنف من العملة و إقصاءهم من مجلة الشغل ( المبحث ب ) ثم إنتهينا إلى إبراز سعيه إلى ضم عملة المازل في القوانين الإجتماعية و هو موضوع الجزء الثاني وإهتمام المشرع لإحاطة هذه الفئة بقوانين اجتماعية تحفظ لهم بعض الحقوق ( مبحث أ ) و أخيرا مقارنة هذا التطور بما يحصل على المستوى الدولي ( المبحث ب ).

الجزء الاول: عملة المنازل و قانون الشغل

المبحث أ : تعريف عملة المنازل

رغم إختلاف العبارات المستعملة فإن التعريف القانوني لعملة المنازل يستند إلى احكام الفصل الاول من القانون عدد 25 لسنة 1965 و المؤرخ في 01/07/1965 و المتعلق بحالة عملة المنازل[3] و الذي ينص على أنه “ يعرف بعامل منزل كل أجير مرتبط بخدمة المنزل كيفما كانت طريقة خلاص أجرته و دوريتها و مستخدم في الاعمال المنزلية بصفة عادية من طرف مستأجر أو عدة مستأجرين لا يقصدون من وراء هذه الأعمال غايات كسبية.”

فيمكن تعريف خدم المنازل بأنهم الأشخاص الذين يعملون فى المساكن الخاصة بغرض مساعدة أصحابها فى الأعمال اليومية، وتتميز أعمالهم بالخصوصية مثل الفراش والط وصيانة الحديقة و الحراسة.

ويخرج من هذه الطائفة من يؤدون أعمال ذهنية لخدمة صاحب العمل مثل المدرس الخاص و الممرضة حتى ولو كان العمل يمارس داخل المنزل [4]كما يخرج من طائفة الخدم الأشخاص الذين يقومون بالخدمة فى غير المنازل كمن يقومون بهذه الخدمات فى الفنادق أو المطاعم.[5]

كما أنه لا يمكن إعتبار من يعمل من منزله من فئة خدمة المنازل.وينقسم

العمل من المنزل الى فئتين مختلفين وهما عمل تقليدى وعمل حديث. يشمل العمل التقليدى على الاعمال اليدوية و المكثفة أما العمل الحديث فهو يشمل على الانشطة المتعلقة برؤوس الاموال والمعلومات.

تكون الانشطة والاجور الخاصة بالعمل التقليدى ذات مستوى متدنى وتتطلب جهدا بدنيا فى حين أنشطة العمل الحديث ليست معقدة وتتميز بالأنشطة عالية المستوى وعائدها المادى كبير.

و إعتبرت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة في قرارها المبدئي الصادر تحت عدد 32039 بتاريخ 19/01/1995 [6]ان عملة المنازل هم بمثاتبة فئة خاصة من العملة و هو ما عبرت عنه محكمة التعقيب باللغة الفرنسية

” les domestiques à gages ” هذه الفئة من العملة الذين تربطهم بشخص مخدومهم صلة شخصية و يغلب هذا الطابع على علاقة عملة المنازل بأرباب المنازل.

ويطلق تعبير خدم المنازل ومن في حكمهم في التشريع السوري على تلك الفئة التي تقوم باعمال الخدمة المنزلية حصراً و قد اهتم المشرع بحقوق هؤلاء العامة والخاصة و ذلك بالنص على القوانين الضامنة لحقوقهم و لهم ظروفهم الخاصة لانهم يعملون داخل المنازل و يطلعون على اسرار مخدوميهم و يتقاضون اجورهم طعاماً و لباساً و ايواء بالاضافة إلى مبلغ نقدي يومي أو شهري أو سنوي

ويعرف المحامي السوري احمد وليد سراج الدين في كتابه شرح قانون التامينات الاجتماعية هذه الفئة بقوله :

” يقصد بخدم المنازل ومن في حكمهم العمال الذين يقومون بخدمات خاصة في المنازل و يخصصون لاعمال تتصل بذات صاحب العمل اما بشخصه مباشرة أو بأشخاص ذويه كالطباخين والمربيات و المرضعات”.

و يتبين ان خادم المنزل هو كل من يقوم بعمل في المسكن الخاص بالمخدوم حصرا من اجل راحته بذاته أو راحة ذويه و افراد اسرته و يكون علاقة مباشرة بقاطني هذا المنزل علاقة تمكنه من الاطلاع على اسرارهم وشؤونهم الخاصة و كي يتم اعتباره بهذه الصفة يجب ان يكون مكان مزاولة عمله في منزل معد للسكن الخاص و أن يكون العمل الذي يمارسه من شانه قضاء حوائج مستخدمه أو عائلته.
ولا يغير من صفة الخادم قيامه بالعمل بصفة دائمة أو غير مسترسلة زمنياً ففي كلتا الحالتين يبقى خادماً منزلياً .

و في حال قيام الخادم باعمال الخدمة الخاصة للمخدوم أو عائلته بالاضافة إلى الاعمال المعتادة خارج المنزل فينظر إلى الصفة الغالبة في عمله فان كانت تغلب عليها الخدمة داخل المنزل عد خادماً و إن غلبت الاعمال الاخرى على عمله كانت عاملاً و في الحالة الاخيرة يخضع لقانون الشغل و احكامه.

يتبين من التعريف الواقع بسطه أن خدم المنازل يتصفون بصفات العمال عامة و يستفردون بنوعية العمل و مكان تأدية العمل.

و بالتالي نتطرق بالمبحث ب إلى مدى دخول فئة عملة المنازل تحت طائلة قانون العمل و مجلة الشعل بالخصوص.

المبحث ب : إقصاء مجلة الشغل لعملة المنازل

صدر قانون في فرنسا سنة 1939 اقتضى إحداث محاكم شغلية فرنسية بالبلاد التونسية و أصدر الباي أمرا[7] ينص على امتداد اختصاص هذه المحاكم للنظر في النزاعات التي تهم متقاضي المحاكم التونسية.

و صدر حكم مدني إبتدائي عن مجلس العرف بتونس تحت عدد 992 ( مجلة القضاء و التشريع عدد 01/01/1961) [8]وصرح أن “خدمة المنازل لا يسري عليهم أحكام التشريعات الإجتماعية إذ أن عملهم لا يتصل بشان من الشؤون الإقتصادية و التجارية و الفلاحية و العلاقة بين أولائك الخدمة و مخدومهم لا تندرج تحت ضوابط إختصاص مجالس العرف.”

وبعد الإستقلال صدرت مجلة الشغل [9]الذي تمثل في مجموعة القواعد التي تنظم الروابط القانونية الخاصة والمتعلقة بالعمل الذي يقوم به شخص مقابل أجر لحساب شخص آخر وتحت توجيهه وسلطته أو إشرافه ورقابته .

و قد نص الفصل الاول من مجلة الشغل[10]على انه “تنطبق أحكام هذا القانون على محلات الصناعة و التجارة و الفلاحة و على توابعها ، مهما كان نوعها العامة أو الخاصة، الدينية أو الادينية و لو كانت لها صبغة مهنية أو خيرية. و تنطبق أيضا على المهن الحرة و محلات الصناعة التقليدية و التعاضديات و الشركات المدنية و النقابات و الجمعيات و الجماعات مهما كان نوعها.”

و قد يتضح من قراءة هذا الفصل المخصص لميدان تطبيق مجلة الشغل أن المشرع قد ضرب مجالا واسعا و ميدانيا متيعا لإنطباق مجلة الشغل لتشمل جميع الميادين الصناعية و التجارية و الفلاحية و توابعها و لو كانت لها صبغة مهنية أو خيرية .

و بالتمعن في مقتضيات الفصل الأول يتضح أنه لا يشمل عملة المنازل ضرورة ان المشرع لم ينص على دخول عملة المنازل تحت طائلة مجلة الشغل لا صراحة و لا دلالة .

و إستقر عمل القضاء لمدة طويلة على هذا المنوال إلى أن أكدت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة إقٌصاء عملة المنازل من قوانين مجلة الشغل و ذلك صلب قرارها عدد 32039 المؤرخ في 19/01/1995 [11] الذي جاء فيه أن ” صلتهم بصاحب المنول يغلب عليها الطابع الشخصي …

و حيث أن بقيى عقةد الإجارة على العمل تعتمد شروط موضوعية صرفة و مصالح متبادلة لا دخل فيها للعلاقات الشخصية بين الاجير و المؤجر الذي كثيرا ما يكون شخصا معنويا يمثله أجير أيضا فيحتفظ الأجير بإستقلاله خارج علاقات العمل و تحمي هذه العلاقات القوانين و القوانين الأساسية و الإتفاقيات المشتركة و المؤسسات المختلفة المهنية كالمنظمات المهنية و مجالس التأديب إضافة إلى المحاكم…”

و يستشف من حيثية القرار التعقيبي أن المحكمة أقصت عملة المنازل من مجال تطبيق قانون الشغل و الإتفاقيات المشتركة و من مجال تدخل مختلف المؤسسات المهنية كالمنظمات المهنية و مجالس التأديب محاكم العرف .

و لقد سار القضاء على ذلك المنوال و أصدرت المحكمة الإبتدائية بتونس حكما تحت عدد 30101 بتاريح 13/01/2011 [12]إعتبرت فيه أن عملة المنازل لا تعتبر أجيرة و “ لا يمكن مطالبتها بالإلتزامات المحمولة على العامل و لا يمكنها المطالبة بالحقوق المخولة للعامل لعدم خصوعها لأحكام مجلة الشغل” و إستدلت في ذلك بالقرار التعقيبي المذكور أعلاه و سلكت نفس المنهج .

و يجدر القول أن قانون العمل هو القانون الذي ينظم عقد الشغل باعتبار أن أغلب روابط العمل تنشأ عن عقود العمل .

و يعتبر عقد الشغل من العقود المسماة التي تلعب دورا هاما وأساسيا داخل المجتمع لكونه يرد على العمل الإنساني.

و قد عرفت مجلة الشغل عقد الشغل بالفصل 6 و المنقح بالقانون عدد 62 لسنة 1996 المؤرخ في 15/07/1996 [13]الذي جاء فيه أن “عقد الشغل هو إتفاقية يلتزم بمقتضاها أحد الطرفين و يسمى عاملا أو أجيرا بتقديم خدماته للكرف الاخر و يسمى مؤجرا تحت إدارة و مراقبة هذا الاخير و بمقابل أجر.”

ويتضح من هذا التعريف أن عقد الشغل، الذي يكون موضوعا لقانون الشغل، يستوجب لقيامه توفر عدة شروط .

و يجدر التسائل هل ان العقد الرابط بين عملة المنازل و أرباب البيوت ينيف قانونا بكونه عقد شغل تام الشروط و الاركان الواردة بالفصل 6 من مجلة الشغل بمدلول التبعية و الاجر و العمل ؟

و هل أصاب فقه القضاء بإقصاء عملة المنازل من دائرة تطبيق مجلة الشغل؟

يتمثل الشرط الأول في أن خضوع علاقة العمل لعقد العمل على معنى الفصل 6 قيامها بين أطراف من أشخاص القانون الخاص وتخرج بالتالي عن نطاق قانون الشغل روابط العمل الذي يقوم به الأفراد لحساب الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة لأن هذه الروابط تخضع لقاوانين خاصة ولقواعد قانون الوظيفة العمومية.

و يمكن إعتبار عملة المنازل ممن ينطبق عليهم قانون الشغل من هذه الزاوية إلا أن الامر يتعقد في توفر الشروط الأخرى لعقد الشغل.

ويعتبر الأجر العنصر الجوهري لقيام عقد الشغل وهو أهم إلتزمات صاحب العمل ويتمثل في ذالك المقابل للجهد العضلي أو الفكري الذي يقوم به العامل.

و يمكن تعريف الأجر بكونه الأجر الأساسي مضافاً إليه سائر المستحقات الأخرى التي يتمتع بها العامل مقابل جهد بذله في العمل, أو مخاطر يتعرض لها في أداء عمله, أو التي تتقرر للعامل لقاء العمل بموجب عقد عمل أو تراتيب تنظيم العمل.

و يتميز أجر العامل عن غيره من الإمتيازات، كالوكالة بالعمولة والسمسرة وغيرها، في أن أجره يتمتع بحماية مقررة في القانون.

و بالرجوع إلى تعريف محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة في قرارها المبدئي الصادر تحت عدد 32039 بتاريخ 19/01/1995 [14]لعملة المنازل و التي إعتبرتهم بمثاتبة فئة خاصة من العملة و هو ما عبرت عنه محكمة التعقيب باللغة الفرنسية les domestiques à gages » « وهي العبارة المستعملة في الترجمة الرسمية باللغة الفرنسية للفصل 96 من مجلة المرافعات المدنية و التجارية والفصل 126 من نفس المجلة و الفصل 199 من مجلة الحقوق العينية

و بالرجوع إلى معنى كلمة “gages ” يتبين أنها باللغة الفرنسية تعني

payer à la tache و هو ما يدل أن هذا المعنى لا يتماشى و تعريف الأجر ضمن عقد العمل الذي يتسم بالإستمرار و الغستقرار في دفعه.

و يتضح أن الركن الاول لعقد الشغل مفقود لدى عملة المنازل.

و يكون عنصر التبعية الركن الجوهري الثاني و أهم العناصر في تكييف عقد الشغل، والذي يعتمد عليه في تكييف عقد الشغل وتمييزه عن باقي العقود التي قد تلبس به في بعض الجوانب.

و يتضح من الفصل 6 من مجلة الشغل أنه يشترط لتطبيق قانون الشغل أن يكون العامل خاضعاً أو تابعاً لأجيره و أن يتولى العامل القيام بالعمل تحت توجيه أو سلطة أو رقابة أو إشراف من يؤدي العمل لحسابه.

إن هذه الرابطة التي تنشأ بين شخصين يؤدي احدهما العمل تحت إشراف وتوجيه الآخر و التي تكون التبعية القانونية هي موضوع قانون الشغل و هي التي ترسم الطريق لتعريفه و تطبيقه و هي المعيار الأساسي لتطبيق قانون الشغل على العلاقة الموجودة بين العامل وصاحب العمل، كما هي التي تكون المميز الرئيسي بين عقد الشغل وعقود أخرى قد تشابهه من عدة وجوه.

وقسم الفقه التبعية إلى عدة أنواع (التبعية الفنية، والتبعية التنظيمية، والتبعية المهنية،) ويمكن إرجاع كل هذه الأنواع من التبعية إلى نوعين أساسين وهما: التبعية القانونية والتبعية الاقتصادية.

وتفيد التبعية القانونية خضوع العامل أثناء أو بمناسبة أدائه لعمله للإدارة وإشراف أو سلطة من يمارس العمل لحسابه فيكون العامل الذي يؤدي عمله في المصنع أو في محل تجارة أو في مزرعة في حالة تبعية لصاحب المصنع أو المحل التجاري أو المزرعة و يكون خاضعاً لإشراف وتوجيهه.

و بالرجوع إلى طبيعة عمل عملة المنازل يتبين أن صلة هذه الفئة بصاحب المنزل يغلب عليها الطابع الشخصي كما أنها تتميز بعدم الإستمرار والإستقرار في أدائهم لعملهم ذلك أنه قد يتعدد المستأجرين فكثيرا ما يتولى عملة المنازل تقسيم أوقات عملهم بين أكثر من مستأجر و في منازل مختلفة فيقومون بإسداء أعمالهم للعديد من أرباب المنازل في نفس الوقت و قد يظلون عاطلين عن العمل في أيام الباقية من الاسبوع.

و قد يختلف العمل بذاته فيتولى العامل حراسة منزل أحد مستأجريه بينما يتولى صيانة الحديقة لدى مستأجر اخر و بالتالي يصعب التحدث عن علاقة تبعية قانونية بين الخدمة و مستأجرهم ذلك أنهم غالبا ما يتلقوا أوامرهم في إنجاز عملهم من ارباب منازل مختلفة و حتى في نفس المنزل فهم يتلقون أوامرهم من جميع أفراد العائلة التي تستخدمهم .

إن سلطة الإشراف التي يمارسها من يتم العمل لحسابه و حالة التبعية القانونية التي يخضع لها العامل عند قيامه بعمله هي التي تعتبر معيار التفرقة بين ما يخضع من الأعمال لقانون الشغل وبين مالا يخضع له ، وإذا ما تم العمل تحت اشراف وتوجيه أو سلطة ورقابة من يتم العمل لحسابه أصبحنا في دائرة قانون الشغل أيا كان نوع العمل سواء أكان عملا عقليا أو يدويا ومهما كانت أهمية العمل كبيرة أو صغيرة.

لذلك لا يمكن و الحالة تلك وصف العلاقة الرابطة بين عملة المنازل و مستخدميهم بالعلاقة التبعية بين الأجير و المستأجر.

إن علاقة عملة المنازل بمخدومه لا تعتمد على شروط موضوعية و لا على مصالح متبادلة و لا ترتكز على عنصر الربح المادي الواجب توفره و الذي يأمل الأجير تحقيقه من وراء كل عمل يسديه و تكون بالتالي عناصر قيام العلاقة الشغلية على معنى مجلة الشعل غير متوفرة في هذا الصنف من العملة، صنف عملة المنازل.

و إن نوعية و كيفية إسداء عملة المنازل للخدمة لأرباب المنازل يقيم الدليل القاطع على إنعدام شروط قيام العلاقة الشغلية و بالتالى عدم إمكانهم التمتع بمقتضيات أحكام مجلة الشغل.

و حيث بات واضح أن المشرع و فقه القضاء قد أقصيا عملة المنازل من مجال أحكام مجلة الشغل.

و لكن أمام الاهمية الكمية لهذه الفئة فإن المشرع أطر عمل خدمة المنازل من حيث السن الادنى كما أدرجهم ضمن القوانين الإجتماعية لحمايتهم و هو ما سنتطوق غليه في الجزء الثاني كما سنتعرض إلى التطور الذي عرفه الإهتمام الدولي لعملة المنازل

الجزءالثاني: عملة المنازل والقوانين الإجتماعية

مبحث أ: الحماية الإجتماعية لعملة المنازل

إهتم المشرع التونسي منذ إصداره في غرة جوان 1907 لمجلة الإلتزمات و العقود، و التي تعتبر بمثابة أول قانون مدني مدون في تونس، بفئة عملة المنازل و ذلك بإدراجهم ضمن قائمة الدائنين الممتازين في الخلاص من مكاسب المدين نظرا لصفة ديونهم.

و قد تضمنت صراحة القائمة الواردة بالفصل 1630 من مجلة الإلتزمات و العقود على ” الخدمة و الصناع الذين إستخدمهم المفلس بنفسه …” من بين الدائنين الممتازين.

فأصبح أجر العامل يعتبر ديناً ممتازاً من الدرجة الأولى، يقدم على جميع الغرماء، ويقدم على المصروفات القضائية، ومصروفات الإفلاس والتصفية .

و قد أقر المشرع شساعة هذه القائمة المعوضة بقائمة جديدة ضمن الفصل 199 من مجلة الحقوق العينية، خامسا،و اكد حرصه على منح الإمتياز العادي إلى الخدمة و العملة و كل أجير اخر.

غير أن هذا التوسع لم يمنع المشرع سنة 1996 من إفراد العملة الخاضعين لمجلة الشغل بإمتياز مستقل عن الإمتياز العادي الممنوح لكل الاجراء دون تمييز.

و تفككت القائمة المنصوص عليها بالفصل 199 من مجلة الحقوق العينية و إنقسمت إلى صنف ” العملة ” و هم الاجراء الخاضعين لأحكام الفصل 6 من مجلة الشغل و صنف ” الخدمة و كل أجير اخر و هم الاجراء الذين بقو منتفعين بإمتياز الفصل 199 خامسا [15].

ثم جدد المشرع إهتمامه منذ الستنيات بشأن عملة المنازل و سن القانون عدد 25 لسنة 1965 و المؤرخ في 01/07/1965 و المتعلق بحالة عملة المنازل.

و نظم هذا القانون عمل الاطفال كخدمة بالمنازل بفرض سن دنيا لإستخدامهم و سحب عليهم التعويض عن حوادث الشغل .

و بقي الحال على تلك الصورة إلى أن وقع تنقيح هذا القانون بالقانون عدد 32 لسنة 2005 و المؤرخ في 04/04/2005 الذي جاء يتممه و رفع في السن الدنيا للأطفال كعملة منازل و ذلك تماشيا مع القانون الأساسي للتعليم لسنة 2002 الذي مدد في السنوات الإجبارية للتعليم و حددها إلى ستة عشر سنة، فحجر هذا القانون تشغيل الأطفال قبل نهاية هذه السن.

كما ضبط هذا القانون إجراءات خاصة لتشغيل الاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 18 سنة.

و إن هذا القانون يعتبر من القوانين الإجتماعية الهامة المتصلة بالحق في العمل و بحماية الطفولة من الإستغلال و سوء المعاملة.

و بقي عملة المنازل دون أي تأطير إلى أن أحدث المشرع قانون عدد 28 لسنة 1994 مؤرخ في 21 فيفري 1994 يتعلق بالتعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية[16] و الذي تضمن في نطاق تطبيقه فئة عملة المنازل ذلك أن الفصل 4 من هذا القانون قد نص على أنه “ينطبق هذا القانون على كافة العمال او المعتبرين كذلك المستخدمين لدى الاشخاص الطبيعيين او المعنويين باي شكل من الاشكال مهما كان نوع النشاط او وضعية العامل او نظام تاجيره.كما ينطبق ايضا على ….

عملة المنازل.”

و قد جاءت أحكام هذا القانون لتنطبق تقريبا على كل الأطراف العاملة في مختلف ميادين النشاط سواء كان صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو مهن حرّة أو غيرها.
والقائمة هنا موسعة و هي تمكن من تغطية جميع الفئات العاملة المرتبطة بعقود شغل ذلك أنّ المشرّع استعمل بأحكام الفصل 4 من القانون المؤرخ في21 فيفري 1994 عبارة “المستخدمين بأي شكل من الأشكال”

لكنّه لم يقف عند هذا الحد بل توسع في التغطية إلى أطراف غير خاضعة لعقود شغل مثل المتمرنين و المتدربينو تلاميذ و مؤسسات التعليم الفني أو المهني وعمّال الحضائر و عملة المنازل إذ أصبح من الضروري أن توفر لهؤلاء الحماية الكافية ضدّ حوادث الشغل و التغطية الصحية في حالة الإصابة بمرض مهني.
ونشير هنا إلى القرار التعقيبي عدد25555 الصادر بتاريخ 13 نوفمبر 2003[17] والذي أكّد بأنّ النظام الجاري ينطبق على كل الأطراف العاملة في مختلف ميادين النشاط و بأنّ قائمة المشمولين بالتغطية هي موسعة .

و أكدت محكمة التعقيب يقرارها عدد25211 و المؤرخ في 6 نوفمبر 2003 [18]، أنّ قانون فواجع الشغل ينطبق على المستخدمين كافة بأي شكل من الأشكال مهما كان نوع النشاط أو وضعية العامل أو نظام تأجيره.

وتعد هذه التغطية وجوبية بمعنى أنّ كل مؤجر سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا يستخدم أشخاصا من الصنف الوارد به الفصل الرابع من قانون عدد2 لسنة 1994 ملزم بالانخراط بصندوق الضمان الاجتماعي لتغطية جميع المستخدمين لديه ضدّ الأخطار الناجمة عن حوادث الشغل و الأمراض المهنية وعليه إعلام الصندوق بالعمّال المنتدبين بأي شكل كان ” في أجل 48 ساعة من تاريخ الانتداب”.

و نلاحظ أن فئة عملة المنازل بدأت شييء فشيء تتمحور في إطار قانوني يحميها

و تحت تأثير تطورالدور الإقتصادي و خاصة التطور الكمي لعملة المنازل سن المشرع قانون عدد 32 لسنة 2002 المؤرخ في 12/03/2002 والمتعلق بنظام الضمان الإجتماعي لبعض الأصناف من العملة في القطاعين الفلاحي و غير الفلاحي[19].

و جاء هذا القانون ليضم لنظام الضمان الإجتماعي بعض الأصناف من العملة في القطاعين الفلاحي و غير الفلاحية.

و يتصف هذا قانون بالشمولية حيث يضمن الحق في التغطية الإجتماعية لمختلف انواع الأجراء.

و قد نص الفصل الأول من هذا القانون على أنه” يحدث نظام خاص للضمان الإجماعي يشمل إسداء منافع العلاج و جرايات الشيخوخة و العجز و الباقين على قيد الحياة بعد وفاة المنتفع بجراية و ذلك حسب الشروط المبينة بهذا القانون. ينطبق هذا النظام على الأصناف التالية :

– عملة المنازل المرتبطين بخدمة المنزل كيفما كانت طريقة خلاص أجرته و دوريتها و مستخدم في الاعمال المنزلية بصفة عادية من طرف مستأجر أو عدة مستأجرين لا يقصدون من وراء هذه الأعمال غايات كسبية…..

فأحدث هذا القانون نظاما خاصا للضمان الاجتماعي لفائدة بعض الفئات من العملة و بعض الأصناف من العاملين من ذوي الدخل المحدود و منهم خاصة عملة المنازل مثل المعينة المنزلية و الطباخ و السائق و الجنان .

وأسند هذا القانون لهؤلاء الخدمة الحق في المنافع المتعلقة بتغطية مصاريف العلاج و جرايات الشيخوخة.

و اوكل هذا القانون التصرف في هذا النظام إلى صندوق الضمان الإجتماعي الذي يضبط الإنخراط و الإشتراك و الإنتفاع من الخدمات المتوفرة في هذا النظام الخاص.

وجاء هذا القانون بمبدأ أساسي يتمثل في و جوبية الإنخراط بالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي و بوضع واجب على المشغل بالتصريح لدى المكاتب الجهوية و المحلية للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي بإنتدابه لأي عامل.

إذ نص الفصل 6 من القانون المشار إليه أعلاه على أنه يتعين على كل مؤجر يقوم بتشغيل شخص ينتمي إلى أحد الأصناف المشار إليها بالفصل 1 من هذا القانون أن يبادر بتسجيله لدى الصندوق الوطني للضمان الإجماعي .

وتبقى يعض الإشكاليات مطروحة عند تنفيذ هذا القانون و خاصة منها

المتمثلة في عدم إقبال المشغل على التصريح لفائدة أجيره من عملة المنازل أو غيرهم نظرا لتعقد الإجراءات الإدارية عند التصريح و التخوف من عدم إستقرار العلاقة الشغلية في غياب عقد كتابي يربط بين الطرفين و يضمن حقوق كل طرف, كما هنالك بعض الإشكاليات المتمثلة في عدم إقبال الأجيرعلى دفع القسط من الإشتراكات المحمولة عليه قانونا و التي تثقل كاهله نظرا للحالة الإجتماعية و ضعف دخله.

و لكن رغم سعي المشرع لتأطير فئة عملة المنازل و منحهم التغطية الإجتماعية فإن هذا لا يقيم دليل على إرادة إخاعهم لمجلة الشغل و ذلك لإستقلالية ميدان التشريع الشغلي عن ميدان تشريع الضمان الإجتماعي و الامثلة في هذا الشأن متعددة كشأن الموظفين العموميين الذين يتمتعون بالتغطية الإجتماعية المتعلقة بالميدان العمومي و لا يخضعون إلى مجلة الشغل بما أنهم يخضعون إلى قانون الوظيفة العمومية.

و تسري هذه الملاحظة على العديد من الميادين العملية الاخرى التي و لئن يتمتع أصحابها بالتغطية الاجتماعية إلا انهم لا يخضعون حتما لمجلة الشغل.

و يستشف مما وقع طرحه أن هذه الفئة من العملة و لإن منحها القانون الحق في الحيطة الإجتماعية و الحق في التعويض في حوادث الشغل إلا ان أتها لا زالت تشك من التهميش خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار المعايير الدولية و هو ما سنتولى بسطه و المبحث الموالي

المبحث/ ب: تطور وضعية عملة المنازل على مستوى الدولي

تلعب معايير العمل الدولية، أي إتفاقيات وتوصيات منظمة العمل الدولية، دوراً هاماً في تصميم قانون العمل لعمال المنازل، وتمثل توجه رسمياً بشأن القوانين والسياسات المتعلقة بهذه الفئة.

إنعقد مؤتمر العمل الدولي لمنظمة العمل الدولية في سنة 2011 ووضع إتفاقية العمال المنزليين رقم 189 لسنة 2011 والتوصية المكملة لها رقم 201 . وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها منظمة العمل الدولية بوضع معايير عمل دولية مكرسة لهذه المجموعة من العمال،والمكونة في غالبيتها من النساء[20].

و تعتبر هذه الإتفاقية تاريخية، فإنها تعطي دفعة قوية لتعزيز وحماية حقوق العمال المنزليين في العمل من خلال و ضع إطار للتدابير والمبادئ التي يمكن الإسترشاد بها في العمل الرامي إلى سن القوانين و توجه السياسات والمؤسسات الوطنية المعنية.

و أصدرت المنظمة الدولية للعمل ” دليلا لوضع قوانين العمل ” بالنسبة لعملة المنازل.

ويركز هذا الدليل على قانون العمل كوسيلة لضمان الحماية الفعالة لعمال المنازل خاصة و أنه غالباً ما تكون تغطية قانون العمل لهذه الفئة ضعيفة أو معدومة.

و إهتم” دليلا لوضع قوانين العمل ” بوضعية العمال المهاجرين ففي كثير من البلدان، يقوم هؤلاء إلى حد كبير بالعمل المنزلي ويقيمون في غالب الأحيان في المنزل الذي يعملون فيه ويثار في هذه الحالة عدد من القضايا المحددة فيما يتعلق بترتيبات الإقامة، بما في ذلك الحاجة إلى تأمين ظروف معيشة لائقة، وترتيبات وقت عمل شفافة وعادلة، وحرية الحركة والاتصالات.

ووفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية، كان ما لا يقل عن 15 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و 17 سنة، منخرطين في العمل المنزلي سنة2008

فحثت منظمة العمل الدولية على تنظيم العمل المنزلي ومكافحة عمل الأطفال من خلال التشريعات المنا سبة.

ويتبين أن هناك مجموعة من البلدان التي اتخذت بالفعل خطوات تشريعية في تنظيم عمل عمال المنازل.

واوردة فرنسا المعايير الشاملة المتعلقة بالعمال المنزليين في اتفاق جماعي له قوة القانون و هو الاتفاق الوطني الجماعي للعاملين لدى أ صحاب عمل من الأفراد صادر بتاريخ 24 نوفمبر [21]1999 .

و يجعل الاتفاق الجماعي، من جهته، بعض أحكام قانون العمل تنطبق على عمال المنازل، على سبيل المثال، تلك المتعلقة بالعقود محددة المدة.

ويخضع هرلاء الخدمة في المناطق الريفية وعمال الحدائق والحرا س لاتفاق جماعي وطني منفصل عن الاتفاق الجماعي الوطني المؤرخ في 24 نوفمبر1999 كما يطبق قانون العمل العام والاتفاقات الجماعية القطاعية السارية، على توظيف عملة المنازل من قبل منشآت أو جمعيات.

و اهتم المشرع السوري بحقوق عملة المنازل العامة والخاصة و ذلك بالنص على القوانين الضامنة لحقوقهم و ذلك نظرا لظروفهم الخاصة و بوصفهم يعملون داخل المنازل و يطلعون على اسرار مخدوميهم و يتقاضون اجورهم طعاماً و لباساً و ايواء بالاضافة إلى مبلغ نقدي يومي أو شهري أو سنوي.

ولكن لايزال قانون العمل والتامينات الاجتماعية يعتبران خدم المنازل ومن في حكمهم ليسوا عمالا و غير خاضعين لاحكام القانونين.

لذا لايزال القانون المدني السوري هو القانون الضامن لحقوق هؤلاء الخدمة و الذي يفرض على الخادم تقديم تعويض مادي هو بمثابة الدين المدني العادي في ذمته في حالة الخدمة و يخضع هذا التعويض للتقدير قضائياً .

ويبقى صاحب الصلاحية الشاملة للنظر في أي نزاع حول ما يخصهم هو القضاء المدني السوري[22].

ويتجه المغرب إلى تنظيم عمل الخادمة و حمايتهم و يعتبر أن مشروع قانون “خادمات البيوت” يمثل خطوة إيجابية في طريق قوننة العمل في هذا المجال، وحماية خاصة عاملات المنازل.

ويوجب مشروع هذا القانون المقترح، توقيع خادمات البيوت والمربيات عقود عمل مع رب المنزل، كما يحدد رواتبهم بحد أدنى يتجاوز الـ50% من متوسط الأجر المعمول به في البلاد، والبالغ ألفي درهم مغربي؟

كما يعاقب القانون رب كل أسرة تشغل “خادمة” يقل عمرها عن 15 عاما، ويخصها بيوم راحة أسبوعًا، مع عطلة سنوية مدفوعة، إذا قضت في الخدمة 6 أشهر بشكل متصل[23].

خـــــــاتمة

إن المشرع التونسي لزم الصمت فيما يتعلق بعملة المنازل و لم يتعرض صراحة إلى مسالة خضوع هذا الصنف من العملة إلى أحكام فصول مجلة الشغل.

وقد يعود عدم تر سيخ العمل المنزلي في قانون الشغل إلى حد كبير إلى الطبيعة الخاصة جداً للعمل المنزلي وعلى وجه التحديد، إلى أنه ينفذ في منزل خاص، وغالباً في غياب زملاء العمل، و غياب أي تأطير عقدي و غياب أي

إشراف خارجي .

وقد يعود ذلك أيضا إلى كونه ينظر إلى العمل المنزلي على أنه خارج نشاط سوق العمل “المنتج “، لذى فهو غالبا ما يستبعد من تشريعات العمل والتوظيف، سواء بشكل وا ضح أو ضمني.

و يمكن للقانون أن يقدم مساهمة كبيرة لنقل عملة المنازل من ترتيبات العمل غيرالرسمية وغير المؤكدة في كثير من الأحيان إلى علاقات عمل رسمية.

والقانون هو الضامن الوحيد لحفظ الحقوق والاستحقاقات وتحديد التزامات الأطراف في علاقة العمل .

فتشكل التشريعات والسياسة التنظيمية الأدوات الأساسية للقضاء على الجوانب السلبية للصفة غير المنظمة في قطاع العمل المنزلي.

ويشكل توسيع نطاق تطبيق قانون العمل على العملة المنازل وسيلة هامة في إدراجهم ضمن الاقتصاد المنظم و لكن يبقى من الضروري تخصيصهم بقوانين تراعي طبيعة عملهم و ظروفهم الخاصة.

نظرا لأهمية هذه الفئة من العملة و الطلب المتزايد لهم فإنه نشأ حولهم حركية إقتصادية جديدة. فقد فرضت التحولات الاجتماعية لا سيما تلك المرتبطة بخروج المرأة إلى العمل وقضاء كامل اليوم خارج المنزل، تزايد الحاجة إلى وجود معينة منزلية تهتم بشؤون المنزل ويُعهد لها في الكثير من الاحيان بمهمة رعاية الاطفال.

و تحول السماسرة المشغلين في هذا القطاع من منطق الإستغلال القديم الفردي و العشوائي إلى منطق يمكن وصفه بالمحترف و شبه القانوني حيث إنتشرت مكاتب ووكالات و شركات خدمات و مناولت مستفيدة من الطلب المتزايد.

فأصبحت بعض الوكالات و السماسرة تعرض خدماتها لمساعدة الأسر في اختيار المرشحين للعمل، ومساعدة العمال المنزليين في العثور على وظيفة في قطاع عملة المنازل و خاصة المعينات المنزلية،

وهذا القطاع رغم الاقبال عليه وازدياد حاجة العائلات إلى خدماته ظل من القطاعات غير المقننة على منوال عملة المنازل نفسهم، مما فتح الباب للعديد من التجاوزات، بعضها يرتكب في حق المقبلين على خدماته والجزء الاكبر من التجاوزات يكون في حق العاملة.

و يبقى غياب شفافية المعاملات وعدم وضوح العلاقة الشغلية والاطر القانونية المنظمة والضامنة لشروط وحقوق عملة المنازل ولصلاحيات والتزامات اطراف الوساطة أي الشركات التي توفر هؤلاء العملة هو المتسبب الرئيسي في ظهوركل هذه التجاوزات.

و المطلوب اليوم للحد من التجاوزات في قطاع عملة المنازل هو ادراج القطاع ضمن قانون خاص والعمل على ابرام اتفاقيات مشتركة والتصدى لنشاط السمسرة في هذا القطاع وفرض الانتداب عن طريق مكاتب التشغيل التابعة للوكالة الوطنية للتشغيل