عدم المنافسة كشرط في عقد الشغل

الأستاذ خالد اليحياوي

إن تحرير الاقتصاد والتوجه نحو فتح السوق الداخلية أدى إلى اشتداد المنافسة سواء على المستوى الوطني أو الخارجي قصد الحصول على مكانة متميزة داخل السوق تسمح باستمرار المؤسسة .

ولئن أمكن حماية المؤسسة ضد المنافسة الغير مشروعة من خلال ضبط القواعد المنظمة لحرية المنافسة وترتيب الجزاء المناسب للممارسات الغير الشرعية التي من شأنها التأثير على القواعد المنظمة للسوق وذلك بوضع الإطار القانوني المنظم لحرية المنافسة وإحداث الهياكل المشرفة على حسن تطبيقه [1] إلا أن المؤسسة المشغلة قد تشهد شكلا آخر من المنافسة متأتي من أجرائها باعتبار أن العملة وخاصة منهم المختصين يكتسبون قدرا معينا من الخبرة والتجربة يؤهلهم إلى منافسة مؤجرهم سواء أثناء تنفيذ عقد الشغل أو بعد انقضائه .

من هنا لا بد من التمييز بين الواجب المحمول على العامل بعدم منافسة مؤجره أثناء قيام العلاقة الشغلية وبين شرط عدم المنافسة كبند عقدي يدرج في عقود الشغل يلتزم فيها الأجير بعدم منافسة مؤجره عند انتهاء العلاقة الشغلية.

إن واجب عدم المنافسة هو التزام قانوني محمول على الأجير والإخلال به يعرضه لعقوبات زجرية وتأديبية وبالفعل لقد قام المشرع التونسي بحماية المؤجر من منافسة أجيره في إطار قيام العلاقة الشغلية وذلك بأن حمّل هذا الأخير واجب الالتزام بالأمانة: بعدم إفشاء سر الصنع وبعدم المنافسة عن طريق فرض عقوبات زجرية لمن يفشي أسرار الصنع أو يطلع الغير عليها [2].

كما فرضت مجلة الشغل عقوبات تأديبية عند إفشاء سر مهني من أسرار المؤسسة أو عند قيام العامل بمنافسة غير مشروعة للمؤجر كاستعمال أموال المؤسسة لخاصة نفسه أو مشاركة الغير في مشروع منافس معتبرة ذلك من قبيل الخطأ الفادح المبرر للطرد [3] .

و تترتب مسؤولية العامل وحق التعويض للمؤجر إذا ارتبط العامل بعقد عمل مع مؤسسة ثانية دون أن يقطع عقد العمل مع المؤجر السابق (الفصل 262 من م.ش بالنسبة لتشغيل الأجانب والفصل 353 من م.ش بالنسبة لعقد التدريب ).

غير أن الإشكال ظلّ مطروحا عند قيام الأجير بمنافسة مؤجره بعد انقضاء عقد الشغل فبحكم انقطاع عقد العمل فانه مبدئيا يجوز للأجير القيام بمنافسة المؤجر السابق سواء بالالتحاق بمؤسسة منافسة أو بإنشاء محل منافس من هنا كان شرط عدم المنافسة الآلية التي اعتمدها المؤجرون في ضلّ التطور والمنافسة لحماية أنفسهم من الأجراء عند قطع العلاقة الشغلية.

يمكن تعريف الشرط لغة بأنه: “إلزام الشيء والتزامه في البيع ونحوه [4] وقد تناوله المشرع التونسي في م.ا.ع وعرفه في الفصل 116 “الشرط تصريح بمراد المتعاقدين وبموجبه يعلق وجود الالتزام أو انقضائه بأمر مستقبل غير متحقق الوجود والأمر المتحقق الوجود وقت التعاقد أو قبله لا يعد شرط ولو جهل المتعاقدان وجوده “.

والمنافسة لغة: نافست في الشيء منافسة الرغبة في الشيء والانفرادية[5].

والعقد لغة: هو العهد وقانونا هو التصرف القانوني وقد عدّد المشرّع أركانه في الفصل الثاني من م.ا.ع واعتبره المشرع في الفصل 242 من نفس المجلة يقوم مقام القانون بين المتعاقدين ومن هذا المنطلق فان تنفيذ العقد هو وفاء كل طرف بما التزم به وتحقيق لما وقع الاتفاق عليه مسبقا.

فعند إبرام عقد الشغل تبقى حرية العمل حق أساسي يجب حمايته من هنا كان إدراج شرط عدم المنافسة في عقد الشغل يقتضي تحقيق توازن بين حق الفرد في حرية الشغل وحق المؤجر في حمايته من المنافسة الغير مشروعة.

وهو ما يدفعنا للبحث في مدى شرعية شرط عدم المنافسة في عقود الشغل لان البحث في هذه المسألة هو بحث في مسألة التوازن في العلاقات الشغلية بين الأجير والمؤجر فمصلحة الأجير تقتضي رفض كافة القيود التي يمكن أن ترد على مبدأ حرية العمل باعتباره من الحقوق الأساسية للعامل، في حين أن مصلحة المؤسسة تقتضي إقرار قيود خاصة على حق العامل في العمل ومنعه من منافستها ضمانا لاستمرارية المؤسسة باعتبارها مصدر التشغيل وأداة النمو الاقتصادي[6].

فكيف تتجلى خصوصية شرط عدم المنافسة في عقد الشغل؟

تتجلى خصوصية شرط عدم المنافسة في عقد الشغل في طبيعته القانونية (الجزء الأول) وفي نظامه القانوني (الجزء الثاني).

الجزء الأول: الطبيعة القانونية لشرط عدم المنافسة في عقد الشغل
إن شرط عدم المنافسة في عقد الشغل يجب أن يقع تناوله لا في إطار القانون المدني العام فقط وإنما في إطار سياسة المشرع عند تناوله العلاقات الشغلية التي تتميز بالنزعة الحمائية للأجير والمستندة إلى فكرة النظام العام الاجتماعي الذي يجيز عدم تطبيق النص الآمر إذا كان في اتجاه مغاير لمصلحة العامل بينما يفرض تطبيقه إذا ما احتوى على حكم أنفع للعامل[7]

وهو ما يمكن استنتاجه من بعض الفصول القانونية كالفصل 31 من م.ش الذي مكّن من اعتماد شروط العقود الأكثر نفعا من شروط الاتفاقية المشتركة.

ولما كان شرط عدم المنافسة في عقد الشغل فيه تضييق لحرية العامل في العمل كان لا بدّ من تناول الأساس القانوني لصحة شرط عدم المنافسة في عقد الشغل (المبحث الثاني ) ولكن قبل ذلك لا بدّ من تناول مفهوم شرط عدم المنافسة في عقد الشغل (المبحث الأول).

المبحث الأول: مفهوم شرط عدم المنافسة في عقد الشغل

رغم أهمية إشكال شرط عدم المنافسة في عقد الشغل إلا أننا نلاحظ غياب تعريف له في عديد تشاريع العمل كالتشريع التونسي والمصري والفرنسي وغيره من التشاريع الأخرى، واختلافا في تعريفه في قوانين العمل المقارنة التي تناولته وهو ما سيدفعنا إلى أن نتناول بالدراسة تعريف شرط عدم المنافسة في عقد الشغل (الفقرة الأولى) والتمييز بينه وبين المؤسسات القانونية المشابهة (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى : تعريف شرط عدم المنافسة في عقد الشغل

يمكن القول أن تعريف شرط عدم المنافسة في القوانين المقارنة كان في بعضها تشريعيا (أ) وفي البعض الآخر فقه قضائيا (ب).

التعريف التشريعي لشرط عدم المنافسة:
في التشريع التونسي نلمس غياب نص في م.ش وفي الاتفاقية المشتركة الإطارية ينظم شرط عدم المنافسة في عقد الشغل إذ وقع الاكتفاء بتناوله في الاتفاقية القطاعية للكهرباء والإلكترونيك المصادق عليها بقرار من وزير الشؤون الاجتماعية في 15/09/1999 الذي تناول هذا الشرط في الفصل 44 منه بتحجير العمل على العمال لدى مؤسسة منافسة لمدة سنتين وفي شعاع 100 كلم .

هذا الغياب لتعريف قانوني في تشريع العمل التونسي لشرط عدم المنافسة في عقد الشغل دفع بالعديد من الحقوقيين إلى إيجاد الحلول القانونية لتنظيم هذا الشرط في م.ا.ع تحديدا في الفصل 118 الذي جاء فيه :”كل ما من شأنه أن يمنع أو يقيد على إنسان تعاطي ما له من الحقوق البشرية كحق التزوج ومباشرة حقوقه المدنية فانه باطل و به يبطل العقد ولا يجري هذا الحكم فيما إذا تعهد إنسان بعدم تعاطي تجارة أو صناعة معلومة في جهة أو مدة معينة”.

وفي الاعتماد على المواثيق العالمية مثل الفصل 23 من ميثاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان [8] والاتفاقية الدولية للتشغيل عدد 122 المتعلقة بسياسة الاستخدام والمنشورة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية والمصادق عليها بالقانون عدد 44 لسنة 1965 المؤرخ في 21/ 12/1965 والتي أحالت بدورها إلى الفصل 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المشار إليه أعلاه.

ومن خلال اللجوء إلى القوانين المقارنة التي تناولت وعرفت هذا الشرط إضافة إلى فقه القضاء المقارن وخاصة فقه القضاء الفرنسي.

من القوانين المقارنة التي عرفت شرط عدم المنافسة نجد القانون الفيدرالي السويسري في الفصل 340 الذي عرف شرط عدم المنافسة بأنه الشرط الذي يمنع العامل بعد انقضاء العقد من منافسة مؤجره السابق بأي شكل من الأشكال وخاصة باستغلال مؤسسة خاصة منافسة أو بالعمل لديها أو بالاهتمام بمصالحها هذا التعريف جاء موسّعا على خلاف بعض القوانين المقارنة الأخرى التي اعتمدت على تعاريف مضيقة منها قانون العمل بلكسمبورغ الذي عرف هذا الشرط بأنه تعهد العامل بالامتناع عن ممارسة نشاط مماثل إضرارا بمصالح المؤجر السابق وذلك بالانتصاب للعمل لحسابه الخاص.

ما يمكن استنتاجه هو أن شرط عدم المنافسة في عقد الشغل لم يلق تعريفا موحدا على مستوى القوانين المقارنة وإنما شهد اختلافا بحسب اختلاف درجة التوازن بين مصلحة العامل ومصلحة المؤسسة المؤجرة التي يسعى إلى تحقيقها المشرع فكلما امتد مجال حماية المؤسسة باعتبارها مصدر العمل فان تعريف شرط عدم المنافسة يتسع ليشمل كافة الصور في حين يشهد هذا التعريف تضييقا كلما اتسع مجال حماية العامل[9] .

التعريف الفقه قضائي لشرط عدم المنافسة:
في غياب تعريف في تشريع العمل التونسي لشرط عدم المنافسة في عقد الشغل اعتمد فقه القضاء التونسي في بعض أحكامه على فقه القضاء المقارن كالحكم الابتدائي عدد 39131 الصادر عن المحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 13/01/2005 الذي ورد في حيثياته أنه :

” وحيث وفي غياب فقه قضاء تونسي حول المسألة وأمام الاختلاف بين المتداعين حول تأويل الفصل 118 من م.ا.ع فانه من الضروري الرجوع إلى الفقه وفقه القضاء المقارن وبالتحديد إلى فقه القضاء الفرنسي للتماثل بين النظام القانوني التونسي والنظام القانوني الفرنسي لشرط عدم المنافسة في عقود الشغل “.

إن الفصل 118 من م.ا.ع حدد فيه المشرع مجال الامتناع في جهة أو مدة معينة وعليه فإطلاق شرط عدم المنافسة جغرافيا يرجعنا لمبدأ المنع الوارد بالفقرة الأولى من نفس الفصل مما يعني بطلانه.

ففي فقه القضاء الفرنسي سعى القضاة في أحكامهم إلى محاولة خلق توازن بين مبدأين

المبدأ الأول :

إن من حق المؤسسة أو المؤجر حماية مصلحته الشرعية باشتراط شرط يمنع الأجير بعد انتهاء العلاقة الشغلية من الانتصاب لمصلحته الخاصة أو أن يعمل لفائدة مؤسسة منافسة تمارس نفس النشاط منعا لإفشاء أسرار المؤسسة الأولى وحماية لمصلحتها الاقتصادية

والمبدأ الثاني :

أن يكون الشرط محددا من حيث الزمان والمكان حتى لا يحرم العامل من العمل لمدة طويلة وفي حيز جغرافي واسع [10].

من هنا يمكن القول أن شرط عدم المنافسة ولئن كان شرعيا من حيث المبدأ إلا أنه يجب أن يكون محددا من حيث الزمان والمكان.

إن المؤسسة القانونية لشرط عدم المنافسة في عقد الشغل تقترب وتتشابه مع مؤسسات قانونية أخرى تستوجب منا التعرض لها حتى نتمكن من ضبط الحدود بينهما (الفقرة الثانية ).

الفقرة الثانية: التمييز بين شرط عدم المنافسة والمؤسسات القانونية المشابهة

سعى المشرع التونسي كغيره من المشرعين في القوانين المقارنة إلى حماية المؤسسة من المنافسة الغير شرعية المتأتية من الغير.

والغير هو كل شخص خارج عن المؤسسة وهو ما يسمح باعتبار الأجير بعد انقضاء عقد شغله مع المؤسسة غيرا بالنسبة لها وتبعا لذلك يمكن أن يحدث تداخل بين المؤسسات القانونية التي تهدف إلى حماية المصالح الشرعية للمؤسسة كالمنافسة الغير مشروعة ومسألة الاستقطاب ومفهوم تواطأ الغير وشرط عدم المنافسة في عقد الشغل .

أ- شرط عدم المنافسة في عقد الشغل والمنافسة الغير مشروعة:

لقد تناول الفصل 92 من م.ا.ع مسألة المنافسة الغير مشروعة عندما نص على أنه “يسوغ القيام بالخسارة مع المطالبة لدى المحاكم الجزائية في ما إذا وقعت مزاحمة مبنية على المكر والخديعة “.

يتضح من خلال هذا الفصل أن جريمة المنافسة الغير مشروعة تستوجب توفر الركن المادي والمتمثل في القيام بفعل غير شرعي أساسه الخديعة والمغالطة وركن معنوي وهو القصد في إلحاق ضرر بشخص آخر أو مؤسسة تمارس نفس النشاط أو نشاطا مماثلا.

ومن صور المنافسة الغير مشروعة استعمال اسم أو علامة متشابهة دالة على صانع أو تاجر معين أو إضافة كلمة أو عبارات إلى اسم منتوج تجعل المستهلك يعتقد بصحة ومطابقة المنتوج…

إن المنافسة الغير مشروعة تعتبر جنحة توجب التعويض والعقاب وتجيز للمتضرر القيام مدنيا وجزائيا فهي فعل مخالف للقانون بقصد إلحاق الضرر بالغير وهي ضرب من ضروب المسؤولية التقصيرية في حين أن شرط عدم المنافسة في عقد الشغل هو امتناع الأجير عن القيام بأعمال مشروعة بانتهاء العلاقة الشغلية حماية لمصالح المؤسسة وهو ما يثير المسؤولية العقدية للأجير .

ب- شرط عدم المنافسة واستقطاب أو استجلاب أجراء المؤسسات المنافسة:

إن سعي المؤسسات لتنمية قدراتها الإنتاجية يستوجب وجود كفاءات بشرية قادرة على تحسين نسق الإنتاج ونوعيته وهو ما يجعل المؤسسة تسعى إلى استقطاب عملة وإطارات ذوي كفاءات عالية وخبرة طويلة وقد يطرح الإشكال عندما يوجه هذا السعي إلى استقطاب أجراء المؤسسات المنافسة وهو ما يثير إشكالا قانونيا حول مدى شرعية هذه الممارسة .

فلئن كان من حق المؤسسة تقديم عروض مالية هامة لذوي الخبرات لضمهم إليها واستقطابهم إلا أن من واجبها أن تتحرى من أن يكون العامل المراد انتدابه حل من التزامات مهنية مع مؤسسات منافسة.

فاستقطاب العاملين بالمؤسسات المنافسة يعتبر من التصرفات القانونية لتحقيق غاية غير مشروعة في حين أن في شرط عدم المنافسة يكفي مخالفة العامل لمقتضيات الشرط التعاقدي دون حاجة للبحث في مدى شرعية التصرف [11] .

ج- شرط عدم المنافسة وتواطؤ الغير:

إن الأصل في الالتزامات العقدية أنها لا تلزم إلا المتعاقدين ومن انجر له حق منهما عملا بمبدأ الأثر النسبي للعقود غير أنه وفي إطار قانون الشغل إذا كان المؤجر وهو أجنبي عن العقد عالما بوجود الالتزام العقدي واستمراره ومع ذلك قبل التعاقد فانه يكون متواطئا و مسؤولا عن الضرر اللاحق بالمتعاقد الآخر وقد نظم المشرع التونسي هذه المسألة بالفصل 26 من م.ش ” يعتبر المؤجر الجديد متضامنا في المسؤولية مع العامل الذي قطع بصفة تعسفية العمل بعقد الشغل والذي عرض من جديد خدماته عن الضرر الملحق بالمؤجر السابق في صورة علمه بان هذا العامل كان عاملا عند الأول “.

إن الفرق بين شرط عدم المنافسة وتواطؤ الغير هو أن هذا الأخير يفترض ثبوت العلم المسبق للمؤجر الجديد بوجود العلاقة الشغلية وتضامنه في المسؤولية مع العامل في حين أن لا مسؤولية بالنسبة للمؤجر الجديد عند مخالفة العامل لشرط عدم المنافسة .

إن غياب تعريف لشرط عدم المنافسة وعدم تناوله في إطار تشريع العمل يدفعنا للبحث عن مدى صحة وشرعية شرط عدم المنافسة في عقد الشغل (المبحث الثاني )

المبحث الثاني: مدى شرعية شرط عدم المنافسة

إن البحث في مدى شرعية شرط عدم المنافسة في عقد الشغل هو بحث في مسألة خلق توازن في العلاقات الشغلية بين مصلحة الأجير وحقه في العمل وبين مصلحة المؤسسة وحمايتها من أجرائها السابقين الذين قد يعمدون إلى الإضرار بها بعد انتهاء العلاقة الشغلية وهو بحث أيضا في خلق توازن بين مبدأ سلطان الإرادة والقوة الملزمة للعقد من ناحية وبين احترام خصوصية قانون الشغل لارتباطه بالنظام العام الاجتماعي[12].

هذا البحث يستوجب منا معرفة القواعد القانونية المنظمة لهذه المسألة التي تتسم بالمحدودية على مستوى الأحكام العامة للقانون (فقرة أولى ) وإمكانية إيجاد إطار لها في قانون الشغل لتبرير شرعية هذا الشرط (فقرة ثانية).

فقرة أولى : محدودية شرعيته المستمدة من الأحكام العامة للقانون

إن إدراج شرط عدم المنافسة في عقود الشغل دون تقييد زمني وجغرافي يعتبر مخالفا لأحكام الدستور وللميثاق العالمي لحقوق الإنسان وللاتفاقية الدولية لمنظمة العمل الدولية عدد 122 المتعلقة بسياسة التشغيل.

فالدستور يكرس الحق في العمل ومن هذا المنطلق لا يمكن أن يمنع إنسان من ممارسة هذا الحق وتكريس شرط عدم المنافسة بدون تقييد يؤدي إلى حرمان العامل من ممارسة حقه الطبيعي في العمل من هنا كان التعسف في استعمال هذا الشرط وإطلاقه بدون تقييد زمني وجغرافي باطل.

كما كرست الاتفاقيات الدولية هذا الحق في العمل مثل الفصل 23 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان و الاتفاقية الدولية لمنظمة العمل[13] .

وتعتبر الاتفاقيات الدولية أعلى رتبة من القوانين العادية كما نص على ذلك الفصل 32 من الدستور التونسي المعلق حاليا من هنا يمكن إبطال شرط عدم المنافسة في عقد الشغل الذي يؤدي إلى الحرمان من حق العمل بالاعتماد على علوية الدستور والاتفاقيات الدولية على القوانين العادية ومن ثم فلا يمكن التمسك بمقتضيات الفصل 242 من م.ا.ع والذي يعتبر اتفاق الطرفان يقوم مقام القانون.

هذا التمشي اعتمدته محكمة تونس في حكمها الابتدائي عدد 39131 الصادر بتاريخ 13/01/2005 عندما اعتبرت أن إدراج شرط عدم المنافسة دون تقيد بمعايير من شأنها حماية مصالح العامل يتعارض مع أحكام الدستور والميثاق العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية لمنظمة العمل الدولية رقم 122 المتعلقة بسياسة التشغيل إذ ورد في إحدى حيثياته :

“وحيث أن منع المدعي من العمل بكامل تراب الجمهورية ولمدة خمسة سنوات سيحرمه من حق العمل الذي ضمنه له الدستور بالديباجة والميثاق العالمي لحقوق الإنسان بفصله 23 والاتفاقية الدولية للتشغيل عدد 122 المتعلقة بسياسة الاستخدام والمنشورة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية والمصادق عليها بالقانون عدد 44 لسنة 1965 المؤرخ في 21/12/1965 والتي أحالت بدورها إلى الفصل 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المشار إليه أعلاه “.

أما الفصل 118 من م.ا.ع والذي يعتبر السند القانوني الذي عادة ما يقع الرجوع إليه في تحديد شروط وقيود شرط عدم المنافسة فانه يمكن القول أن هذا الفصل أقر بوجود نوعان للشرط إما تعليقي أي يتوقف نشوء الالتزام على تحقق الشرط وإما فسخي زوال الالتزام بتحقق الشرط وقد عرفه الأستاذ محمد المالقي : “إن تعليق الالتزام نشوءا أو زوالا يقتضي التقييد ففي صورة تولد الالتزام ينعت الشرط بالتعليقي وفي صورة الانقضاء ينعت بالفسخي “[14].

وبالتالي وحسب القاضي عصام الأحمر الذي أسانده هذا الرأي فإن:” ميدان تطبيق أحكام الفصل 118 من م.ا.ع يجب أن يبقى في إطار الشرط التعليقي والشرط الفسخي ومن أمثلة ذلك أن يعلق نشوء الالتزام أو انقضائه على امتناع المتعاقد عن ممارسة تجارة أو صناعة معلومة في جهة أو مدة معينة كأن يشترط مالك المحل على المتسوغ الامتناع عن ممارسة تجارة معينة أو صناعة معلومة بالمكرى أو أن يشترط مشتري الأصل التجاري على البائع الامتناع عن ممارسة نفس النشاط الذي كان يمارسه بالأصل التجاري موضوع البيع لمدة معينة أو بجهة محددة فيكون الشرط في الصورة الأولى معلقا لنشوء الالتزام في حين يكون في الصورة الثانية مزيلا للالتزام[15] .

إن التوسع في ميدان تطبيق الفصل 118 من م.ا.ع ليشمل شرط عدم المنافسة في عقد الشغل يعتبر خروجا عن مقاصد النص مما يتجه معه استبعاد أحكام هذا الفصل ومحاولة البحث عن شرعية له في إطار قانون الشغل موضوع (الفقرة الثانية ).

الفقرة الثانية: محاولة تبرير شرعيته من خلال قانون الشغل

إن قانون الشغل يشمل جميع القواعد والأحكام القانونية والاتفاقيات المنظمة للعلاقات المهنية باستثناء ما تعلق منها بالوظيفة العمومية أي أن الأحكام القانونية لتشريع العمل تشمل القواعد الواردة بمجلة الشغل وبالقوانين الأساسية الإطارية أو الخاصة والاتفاقيات المشتركة (عقود العمل الجماعية ) وعقود العمل الفردية .

إن المفاضلة بين هذه القواعد تخضع لقاعدة “الإعمال بما هو أنفع للعامل “.

ذلك أن تفسير قانون الشغل يكون بالاعتماد على كافة أحكامه مهما اختلفت مصادرها باعتبارها تشكل وحدة مستقلة تكمل بعضها البعض وتخضع لمبدأ التفسير حسب الحكم الأنفع للعامل[16].

فتشريع الشغل يمثل مجموعة القواعد الآمرة المنظمة للحقوق الدنيا للأجير والتي يمكن بموجب الاتفاقيات الجماعية أو الفردية الإضافة إليها ولما كانت الاتفاقيات القطاعية المشتركة توفر حظوظا أوفر للعامل كانت الأكثر تطبيقا قضائيا مما جعل الإعمال بقواعد مجلة الشغل يتراجع لصالح الاتفاقيات القطاعية التي أحدثت توازنا في العلاقات الشغلية بين الأجير والمؤجر وقد اعتبر الأستاذ حاتم قطران أن “قانون الشغل ليس سوى فرع من فروع القانون الاقتصادي المحدد لنوع من التوازن في العلاقات الاجتماعية “ [17].

لكن ما يلفت الانتباه ورغم تزايد الاتفاقيات القطاعية التي تجاوزت 51 ورغم أهمية إشكال شرط عدم المنافسة في عقد الشغل لما من شأنه من أن يقيد حرية العامل إلا أننا نلمس فراغ تشريعي على مستوى تشريع العمل التونسي باستثناء وحيد وهو الفصل 44 من الاتفاقية القطاعية للكهرباء والإلكترونيك الشيء الذي يدفعنا للتساؤل هل بالإمكان أن يعتمد فقه القضاء على أحكام الفصل 44 لتحديد الشروط الأساسية لصحة شرط عدم المنافسة في عقود الشغل من حيث المدة (سنتين ) ومن حيث الامتداد (100 كلم ) ؟.

الجزء الثاني:النظام القانوني لشرط عدم المنافسة في عقد الشغل

إن تحديد النظام القانوني لشرط عدم المنافسة في عقد الشغل يستوجب منا البحث في شروط صحته (مبحث أول) ثم التطرق إلى مسألة التقاضي بخصوص شرط عدم المنافسة (مبحث ثاني).

المبحث الأول: شروط صحة شرط عدم المنافسة في عقد الشغل

كما سبق أن أشرنا في الجزء الأول هناك غياب لنص قانوني ينظم مسألة شرط عدم المنافسة في إطار م.ش والاتفاقية المشتركة الإطارية ولم يقع التعرض لهذا الشرط إلا في إطار اتفاقية واحدة وهي الاتفاقية المشتركة للكهرباء والإلكترونيك والتي جاء في فصلها 44 “الإطارات وأعوان التسيير المنتدبون بصفة قارة والذين غادروا المؤسسة بصفة تلقائية لا يمكنهم العمل لدى مؤسسة منافسة أو الانتصاب لحسابهم الخاص لممارسة نفس النشاط لمدة سنتين من تاريخ المغادرة وفي حدود المنطقة الترابية الممتدة على 100 كلم من مركز العمل كما تنطبق هذه الأحكام على المتقاعدين “.

هذا الغياب لقاعدة قانونية تنظم هذه المسألة جعل من هذا الشرط خاضعا لإرادة الأطراف في عقد الشغل تحت رقابة القضاء وذلك لغاية إحلال توازن بين طرفي العلاقة الشغلية[18] من هنا كان لا بد أن يكون هذا الشرط خاضعا لشروط مضبوطة حتى يكون صحيحا ويمكن تصنيف هذه الشروط إلى شروط عامة (فقرة أولى) وشروط خاصة (فقرة ثانية ).

فقرة أولى: الشروط العامة

يفترض إدراج شرط عدم المنافسة في عقد الشغل وجود شروط تنظمه وفي غيابها يبطل هذا الشرط.

ما يمكن قوله في هذا الإطار أنه إذا ما اعتمدنا على الفصل 118 من م.ا.ع فإن هذا الأخير يوجب توفر أحد شرطين إما أن يقع التحديد زمنيا أو مكانيا بمعنى أن توفر أحد الحدين يكفي لصحة شرط عدم المنافسة من هذا المنطلق يكون الحكم الابتدائي المشار إليه سالفا عدد 39131 قد حمل النص ما لا يتحمله عندما أكد على أن شرط عدم المنافسة يقتضي التقييد من حيث الزمان والمكان وهذا مخالف لأحكام الفصل 118 الذي يكتفي بتوفر أحد الشرطين.

من هنا لا بد من البحث عن الشروط العامة لهذا الشرط خارج إطار الفصل المذكور وذلك بالقول بأنه يجب أن تتوفر ثلاثة شروط متلازمة تتمثل في حد زمني (أ) وحد جغرافي (ب) وحد متعلق بنطاق العمل (ج).

الحد الزمني :
لما كان حق العمل حق دستوري نادت به جل دساتير العالم وأقرته المواثيق العالمية والإقليمية لما للعمل من أهمية كبرى في حياة الإنسان سواء من الناحية المادية أو المعنوية أو الاجتماعية سعى المشرع التونسي كغيره من المشرعين إلى حماية هذا الحق إذ نص في م.ا.ع تحديدا في الفصل 833 في م.ا.ع ” الإجارة على مدة حياة الأجير أو على مدة طويلة جدا بحيث يموت الأجير فيها باطلة”.

إن الإشكال المطروح في غياب نص تشريعي يحدد المدة القصوى لإعمال شرط عدم المنافسة جعل من سلطة القاضي تقديرية في تحديد المعايير التي يمكن أن يعتمدها في ضبط المدة هل يعتمد على نشاط العامل وما يمكن أن يحدثه انتقاله لمؤسسة منافسة من أضرار أم يعتمد على تصنيفه المهني أو غير ذلك من المعايير.

هناك قوانين حسمت المسألة من بينها القانون البلجيكي المؤرخ في 03/07/1978 والذي حدد المدة في الفصل 65 بـــ 12 شهرا، والقانون السويسري في الفصل 340 من مجلة الالتزامات السويسرية الذي أباح شرط عدم المنافسة ولكن على أن لا تتجاوز مدته القصوى 3 سنوات إلا في حالات جدّ خاصة .

يمكن القول وأنه وفي غياب نص تشريعي في القانون التونسي واعتمادا على الفصلين 147 و 148 من م.ش الذي يقر مبدأ سقوط كافة الدعاوي بين المؤجرين والعمال بمرور عام ابتداء من تاريخ انتهاء العلاقات الشغلية فان حق المؤجر في القيام بالدعوى ضد الأجير وان استند إلى شرط عدم المنافسة فانه يسقط بمضي عام من تاريخ انتهاء علاقات الشغل وبالتالي فان مدة إعمال شرط عدم المنافسة لا يمكن أن يتجاوز سنة من تاريخ إنهاء العلاقة الشغلية .

ب- الحد الجغرافي:

أقرت عديد القوانين المقارنة ضرورة توفر شرط الحد الجغرافي كأساس لصحة شرط عدم المنافسة مثل القانون السويسري الفصل 340 والقانون البلجيكي الفصل 65 من قانون 1978 وقانون لكسمبورغ الفقرة الثالثة من الفصل الثالث.

بالنسبة للبلدان التي لم تتبنى تشريعا واضحا فان الإشكال المطروح كيف يمكن تحديد معايير دقيقة للحدود الترابية ؟ وما يزيد الأمور تعقيدا هو التطور الذي يشهده نشاط المؤسسة فضلا عن تغير مفهوم العمل.

إن تطور حجم المؤسسة قد يؤدي إلى إحداث فروع خدمة لمصالحها واكتساحا للسوق وإدراج شرط عدم المنافسة قد يؤدي “إلى حرمان العامل من أكبر فرص العمل وقد يؤول أحيانا إلى حرمانه من ممارسة نشاطه المهني لامتداد المجال الجغرافي لنشاط المؤجر السابق “[19].

إن تطور العلاقات المهنية أفرز أنماطا جديدة للعمل لا تعترف بالحدود الجغرافية مثل العمل عن بعد باستعمال تقنيات الاتصال الحديثة (Télé travail ) كما أن العمل بالمنزل يسمح للعامل من مباشرة نشاطه بعيدا عن المنطقة الترابية مما قد يضر بالمؤجر السابق دون أن يكون الأجير قد أخل بالحد الجغرافي المضبوط بشرط عدم المنافسة.

“إن القيود المتعلقة بالحد الجغرافي لصحة شرط عدم المنافسة فقدت اليوم الكثير من أهميتها بل أصبحت من المسائل النظرية المنعدمة الآثار من الناحية العملية”[20].

ذلك أن الفائدة من إدراج هذا الشرط هو من ناحية حماية المؤجر السابق للعامل من استغلال هذا الأخير لقدراته وللخبرة التي اكتسبها بشكل يضر بمصالح المؤسسة التي كان ينتمي إليها ومن ناحية أخرى حماية الأجير بتحديد الحيز الجغرافي لأن إدراج مثل هذا الشرط مع ما يمكن أن يشهده تطور نشاط المؤسسة من انتشار جغرافي من شأنه أن يضر بمصالح الأجير.

ج- الحد المتعلق بنطاق العمل :

كرّس الفقه وفقه القضاء ضرورة تحديد الأعمال التي يتعين على الأجير عدم مباشرتها بعد انقضاء عقد الشغل وإلا اعتبر شرط عدم المنافسة باطلا لأنه في هاته الصورة يعتبر هذا الشرط تعديا على حقه في العمل .

من الصور التي عادة ما نجدها في شرط عدم المنافسة منع الأجير بعد انتهاء العلاقة الشغلية من التعامل مع حرفاء المؤجر السابق كذلك منع العامل من استخدام تقنيات خاصة بالمؤسسة السابقة في عملية الإنتاج وذلك ضمانا لاستمرار نشاط المؤسسة .

رغم أن هذا التحديد لنطاق العمل قد يتراءى لنا للوهلة الأولى قادرا على إحداث توازن بين مصلحة الأجير من ناحية ومصلحة المؤجر من ناحية أخرى إلى أن الإشكال الذي يطرح نفسه ماذا لو التحق أجير بمؤسسة غير منافسة وقتية (مؤسسات العمل الوقتي) وتتولى هاته الأخيرة توجيهه إلى إحدى المؤسسات المنافسة لمؤجره السابق ؟

في هذه الحالة يتعذر إثارة مسؤولية الأجير لانتفاء العلاقة الشغلية بين الأجير والمؤسسة المستخدمة له أي المستفيدة من العمل والتي تعتبر منافسة لمؤجره لأن علاقة التبعية تربطه بالمؤسسة الأولى التي تعتبر منافسة لمؤجره السابق .

الفقرة الثانية: الشروط الخاصة لشرط عدم المنافسة في عقد الشغل

إن الشروط الخاصة هي الشروط المتممة والتي من شأنها المساهمة في إحداث التوازن بين مصلحة طرفي العقد.

هذه الشروط لا يؤدي غيابها في العقد إلى بطلان شرط عدم المنافسة ومن هذه الشروط نجد المقابل المالي لشرط عدم المنافسة (أ) لا عمل على شرط عدم المنافسة في صورة الطرد التعسفي (ب) اقتران شرط عدم المنافسة بشرط تغريمي (ج) .

أ- المقابل المالي لشرط عدم المنافسة:

لما كان تعهد الأجير بالامتناع عن ممارسة نفس النشاط المهني السابق من شأنه الحدّ من فرص عمله وبالتالي التأثير على موارده المالية أكدت العديد من القوانين المقارنة حق العامل في التمتع بمنحة مالية عند وجود شرط عدم المنافسة وتدفع هذه المبالغ المالية عند انتهاء العلاقة الشغلية كحافز للأجير للامتثال بالتزاماته تجاه مؤجره السابق مما يحقق منافع لهذا الأخير من ناحية ويمنح العامل تعويضا ماليا يساعده على مجابهة الصعوبات التي ستعترضه في البحث عن العمل .

ورغم أن هدا الشرط يبقى شرطا خاصا في عديد التشاريع المقارنة إلا أنه ونظرا لأهميته في تعويض العامل عما قد يلحق به من أَضرار عند التزامه بشرط عدم المنافسة اعتبره فقه القضاء الفرنسي من الشروط العامة التي تؤدي إلى بطلان شرط عدم المنافسة عند غيابه .

لا عمل على شرط عدم المنافسة في صورة الطرد التعسفي:
قد يعمد بعض المؤجرين إلى اشتراط شرط عدم المنافسة في عقود الشغل بعد انتهاء العلاقة الشغلية ثم يقومون بطرد الأجير دون سبب حقيقي وجدي للطرد مما يجعل هذا الأخير في موقف صعب فهو مطالب بالامتثال لهذا الشرط ومن ناحية أخرى قد فقد عمله دون ارتكابه لخطأ يبرر طرده لهذا فمن الضروري التنصيص بالعقد على انه لا عمل على شرط عدم المنافسة في صورة الطرد التعسفي وهو ما يمكن الأجير من تلافي الآثار السلبية للطرد التعسفي [21] .

ج- اقتران شرط عدم المنافسة بشرط تغريمي:

يمكن اتفاق المتعاقدين وقت إبرام العقد على مبلغ تعويضي يدفع للطرف الآخر عند الإخلال بالالتزامات التعاقدية وهو ما يعرف بالشرط التغريمي أو الجزائي وقد عرّفه الفقيه محمد المالقي بكونه “عبارة عن مبلغ من المال يتفق عليه متعاقدان حين التعاقد كشرط لزومي لتعويض الخسارة المتوقعة من عدم الوفاء أو من تأخيره”.[22].

هذا الشرط التغريمي عادة ما يعتمده المؤجر حماية لمصالحه فيحمل الأجير عند الإخلال بشرط عدم المنافسة بعد انقضاء عقد الشغل دفع مبلغا ماليا كجزاء على عدم وفائه بتعهده.

هذا الشرط التغريمي يمكن المؤجر من الحصول على تعويض عند إخلال الأجير بتعهده بعدم منافسته بانتهاء العلاقة الشغلية بمجرد إثبات إخلال العامل بشرط عدم المنافسة دون حاجة لإثبات قيمة المضرة وذلك لأن المبلغ محدد في العقد .

إن الشرط التغريمي في عقد الشغل يثير عديد الصعوبات القانونية أهمها مسألة التناسب بين القيمة الحقيقية للضرر ومبلغ التعويض وهو ما أدّى إلى وجود اختلاف بين الهيئات القضائية حول إمكانية تعديل الشرط الجزائي من طرف القاضي وحول مدى مشروعية هذا الشرط .

لقد أكدت محكمة التعقيب في قرارها عدد 8571 الصادر بتاريخ 06/06/2001 “أن إدراج شرط تغريمي في عقد الشغل أمر يتجافى وخصوصية العقد المذكور باعتبار أن الطرفين غير متساويين لأن المؤجر هو الذي يفرض شروطه وتقتصر إرادة الأجير على الإذعان لتلك الشروط أو ر فض العمل”

وسواء توفرت جميع الشروط العامة في شرط عدم المنافسة أو لم تتوفر فان الخلافات عادة ما تقود أطرافها إلى التقاضي .

المبحث الثاني: التقاضي بخصوص شرط عدم المنافسة

ما يمكن ملاحظته هو قلة الحالات المرفوعة أمام القضاء المتناولة لشرط عدم المنافسة في عقد الشغل وهذا ما يجعلنا نجهل موقف فقه القضاء بصفة واضحة من هذه المسألة ذلك أن وجود مثل هذا الشرط في عقود الشغل شهد تطورا في السنوات الأخيرة ولعلّ هذا سيكون دافعا أمام القضاء لإيجاد حلول تنظم هذه المسألة في صورة إذا ما ظلّ هناك فراغ تشريعي يحيط بها.

إن تناول مسألة التقاضي تدفعنا إلى أن نتعرض بالدرس في (فقرة أولى) إلى أنواع الدعاوي الممكنة وفي (فقرة ثانية) إلى الاختصاص القضائي .

الفقرة الأولى : الدعاوي المرتبطة بشرط عدم المنافسة

يمكن القول وفي أغلب الحالات أن الدعاوي المتعلقة بشرط عدم المنافسة أما أن تكون بطلب من الأجير وعادة ما تأخذ شكل دعوى في الإبطال (أ) وإما أن تكون بطلب من المؤجر وفي جل الحالات تكون في شكل دعوى تعويض (ب).

دعوى الإبطال:
إذا ما كان شرط عدم المنافسة في عقد الشغل مضرا بمصالح الأجير ومخلا بالتوازن بين طرفي العقد كأن تكون المدة المحددة في العقد مدة طويلة أو أن يكون الحد الجغرافي شاملا لمناطق عدة بشكل يعسر معه إيجاد فرص عمل جديدة لمدة طويلة يمكن للأجير أن يقوم برفع دعوى في إبطال شرط عدم المنافسة وهذا ما ذهبت إليه محكمة تونس في حكمها عدد 39131 الصادر بتاريخ 13/01/2005 والذي اعتبرت فيه المحكمة أنه “ولئن كان الشرط موضوع طلب الإبطال محددا من حيث الزمان (5 سنوات ) إلا أنه لم يكن محددا من حيث المكان ضرورة أنه ثبت بالإطلاع على العقد سند الدعوى أنه منع على المدعي العمل بكامل تراب الجمهورية وبالتالي فقد تخلف أحد الشرطين المتلازمين.

ما يمكن ملاحظته أن المحكمة الابتدائية تعسفت على النص الذي اعتمدته كسند قانوني لتحديد شروط صحة شرط عدم المنافسة وهو الفصل 118 الذي سبق التطرق إليه .

إن الإشكال المطروح هو أن البطلان المطلق يكون حسب الفصل 325 من م.ا.ع في حالتين وهما خلو الالتزام من ركن من أركانه وتصريح القانون ببطلانه ومن ثم يتعذر إخضاع شرط عدم المنافسة إلى أحكام البطلان المطلق.

لقد تفطنت بعض القوانين المقارنة إلى هذه الصعوبة فأقرت صراحة أن بطلان شرط عدم المنافسة في عقد الشغل يكون نسبيا باعتبار أن الغاية من تقرير البطلان هي حماية حق الأجير في العمل فإذا كانت الغاية من إقرار شرعية شرط عدم المنافسة هي حماية مصالح المؤسسة والمؤجر فإن الغاية من تقييد هذا الشرط هي حماية مصالح الأجير .

وعلى خلاف البطلان المطلق فان البطلان النسبي والمعبر عليه في إطار م.ا.ع بالفسخ (330 من م.ا.ع وما يليها ) يقع إثارته من قبل الشخص المعني بالحماية لأنه لا يهم النظام العام.

ومع ذلك فإن شرط عدم المنافسة لا يستجيب لخصوصية النظام القانوني للبطلان النسبي للأسباب التالية:

إن البطلان النسبي يتسلط كجزاء للتكوين الغير السليم للعقد في حين أن شرط عدم المنافسة يتعلق لا بسلامة العقد من حيث تكوينه وإنما بتنفيذ بنوده.
إن الصور المنصوص عليها في الفصل 330 من م.ا.ع تتعلق بحماية القاصر وضمان سلامة رضاء المتعاقد في حين أن شرط عدم المنافسة وإن كان مجحفا إلا أنه لا يعيب الرضاء ولا يؤثر على الأهلية .

اعتبارا لعدم ملائمة شرط عدم المنافسة في عقد الشغل للنظام القانوني للبطلان النسبي ارتأت بعض القوانين المقارنة تجنب نظرية البطلان وإقرار سلطة القاضي في التدخل في العقد لمراجعة شروط صحة شرط عدم المنافسة والتضييق منه بما يتناسب وحماية مصالح العامل والمحافظة على حقه في العمل مثل القانون البلجيكي .

هذا الحل هو محاولة لإقرار نظرية التوازن في العقد بين مصالح طرفي التعاقد ذلك أن وجود التزامات متبادلة بين الطرفين تقتضي بالضرورة خلق معادلة يقع فيها تجنب عدم الإجحاف بمصالح الطرف على حساب الطرف الآخر من هنا كان تدخل القاضي ضروري لتعديل شروط العقد كي لا يتحول مبدأ سلطان الإرادة وحرية التعاقد وسيلة للإضرار بالطرف الآخر .

ففي فرنسا وفي غياب نص قانوني يعطي للقاضي سلطة تعديل شروط العقد أقر فقه القضاء الفرنسي مبدأ تدخل القاضي لتحديد وتضييق شرط عدم المنافسة في عقد الشغل بما يتماشى ويسمح للعامل من ممارسة نشاط مهني يتماشى مع تكوينه وتجربته.

أما فقه القضاء التونسي ولئن ارتأى في بعض أحكامه الاعتماد على نظرية البطلان لفصل النزاع فان هذا لا يمنع من أن يمارس القاضي رقابته على شرط عدم المنافسة وأن يعدل من بنوده وهذا ما ذهبت إليه محكمة التعقيب في قرارها عدد 8571 السالف الذكر عندما اعتبرت أن وجود شرط تغريمي مسلط على العامل في عقد الشغل إذا لم يفي بتعهده بالالتزام بشرط عدم المنافسة غير شرعي لخصوصية عقد الشغل ولوجود طرف ضعيف في هذا النوع من العقود المعروفة بعقود الإذعان.

لقد سبق أن أقر القضاء التونسي سلطة القاضي في التدخل لتعديل الشرط التغريمي إذا تبين له أن هذا الشرط مجحف بمصالح أحد المتعاقدين[23].

ب- دعــــــوى التعويـــض:

إن استيفاء شرط عدم المنافسة لشروط صحته يجعله ملزما للطرفين ويترتب عن الإخلال به حق المطالبة بالتعويض.

وتبعا لذلك إذا لم يف الأجير بتعهده بشرط عدم المنافسة بعد انتهاء العلاقة الشغلية فإن للمؤجر الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه .

وعلى خلاف القواعد العامة في المسؤولية العقدية فإن الإخلال بشرط عدم المنافسة لا يؤدي حتميا إلى التعويض ذلك أن المؤجر مطالب بإثبات الضرر ليكون التعويض متناسبا ومتماشيا معه وهنا يجب التمييز بين صورتين .

الصورة الأولى: اقتران شرط عدم المنافسة بشرط تغريمي

يمكن أن يقع الاتفاق زمن التعاقد على المبلغ الذي يلتزم الأجير بدفعه للمؤجر بعنوان تعويض عن الإخلال بشرط عدم المنافسة ولئن ذهبت محكمة التعقيب في بعض القرارات إلى أن إدراج مثل هذا الشرط التغريمي يتجافى وخصوصية عقد الشغل [24] فإن الفقه وفقه القضاء في جانب كبير منه أقرا شرعية الشرط التغريمي في عقد الشغل “باعتبار أن الشرط التغريمي يعفي الدائن من إثبات الضرر إذ ليس عليه سوى إثبات عدم الوفاء الذي تقوم بمقتضاه قرينة على حصول الضرر ” [25]

في حين أن التعويض عن الإخلال بشرط عدم المنافسة بدون وجود شرط تغريمي يفرض على المؤجر إثبات الضرر لمعرفة حجمه حتى يكون التعويض متماشيا معه.

يمكن في هذا السياق طرح إشكال من نوع آخر هل بإمكان المؤجر أن يطالب الأجير من ناحية بالتعويض عند الإخلال بشرط عدم المنافسة استنادا إلى أحكام الشرط التغريمي وأن يطلب في نفس الوقت الأجير أن يتوقف عن منافسته ؟

استنادا إلى المبادئ العامة للقانون لا يمكن الجمع بين طلب التعويض على أساس الشرط التغريمي وطلب رفع الضرر باعتبار أن المبلغ المالي المحدد بالشرط التغريمي يتعلق بتعويض الخسارة المتوقعة ومن ثم فإن دفع المبلغ وتنفيذ الشرط الجزائي يؤدي إلى تعويض الضرر الناشئ عن عدم الوفاء بالالتزام ويحول دون إمكانية مطالبة الأجير بمواصلة الامتناع عن ممارسة نشاط مهني منافس لمؤجره السابق .

إن دفع مبلغ الشرط التغريمي يمكن الأجير من استرجاع حريته في ممارسة نشاطه المهني دون تقيد بشرط عدم المنافسة .

لقد تبنى القانون السويسري هذا الحل صراحة [26] واعتبر أنه بإمكان العامل التحرر من شرط عدم المنافسة في صورة وجود شرط تغريمي وذلك بدفع المبلغ المتفق عليه بالشرط مع تعويض الأضرار التي قد تكون ترتبت للمؤجر والتي قد تفوق المبلغ المتفق عليه ولا يجوز للمؤجر في هاته الحالة القيام بدعوى في رفع الضرر وإيقاف النشاط المهني المخالف لشرط عدم المنافسة إلا إذا تضمن العقد صراحة شرطا خاصا يقر حق المؤجر في القيام بدعوى رفع الضرر.

الصورة الثانية: التعويض عن الإخلال بشرط عدم المنافسة في غياب شرط تغريمي

يخضع التعويض عن الضرر الناشئ عن عدم وفاء الأجير بالتزامه المتمثل في شرط عدم المنافسة في صورة غياب شرط تغريمي في العقد إلى القواعد العامة للالتزامات العقدية وعملا بأحكام الفصل 276 من م.ا.ع الذي اقتضى أنه:”إذا كان موضوع الالتزام النهي عن عمل شيء فالملتزم مطالب بالخسارة بمجرد مخالفته لذلك وحينئذ يسوغ للملتزم له أن يطلب إذن القاضي بإزالة ما أجراه الملتزم المذكور ومصاريف ذلك من مال المخالف.”

وتبعا لذلك بإمكان المؤجر القيام بدعوى لطلب التعويض عن الأضرار التي لحقته والمتمثلة فيما نقص من ماله حقيقة وعما فاته من ربح من جراء عدم الوفاء بالالتزام عملا بأحكام الفصل 278 من م.ا.ع .

كما يمكنه في هذه الصورة طلب رفع الضرر وذلك بإلزام الأجير بالامتثال لمقتضيات شرط عدم المنافسة والامتناع عن مواصلة النشاط المهني.

تعتبر دعوى رفع الضرر حسب فقه قضاء الدوائر المجتمعة [27] من الدعاوي الغير المقدرة بما من شأنه أن يؤثر على قواعد الاختصاص القضائي .

الفقرة الثانية : الاختصاص القضائي للدعاوي المتعلقة بشرط عدم المنافسة في عقد الشغل

لقد اقتضى الفصل 183 من م.ش “تختص دوائر الشغل بفصل النزاعات الفردية التي يمكن أن تنشأ بين الأطراف المتعاقدة عند انجاز عقود الشغل أو التدريب في النشاطات الخاضعة لأحكام هذه المجلة …”.

هذا الفصل أسند فيه المشرع الاختصاص المطلق لدوائر الشغل للنظر في النزاعات التي يمكن أن تنشأ بين الأجير والمؤجر عند إنجاز عقد الشغل وتبعا لذلك فلا مجال للتمييز بين الدعوى المتعلقة بالإبطال أو بالفسخ أو بالتعديل طالما كان مبناها إنجاز عقد الشغل .

فإذا ما أراد الأجير التحلل من شرط عدم المنافسة أو الحد من شروطه التي بدت له مجحفة بحقوقه رغم عدم انقضاء عقد الشغل فان الدعوى المتعلقة بالشرط تكون من اختصاص القضاء الشغلي عملا بأحكام الفصل 183 من م.ش لكن يطرح الإشكال إذا ما وقعت المنازعة في شرط عدم المنافسة بعد انقضاء العلاقة الشغلية أو إذا ما قام المؤجر طالبا التعويض عن الضرر الناشئ عن إخلال الأجير بالتزامه بشرط عدم المنافسة فهل أن القضاء الشغلي هو المختص أم أن الدعوى ترفع في هاتين الصورتين أمام القضـــاء المدني ؟

إن قلة القرارات المتناولة لهاته الصور تجعلنا عاجزين عن تحديد موقف فقه القضاء من هاته المسألة التي تتعلق بمسألة اختصاص حكمي تتصل بالنظام العام ويتعين على المحكمة إثارتها من تلقاء نفسها .

يمكن القول انه بانقضاء عقد الشغل تنتهي العلاقة الشغلية بين المؤجر والأجير وبالتالي فمحاولة الطعن في صحة شرط عدم المنافسة بعد انتهاء العلاقة الشغلية أو طلب التعويض لعدم الوفاء بهذا الشرط من قبل الأجير يجعل القضاء المدني هو المختص لأن أحكام الفصل 183 من م.ش أعطى الاختصاص للدوائر الشغلية فيما يخص النزاعات الناشئة بين أطراف العقد عند انجاز العقود وبالتالي فبانتهاء العقد ينتهي اختصاص الدوائر الشغلية .

غير أن هذا الموقف قد يتعارض مع خصوصية النزاعات الشغلية والتي أحاطها المشرع التونسي وخصها بنظام إجرائي خاص يستجيب لطبيعة هذا النزاع ومن شأنه أن ييسر على الأطراف الإجراءات ويختزل الآجال.

فالدعوى الشغلية وعلى خلاف الدعوى المدنية ترفع بمجرد تقديم مطلب لكتابة دائرة الشغل التي تتولى استدعاء الأطراف للحضور بالجلسة الصلحية التي يترتب على عدم إجرائها بطلان الحكم القضائي عملا بأحكام الفصل 207 من م.ش فضلا على أن إنابة المحامي غير وجوبيه في المادة الشغلية بالإضافة إلى مجانية التقاضي والإعفاء من واجب تسجيل الكتائب والعقود المدلى بها.

أما القضاء المدني فيقوم على وجوبيه إنابة المحامي والاستدعاء بواسطة عدل التنفيذ وغير ذلك من الإجراءات القانونية.

يمكن القول أن أحكام الفصل 183 من م.ش “لا يمكن أن تكون سندا لنفي اختصاص القضاء الشغلي بالنظر في شرط عدم المنافسة باعتبار أن المشرع أسند إلى هذه الهيئة القضائية كتلة اختصاص تحول دون إمكانية تشتت النزاع الشغلي الفردي بين مختلف الهيئات القضائية”[28].

لقد أقر فقه القضاء الفرنسي اختصاص القضاء الشغلي بالنظر في النزاعات المتعلقة بشرط عدم المنافسة في عقد الشغل [29] أما فقه القضاء التونسي فلم يحسم المسألة بعد ولم يتناول مسألة الاختصاص الحكمي .

الخاتمــــــــة

إن تطور الاقتصاد واحتداد المنافسة بين المؤسسات كان الشيء الذي دفع بالمؤجرين إلى اللجوء إلى شرط عدم المنافسة في عقود الشغل كآلية لحماية أنفسهم من الأجراء ولكن لما كان هذا الشرط يمس بصفة مباشرة بحق العامل في العمل مع ما في ذلك من تأثير على أوضاعه المادية والاقتصادية والمعنوية كان لا بدّ من تناول هذه المسألة لا في إطار الحرية التعاقدية و تكريس مبدأ سلطان الإرادة وإنما في إطار الخصوصية التي يحض بها قانون الشغل باعتباره مرتبطا بالنظام العام الاجتماعي .

ويظل غياب نص تشريعي ينظم هذا الشرط من أكثر العوائق التي يواجهها رجال القانون في تحديد السند القانوني المنظم لهذه المسألة ومدى إمكانية تدخل القضاء لضبط وتعديل حدود شرط عدم المنافسة وفي معرفة الأساس القانوني الممكن اعتماده بإبطال مثل هذا الشرط فضلا عن إشكالية الاختصاص الحكمي في صورتي رفع دعوى لإبطال الشرط بعد انتهاء العلاقة الشغلية أو رفعها للمطالبة بالتعويض لإخلال العامل بالتزامه المحمول عليه.

وهنا ننادي المشرع بضرورة التدخل وذلك بسن فصل قانوني بمجلة الشغل ينظم شرط عدم المنافسة في عقد الشغل ويسند الاختصاص الحكمي للدوائر الشغلية للبت في الدعاوي المتعلقة به أثناء العلاقة الشغلية وبعد انتهائها حتى يكون مواكبا لتطور العلاقات المهنية ولنمو الاقتصاد الوطني والعالمي.