الشهر العقاري يدخل نفقا مظلما

لسنوات طويلة يتعرض قطاع الشهر العقاري والتوثيق لتهميش وإقصاء وإهدار لحقوقه الادبية والمالية وخاصه خلال الاعوام الخمسة الماضية ، تنوعت الاسباب والنتيجة واحدة .

فبقدر أهمية هذا القطاع ودوره المحوري داخل منظومة العدالة المصرية في حماية حقوق الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين ، بل يمتد ليشمل حتى الاجانب المقيمين او الزائرين لمصر ، بل ولأبعد من ذلك ليتخطى جميع ما سبق ويشمل حماية حقوق الأحوال الشخصية من زواج وطلاق للمصريين والاجانب على حد السواء.

بقدر هذه الاهمية والدور الحصري لهذه المؤسسة القانونية العريقة ، بقدر التهميش وإهدار حقوقه وحقوق العاملين به ، والقائمين على تسيير هذا المرفق الحصري ، حيث لا يكاد ( مستند او ملف باي جهة حكومية او غير حكومية بل والافراد ) يخلو من وثيقه صادرة عن هذه ( المؤسسة العدلية )

حيث خلال الاعوام الخمسة الماضية والتي تعاقبت عليها الحقائب الوزارية العدلية بصورة استثنائية تاريخية لما تشهدها هذه الوزارة السيادية من قبل ، ويطالب ابناء هذا القطاع اعضاء وموظفين بالمساواة المادية مع باقي قطاعات الوزارة ( الخبراء – الطب الشرعي – ديوان عام وزارة العدل ) بعد ان وصلت القرارات الوزارية المالية لصالح جميع قطاعات الوزارة عدا الشهر العقاري الى ثمانية قرارات وزارية منذ عام 2011 الى عام 2015 .

تعاقب الوزراء وتغيرت الانظمة والمطالب واحدة ، والثابت بشأنها انها لم تلقى اهتمام او تحقيقا من جميع من تولى وزارة العدل خلال الاعوام الخمسة السابقة ، المئات من الطلبات والمذكرات والمقابلات التي تنادي بالمساواة ، والنتيجة واحدة سلبية وقاسية جدا .

على الرغم من ان عدد العاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق يجاوز ويفوق عدد باقي سائر قطاعات الوزارة مجتمعين (الخبراء والطب الشرعي والديوان العام) ، وعلى الرغم من ان اجمالي الايرادات النقدية اليومية والسنوية المنسوبة لقطاع الشهر العقاري تمثل 95% من اجمالي ايرادات وزارة العدل ، بل حتى تفوق ايرادات جميع المحاكم المصرية مجتمعه بل وتفوق ايرادات كافه الهيئات القضائية مجتمعه .

وبذات العدد والحصة الايرادية المالية تتماثل وتتطابق النتيجة السلبية المجحفة وعلى ذات المقدار والتناسب بعدم المساواة والتهميش لهذه المؤسسة العدلية المسماة الشهر العقاري والتوثيق مع اشقائها من سائر قطاعات الوزارة .

والنتيجة الحتمية لما سبق انتشار حاله من الاستياء والغضب بين جموع العاملين بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق بجميع مكاتب الجمهورية ، وحتى ان تنوعت اسبابه الا انه اجمع عليها الجميع ، ما بين ازمنة واماكن مختلفة الا انها انحصرت اسبابها في المستحقات المالية لموظفي الشهر العقاري ،، ما بين المطالبة بالمساواة المادية بين قطاع الشهر العقاري وباقي قطاعات الوزارة (الخبراء – الطب الشرعي – الديوان العام ) .

وما نتج عن تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد من نتائج سلبية جدا ، تسببت في حاله من الارتباك والتناقض بين مختلف الوحدات الحسابية داخل مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، فتفاجئ جميع العاملين بالشهر العقاري بخصومات غريبة ليس لها تفسير في اجمالي مستحقات شهر اغسطس عن مثيلتها في شهري يوليو ويونيه 2015 ، تراوحت بين892 جنيها و1522 جنيها ، في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع الزيادة المالية السنوية خلال شهر يوليو من كل عام ، الا انه تفاجئ الجميع بخصومات مالية كبيرة وغير منطقية ، بالمخالفة لتصريحات السيد المهندس رئيس مجلس الوزراء بانه لن يضار موظف ماليا من تطبيق قانون الخدمة المدنية الجديد ،

بل ولأبعد من ذلك هناك تنوع واختلاف في اجمالي المستحق ما بين الوحدات الحسابية التابعة للمصلحة الواحدة ، فالوحدة الحسابية بأسيوط مثلا تختلف عن نظيرتها بطنطا ويختلفان كلاهما عن مثيلتهما بالقاهرة ، بل ولأسوء من ذلك حتى الموظفين داخل المكتب الواحد وعلى ذات الدرجة المالية الواحدة مختلفان في اجمالي المستحق والمستقطع .

الامر الذي تسبب في حاله من الغليان والغضب والتعجب عن الطريقة والكيفية التي تم بها تطبيق القانون الجديد ماليا ، والاغرب من ذلك كله ان طريقه التطبيق ماليا في جملتها مختلفة شكلا وموضوعا عن باقي مؤسسات الدولة الخاضعة للقانون .

والسؤال الذي يطرح نفسه الان : هل يستحق هذا الكيان هذه المعاملة ؟؟!!

هذا هو السؤال الاهم ، قبل ان نسأل لمصلحة من ؟؟ تعمد إهدار حقوق ابناء هذا القطاع على مدار السنوات الماضية ، ولن نبحث عن الاسباب ، وحتى لن نسأل عنها ؟؟!!

في الوقت التي تكون فيه مصلحة الشهر العقاري والتوثيق هي المنوط بها حصريا طبقا للدستور والقانون حماية الملكية العقارية والمنقولة لمصر والمصريين ، نجد في الوقت ذاته ان حقوق اعضائه وموظفيه مهدرة وضائعه ، رغم انهم طالبوا بها واتخذوا كافه الطرق والقنوات الشرعية ، وطرقوا كل الابواب ونحن نطالب بالمساواة المالية والادبية بين قطاع الشهر العقاري والتوثيق وباقي قطاعات الوزارة ( الديوان العام ، الخبراء ، الطب الشرعي ) ، بعد ان تفاوتت الفروق المالية بينهم لتصل الى حدا كبيرا ، اهدرت به كل معاني المساواة والعدالة بين الاشقاء ابناء وزارة العدل ،،

فهم يؤدون واجبهم المهني والاخلاقي والدستوري في حماية حقوق الجميع افرادا ومؤسسات بل والدولة ذاتها باعتبارها أم المؤسسات ، وفي ذات اللحظة لا يجدون من يحمي حقوقهم ويحقق مطالبهم .

والسؤال مستمر معنا ؟؟؟ هل يستحق الشهر العقاري وابنائه هذه المعاملة ؟!!

هل يستحقون التهميش والإقصاء ؟!

بالفعل لن نبالغ اذا ذكرنا ان قطاع الشهر العقاري والتوثيق قد دخل بالفعل نفقا مظلما ، وإلى كل من نلتمس لديه حلا ودعما ونصرة لمطالبنا للاهتمام بهذا القطاع واعضائه وموظفيه ،، قصدنا كثيرين وكانت الوعود أكثر والموافقات والتأييد أكثر وأكثر وهيهات هيهات أن نصل إلى ما نصبوا إليه دون أن نلعق الصبر ، توالت الحقائب الوزارية على مر السنوات ونحن نطالب بالمساواة ،والعدالة ، الا ان انشرح صدرنا وظهرت بشارات الامل والعدل والمساواة بتولي المستشار احمد الزند وزيرا للعدل ، ليس فقط باعتباره وزيرا تنفيذيا يرأس وزارة العدل ، بل وباعتباره رمزا وطنيا من رموز الوطن ، وبالتزامن مع اهتمام الحكومة ممثلة في رئاسة الوزراء وتصريحاتها الاعلامية بان مؤسسة الشهر العقاري والتوثيق محل اهتمام وتنمية وتطوير ، وبالتوازي ايضا مع تصريحات معالي وزير العدل بان الشهر العقاري محل اهتمامه الاساسي وان شغله الشاغل ، تطويره ، ويسعى جاهدا لتحقيق المساواة المادية والادبية بين الشهر العقاري وباقي قطاعات الوزارة .

فهل يعيد التاريخ نفسه وتجتمع شخص وصفة المستشار احمد الزند وزير العدل ،، في شخص وصفه وزير عدل مصر الاسبق القاضي الجليل محمد كامل مرسي باشا ، مؤسس الشهر العقاري ومجلس الدولة ، ذلك الفقيه القانوني و أول رئيس لمجلس الدولة والأب الروحي للقضاء الإداري ، حيث خلال عام 1946 وهو العام الذي انشأ فيه الشهر العقاري و التوثيق جنبا إلى جنب مع إنشاء اعرق المؤسسات القضائية إلا وهو مجلس الدولة المصري في عهد الملك فاروق وحكومة إسماعيل صدقي باشا هذا القاضي الفريد الجليل ، ايقونة تطوير منظومة العدالة بمصر وقتها ، ومجهوده وأفكاره العظيمة وقتها في إنشاء هذان الكيانين مجلس الدولة والشهر العقاري والتوثيق وفقا للنظام الفرنسي خلال عام 1946 ولأول مرة بمصر .