من الثابت أن المرأة المطلقة ثلاثاً سواء أكان ذلك مفرقاً أو في جملة واحدة لا تحل لزوجها الأول الا بعد شروط معينة منها زواجها من آخر ، وفراقها منه بموت أو طلاق . ثم اذا رغبا في استئناف العلاقة الزوجية أي العودة لزوجها جاز لها ذلك . وقد أشارت الى ذلك الآية الكريمة : ” فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ” . ولابد للنكاح الثاني من أن يكون صحيحاً لأنه لو كان فاسداً ودخل بها لا تحل للأول . لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح على الحقيقة لقوله تعالى ” حتى تنكح زوجاً غيره ” . واطلاق النكاح يقتضي الصحيح و أن يطأ الزوج الثاني في الفرج ، فلو كان غير ذلك لا تحل لزوجها الأول . وهذا ما أكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم . 

_ نكاح المحلل : 

اتفق الفقهاء أن الزواج بالمطلقة ثلاثاً بشرط صريح في العقد على أن يحلها لزجها الأول لا يجوز . وهو حرام عند الجمهور لقول ابن مسعود ” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له ” ، والنهي يدل على فساد المنهي عنه . وهذا هو النكاح المحلل . 

وحكم هذا النكاح اختلف فيه الفقهاء وقال الجمهور أنه فاسد للأحاديث السابقة ولأن النكاح بشرط الاحلال في معنى النكاح المؤقت . وشرط التوقيت في النكاح يفسده والنكاح الفاسد لا يقع به التحليل .

ولكن ماذا يكون الحكم اذا تزوجها بقصد التحليل دون الشرط ؟ فقال الحنفية والشافعية والظاهرية والامامية :

لو تزوجها بقصد التحليل دون شرط في العقد صح العقد وتحل المرأة بوطأ الزوج الثاني للزوج الأول لأن مجرد النية في المعاملات غير معتبر ، فوقع الزواج صحيحاً لتوافر شرائط الصحة في العقد وتحل للأول .

وقد ذهب المالكية والحنابلة :

الى بطلان العقد ولا تحل به المرأة لزوجها الأول عملاً بمبدأ ” سد الذرائع الى الحرام ” واعمالاً للنصوص السابقة.

والرأي الأول دقيق لما رواه الحاكم والطبراني في الأوسط عن عمر رضي الله عنه ” أنه جاء اليه رجل فسأل عن رجل طلق امرأته ثلاثاً فتزوجها أخ له عن غير رغبة ليحلها لأخيه هل تحل للأول ؟ قال : لا الا بنكاح رغبة ” . 

_ مسألة الهدم : 

اذا طلق الرجل زوجته طلاقاً ثلاثاً وبانت منه قلنا أنها لا تحل له الا بعد أن تنكح زوجاً غيره فان تم ذلك فعلاً وأرادا أن يستأنفا الحياة الزوجية مرة ثانية بعد أن ذاقا مرارة التجربة السابقة فهل تعود له ويكون له عليها ثلاث تطليقات جدد أم لا ؟؟

فاذا تزوج المطلق مطلقته مرة ثانية وكما لا يكون الا بعد أن تزوجت بغيره وطلاقه اياها أو موته وانقضاء عدتها منه فانها تعود الى زوجها الأول بحل جديد فيملك عليها ثلاث تطليقات بمقتضى عقد الزواج الثاني وهذا محل اتفاق.

لكن ماذا يكون الحكم لو تزوج مرة ثانية بما دون الثلاث ولو في العدة أو بعد انتهاء العدة ولكن قبل أن تتزوج زوجاً آخر أو بعد أن تزوجت آخر وقبل أن يدخل بها ؟ فانها تعود الى الزوج الأول بما بقى له من الطلقات بمقتضى الزواج الأول لأن الحل الثابت بالزواج الأول لا يزال قائماً .

أما اذا طلقها دون الثلاث فتزوجت بآخر بعد عدتها ودخل بها ثم عادت اليه بعد بينونتها من ذلك الغير وانقضاء عدتها منه . فذهب الجمهور الى أنه يملك عليها ما بقى له الى الثلاث . فاذا كان أبانها بواحدة ملك عليها اثنتين آخريين ، وان كان أبانها باثنتين ملك عليها ثالثة فقط .

وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف الى أنه يملك عليها ثلاثاً وقد انهدم ما أبانها به سابقاً ومن هنا سميت هذه المسألة بمسألة الهدم .