مــضــمــون الــقـــرار الــتـــحــكــيــمــي

ويطلق عليه أيضاً منطوق الحكم ويجب أن تتضمن الفقرات الحكمية الفصل في جميع المسائل المعروضة على التحكيم وأن تكون واضحة الدلالة لا لبس فيها ولا غموض أو إبهام مما قد يعرقل إجراءات التنفيذ . هذا وقد اتفق الفقه والقضاء على أن الحكم إذا لم يتضمن منطوقاً فإنه لا يكون غير قابل للتنفيذ فحسب بل إنه يعتبر معدوماً بصفته حكماً(12) . أما إذا أغفل الحكم بعض المسائل التي كان على المحكم حسمها فإن القرار يعتبر ناقصاً ويمكن لكل طرف أن يطلب من المحكمين إكمال النقض بإصدار قرار تكميلي أو إضافي وكذلك الحال بالنسبة لتصحيح الأخطاء المادية التي يمكن أن ترد في القرار ، ويمكن للمحكمين أيضاً تفسير الحكم الذي أصدروه وهذا ما جاء في المادتين 46/1 و 47/1 من قانون التحكيم السوري رقم 4 لعام 2008 فلقد نصت المادة 46 على التالي :
1 – يجوز لهيئة التحكيم تصحيح ما وقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة – حسابية أو كتابية – وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الطرفين شريطة إخطار الطرف الآخر وذلك خلال مدة 30 يوماً التالية لصدور الحكم أو إيداع طلب التصحيح بحسب الحال .
2 – تصدر هيئة التحكيم قرار التصحيح كتابة في غرفة المذاكرة خلال مدة 15 يوماً وإذا تجاوزت هيئة التحكيم سلطتها في التصحيح جاز التمسك ببطلان قرارها بدعوى بطلان تسري عليها أحكام المادتين 51 و 52 من هذا القانون .
أما المادة 47 من قانون التحكيم السوري الجديد فقد نصت على التالي :
1 – يجوز لهيئة التحكيم بناء على طلب يقدمه أحد الطرفين خلال مدة 30 يوماً من تاريخ تبلغه حكم التحكيم وبعد قيامه بإعلام الطرف الآخر أن تقوم بتفسير ما وقع في منطوق الحكم من غموض أو بإصدار حكم تحكيم إضافي في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلها حكم التحكيم . في الحالات المشار إليها في الفقرة السابقة يحق للطرف الآخر أن يقدم رده كتابياً إلى هيئة التحكيم وذلك خلال مدة 10 أيام من تاريخ تبلغه الطلب .
2 – تصدر هيئة التحكيم قرارها في الحالات المشار إليها في الفقرة /1/ من هذه المادة في غرفة المذاكرة دون دعوة الخصوم ، وذلك خلال مدة 30 يوماً من تاريخ تقديم الطلب .
4 – يعتبر الحكم الصادر في الحالات السابقة متمماً للحكم الأصلي ويسري عليه ما يسري على الحكم الأصلي من قواعد .
5 – إذا تعذر على هيئة التحكيم الاجتماع من جديد فإن تصحيح الحكم أو تفسيره أو إصدار حكم إضافي يصبح من اختصاص المحكمة المعرفة في المادة /3/ من هذا القانون .
والواقع إن ما تنص عليه هاتان المادتان 46 و47 من قانون التحكيم يتعلق بثلاث نقاط أساسية وهي :
– تصحيح ما يقع فيه حكم التحكيم من أخطاء مادية بحتة أو حسابية .
– تفسير ما وقع في منطوق الحكم من غموض .
– إصدار حكم تحكيم إضافي في طلبات قدمت خلال الإجراءات وأغفلها حكم التحكيم .
والفقه يكاد يكون متفقاً على أن هذه الحالات الثلاث تمثل استثناء من قاعدة استنفاذ هيئة التحكيم لسلطتها بصدور حكم قطعي فاصل في النزاع أو جزء منه .
ولقد ذهب جانب من الفقه(13) إلى دخول هذه الحالات الثلاث فيما يطلق عليه « الولاية التكميلية »للمحكمة وهي بذلك ليست ولاية استثنائية والفرق بين الرأيين يتبين في أن الاستثناء لا يتوسع في تفسيره ، وإنما يفسر تفسيراً ضيقاً ، ولا يقاس عليه .
وقد حسم المشرع السوري بنص المادتين المنوه عنهما في قانون التحكيم خلافاً لما كان قائماً في الفقه حول مدى سلطة المحكمين في تفسير أحكامهم وتصحيحها(14) وبالتالي فإنه تبنى الاتجاه الحديث السائد في القانون المقارن وفي اتفاقيات التحكيم الدولية لمنح المحكمين سلطة تفسير أحكامهم وتصحيحها .
فقانون المرافعات الفرنسي نص في المادة 1475 منه على أن (القرار ينهي ولاية المحكم عن النزاع الذي تم حسمه) ولكنه استدرك ذلك في الفقرة الثانية من ذات المادة بقوله على أنه رغم ذلك تبقى سلطة المحكم في تفسير القرار وتصحيح الأخطاء أو إكمال النقص بسبب إغفال اتخاذ القرار بشأن موضوع كان قد تم طلبه أثناء المرافعة .
وفي حال عدم إمكانية اجتماع هيئة التحكيم مجدداً لإكمال النقص فإن هذه المسألة تكون للمحكمة المختصة(15) .
والمادة 33 من القانون النموذجي للتحكيم تعالج مسألة كيفية إجراء تصحيح الأخطاء التي وقعت في الحكم التحكيمي أو كيفية تفسير الحكم أو تفسير جزء منه .
وقد حدد نص المادة 47/1 من قانون التحكيم السوري سالفة الذكر ثلاثين يوماً من تاريخ تبلغ حكم التحكيم لتقديم طلب التفسير ومقترناً ذلك بإعلان الطرف الآخر كما حدد ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم طلب التفسير لإصدار الحكم .
والتفسير لا يكون إلا إذا تضمن نص الحكم لبساً أو غموضاً يصعب معهما إمكان الوقوف على ما قصدته الهيئة التي أصدرته منه . ويكون بحكم آخر تصدره هذه الهيئة نفسها تبين فيه مقصدها مما أشكل على ذي الشأن فهمه ، وتفسر ما غمض من عبارة الحكم الأول ، ليتمكن صاحب المصلحة من السير بالحكم في طريق التنفيذ وفق ما قضي له به(16) . وطلب التفسير يرد على منطوق الحكم وعلى الأسباب المكملة له التي تعتبر جزءاً منه أو التي لا يقوم المنطوق إلا بها(17) .
والأصل أن طلب التفسير يرد على الحكم القطعي ولو كان وقتياً ، ولكن جانباً من الفقه يرى أن بعض الأحكام غير القطعية تقتضي تفسيراً كما لو أصدرت هيئة التحكيم قراراً بندب خبير لم تحدد فيه مهمته بدقة فيكون لذي المصلحة من الخصوم ، بل يكون للخبير نفسه ، أن يتقدم إلى الهيئة بطلب تفسير المهمة المطلوب فيه تحقيقها(18) .