مــدى إذعــانـيـة الـعـقـود الـنـمـطـيـة

رغم أنه قد بات من المسلم به الان في جميع التشريعات الوطنية والدولية، وعند غالبية الفقه في القانون الدولي الخاص، مرورا إلى القانون الخاص الدولي، أن للإرادة المشتركة للأطراف في المعاملات الخاصة ذات الطابع الدولي الحق في اختيار القانون الذي يرونه مناسبا لحكم علاقاتهم.

ولاشك أنه في إطلاق حرية المتعاقدين في اختيار قانون العقد في عقود التجارة الدولية، إعلان عن كون تلك الإرادة أصبح لها دور أكبر وأوسع من خلال السماح لها بتجاوز المقتضيات الآمرة في القوانين الوطنية، نزولا عند حاجات ومتطلبات التجارة الدولية التي تقتضي التخلص منها[1].

هذا التوسع في إعمال مبدأ سلطان الإرادة ساهم في تغليب القوي على الضعيف، وبالتالي تكريس قانون الأول على الثاني، وهو مايمكن ملاحظته من خلال بروز معالم انعدام التوازن بين أطراف العلاقة التعاقدية في العقود التجارية الدولية في سياق انتشار الأوضاع الغير عادلة، وبروز معالم الاختلاف واضحة سواء بين المشروعات التي تنتمي إلى العالم المتقدم وتلك التي تنتمي إلى العالم النامي، حيث تسعى الأولى إلى السيطرة على قدرات واقتصاديات الثانية، وومواردها الطبيعية، ومرافقها العامة، وصناعاتها التحويلية، مستخدمة في دلك آليات اقتصادية وسياسية بالإضافة إلى آليات قانونية .

كما أن نشاط التجار كأفراد سجل تفاوتات هائلة بحكم تركز رؤوس الأموال بين يدي عدد قليل من الشركات الدولية، هاته الأخيرة التي تهيمن على المبادلات الدولية وتسهر على صياغة النظام التجاري الدولي، على المستوى القانوني بشكل يتماشى ومصالحها.
حيث أنه وبمراجعة العقود النموذجية التي تهيمن على عمليات التجارة الدولية والتي تعتبر هي الأداة القانونية المثلى والدارجة في مجال التجارة الدولية.[2]باعتبار أنه وبمراجعة بعض العقود النموذجية التي تهيمن على عمليات التجارة الدولية ، فإن اغلبها يصدر أساسا عن جمعيات مهنية تهيمن على المبادلات الدولية والنموذج الصارخ والمعبر عن دلك ماقامت به شركة IBM الأمريكية سنة 1978 بإصدارها 205 من العقود النموذجية المختلفة التي لاتقبل أية مقترحات من المتعاقدين معها لتغير بعض بنود هده العقود، بل ولا يجوز لهؤلاء مناقشة تلك العقود ، ولايتم قبول أية تعديلات تستلزمها النظم القانونية التي ينتمي إليها المتعاملون مع هذه الشركة .

وتلزم الطرف الثاني في العلاقة بالقبول بتلك المبادئ والأعراف والعادات التجارية الدولية والعقود النموذجية إن شاء المشاركة في التجارة الدولية، مما يعني أن لم نقل الكل ملزم بإتباع ماصنعته إرادة الأقوياء في المجتمع الدولي لتنظيم مجال المعاملات الخاصة ذات الطابع الدولي ، وهي بذلك تفرض ليس فقط على الأعضاء في الجمعيات المهنية ، بل أيضا على من ليسوا أعضاء لكنهم مضطرون للتعامل مع أعضائها ، ومن ثمة فإن تلك القواعد تعمل بل تصب فقط لفائدة أحد طرفي العقد وهو طبعا الطرف الأقوى اقتصاديا[3].

[1] الحماية القانونية للمتعاقد الضعيف في القانون الدولي الخاص السابق الإشارة إليها ص 146 ومايليها .
[2] للمزيد من التوسع يرجى الرجوع إلى محمد محسوب عبد المجيد درويش قانون التجارة الدولي ، دار النهضة العربية القاهرة 1995 ص 841 ومايليها
[3] الحماية القانونية للمتعاقد الضعيف في القانون الدولي الخاص السابق الإشارة إليها ص 148 ومايليها .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت