تقادم الدعاوى الناشئة في عقد النقل البحري للبضائع في قانون التجارة البحرية و الاتفاقيات الدولية – دراسة مقارنة

مقال حول: تقادم الدعاوى الناشئة في عقد النقل البحري للبضائع في قانون التجارة البحرية و الاتفاقيات الدولية – دراسة مقارنة

تقادم الدعاوى الناشئة في عقد النقل البحري للبضائع في قانون التجارة البحرية و الاتفاقيات الدولية

الاستاذة/ أسماء عبد المجيد محمد إبراهيم

باحثة قانونية
خطة البحث
مقدمة
الفصل الاول: تقادم الدعوى في عقد النقل البحري للبضائع في قانون التجارة البحرية
المبحث الاول: بداية حساب مدة التقادم واساسه
المطلب الاول: بداية حساب مدته
المطلب الثاني: اساسه
المبحث الثاني: الدعاوى الخاضعة وغير الخاضعة للتقادم
المطلب الاول: الدعاوى الخاضعة للتقادم
المطلب الثاني: الدعاوى غير الخاضعة للتقادم
المبحث الثالث: عوارض التقادم (الوقف والانقطاع)
المطلب الاول: وقف التقادم
المطلب الثاني: انقطاع التقادم
الفصل الثاني: تقادم الدعاوى في عقد النقل البضائع بحرا في الاتفاقيات الدولية
المبحث الاول: تقادم الدعوى في عقد نقل البضائع بحرا في اتفاقية بروكسل لسندات الشحن لسنة 1924
المطلب الاول: اساس التقادم ومدته
المطلب الثاني: نطاق التقادم
المطلب الثالث: عوارض التقادم (الوقف والانقطاع).
المبحث الثاني: تقادم الدعوى في عقد نقل البضائع بحرا في اتفاقية الامم المتحدة للنقل البحري للبضائع (اتفاقية هامبورج) لعام 1978.
المطلب الاول: اساس التقادم ومدته
المطلب الثاني: نطاق التقادم
المطلب الثالث: عوارض التقادم (الوقف والانقطاع).

مقدمة
يحتل القانون البحري مركزا بالغ الأهمية بين فروع القانون الأخرى، فالالتجاء إلي الملاحة البحرية كان منذ ألاف السنين وما زال أمراً محتما، بل وضرورة اقتصاديه واجتماعيه، وإذا كان القانون البحري يهتم بموضوعات كثيرة فان أهم هذه الموضوعات التي فرضت نفسها هو النقل البحري بحسبانه الغاية الأساسية للملاحة البحرية لذلك اهتم المشرعون به على الصعيد الداخلي والدولي وقد نظم قانون التجارة البحرية الجديد عقد النقل البحري في المواد (196-278 قانون جديد)، وعلي الصعيد الدولي تنظم الاتفاقيات الدولية بعض أحكام النقل البحري للبضائع مثل (قواعد اتفاقية هامبورج لعام 1978) وهي الحديثة لاتفاقيه بروكسل (1924)، كما ينظم مسئولية الناقل البحري للأشخاص (اتفاقية أثينا لعام 1947 التي حلت محل اتفاقية بروكسل 1969).
وإذا كان الفقه البحري قد اهتم بدراسة مسئولية الناقل البحري من حيث: أساسها وحالاتها ونطاقها، وطرق دفعها، ونظامها الإجرائي، إلا انه قد تواري وراء ذلك واختفي الاهتمام ببعض الأمور الهامة في دعوى المسئولية، ونقصد بذلك موضوعا محددا وهو موضوع تقادم دعوى مسئوليه الناقل البحري، ومع قلة الأبحاث المقدمة في هذا الموضوع فقد اخترنا أن يكون موضوع البحث عن تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري.

ولكن يجب أولا أن نعطي نبذة عن تعريف التقادم وخصائصه وكيفية احتساب مدته
التعريف بالتقادم:
يعرف التقادم بأنه وسيله للتخلص من الالتزام بمجرد مضي المدة التي عينها القانون، فهو إحدى وسائل انقضاء الالتزامات ففي التقادم المسقط قد حال القانون دون أن يستوفي الدائن حقه وابرأ ذمة المدين لاعتبارات تمت للمصلحة العامة.
والذي حدا بالمشرع في مختلف البلاد إلي قبول نظام التقادم هو ما يحققه من استقرار اجتماعي وحيث أن التقادم يقوم على أساس المصلحة الاجتماعية العامة، أي أن الحق لا يجوز استعماله بعد تركه مده معينه من الزمن، فمفاد ذلك إلا تصبح الحقوق مستعمله مده طوليه من الزمن للوصول إلي حالة الاستقرار، فتارة يكون متأثرا باعتبار من اعتبارات النظام العام، حيث يريد أن يضع حدا للمنازعات عندما يكون الدائن قد ضيع على نفسه مده طويلة كانت تكفيه لاستيفاء حقه، وتارة يكون أساس التقادم هو افتراض حصول الوفاء، وتارة يريد الشارع بالتقادم أن يخفف العبء عن المدين عندما تتراكم عليه فوائد رأس المال فهو لذلك يجعل مدة تقادم هذه الفوائد اقصر من مدة تقادم رأس المال.
خصائص التقادم:
التقادم المسقط والمكسب والفرق بينهما:
التقادم المسقط هو دفع موجه إلي دعوى الدائن يؤدي إلي سقوط حق المطالبة بالدين إذا تمسك به من له مصلحه فيه. وترجع علة تقرير التقادم المسقط إلي اعتبارات تتعلق بالنظام العام والأمن المدني في الجماعة، ويضاف إلي هذا الاعتبار اعتبار آخر تسنده مصلحة المدين ويبرره إهمال الدائن وذلك أن السكوت عن المطالبة بالحق قرينه على الوفاء مما يرفع الحرج عن المدين فلا يضطر إلي الاحتفاظ بالمخالصة (أي سند الوفاء) وهو آمن على نفسه من شر مطالبة الدائن مره أخري.
والتقادم المسقط تنقضي به الحقوق الشخصية والعينية فيما عدا حق الملكية، وذلك إذا لم يستعمل صاحب الحق حقه لمده معينه حددها القانون إما التقادم المكسب وتقترن به الحيازة دائما فيكسب الحائز ما حازه من حقوق عينيه بعد أن تستمر حيازته مده معينه حددها القانون.
فالتقادم المسقط لا يتم التمسك به إلا عن طريق الدفع فإذا رفع صاحب الحق الذي سقط بالتقادم دعواه أمكن المدعي عليه أن يدفع هذه الدعوي بالتقادم المسقط، إما التقادم المكسب فيتمسك به عن طريق الدفع وعن طريق الدعوى على السواء.

الفصل الاول: تقادم الدعوى في عقد النقل البحري للبضائع في قانون التجارة البحرية
عرض قانون التجارة البحرية (القانون رقم 8 لسنة 1990) بالتنظيم لعقد النقل البحري للبضائع وذلك في المواد من 199 إلي 217 منه وغالبية الأحكام، خاصة ما يتعلق منها بمسئولية الناقل البحري ودعوى المسئولية من النظام العام.

ويعرف عقد النقل البحري في قانون التجارة البحرية بأنه عقد يلتزم بمقتضاه الناقل بنقل البضائع أو الأشخاص بالبحر مقابل أجره (المادة 196 ). وهو عقد لا يثبت إلا بالكتابة (المادة 197 ).

وعقد النقل البحري للبضائع هو عقد رضائي وملزم للجانبين كما انه من عقود المعاوضات، ووفقا للمادة السادسة من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 فان النقل البحري يعد عملا تجاريا، إما بالنسبة للشاحن فالعقد يعتبر تجاريا بالتبعية إذا كان الشاحن تاجرا وكان نقل البضائع لحاجة تجارته أو بمناسبة مباشرتها.

والتزام مسئولية الناقل البحري هو توصيل البضاعة كاملة وسليمة إلي المرسل إليه في ميناء الوصول، ونطاق مسئولية الناقل البحري المادي هو هلاك البضائع أو تلفها أو تأخير وصولها (المادتان 227 فقرة 1 ، 240 فقرة 1 ، إما نطاق مسئوليته الزمني فهو المدة بين تسلمه البضائع في ميناء الشحن وبين قيامه في ميناء التفريغ بتسليمها إلي صاحب الحق في تسلمها (227 فقرة 1 ).

وقد قرر قانون التجارة البحرية تفاديا للدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري فيما نصت عليه المادة 244 فقرة 1 من انه “تنقضي الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البضائع بحرا بمضي سنتين من تاريخ تسليم البضائع أو من التاريخ الذي كان يجب أن يتم فيه التسليم كما قرر تقادم دعاوى الرجوع، فيما نصت عليه المادة 244 فقرة 3 من انه” وينقضي حق من وجهت إليه المطالبة في الرجوع على غيره من الملتزمين بمضي تسعين يوما من تاريخ إقامة الدعوى عليه أو من تاريخ قيامه بالوفاء، ولو انقضت المدة المشار إليها في الفقرة (1) من هذه المادة”.

وفي هذا الخصوص يلاحظ أن نصوص قانون التجارة البحرية جرت على استعمال اصطلاح “انقضاء الدعوى” وليس “تقادم الدعوى “، وقد آثار ذلك جدلا كبيرا عند مناقشه المادة 167 من مشروع قانون التجارة البحرية (وهي المادة الخاصة بانقضاء الدعاوى الناشئة عن عقد إيجار السفينة غير المجهزة).

وواقع الأمر أن كافة النصوص التي تعالج انقضاء الدعوى إنما ترسي أحكام التقادم المسقط للدعوى على نحو ما يورده القانون.

ونعرض في دراستنا لتقادم الدعوى في عقد النقل البحري لبضائع في قانون التجارة البحرية:
المبحث الأول: بداية حساب مدة التقادم وأساسه
المطلب الأول: بداية حساب مدته.
المطلب الثاني: أساسه.
المبحث الثاني: الدعاوى الخاضعة وغير الخاضعة للتقادم.
المطلب الأول: الدعاوى الخاضعة للتقادم.
المطلب الثاني: الدعاوى غير الخاضعة للتقادم.
المبحث الثالث: عوارض التقادم (الوقف والانقطاع).
المطلب الأول: وقف التقادم.
المطلب الثاني: انقطاع التقادم.

المبحث الاول: بداية حساب مدة التقادم واساسه
المطلب الاول: بداية حساب مدته
تنص المادة 374 من التقنين المدني على ما يأتي:” يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنه فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون”.

فالأصل في الالتزام انه يتقادم بمرور خمس عشرة سنه وهذا هو التقادم الطويل والعادي، إلا أن هذا الأصل العام يرد عليه بعض الاستثناءات فهناك حالات يتقادم فيها الالتزام بمده أقصر من ذلك قد يكون خمس سنوات أو ثلاث سنوات أو سنه واحده.

ومن أمثلة ذلك الحقوق التي يرد عليها التقادم الخمسي وهي الحقوق الدورية المتجددة ومنها أجرة المباني والأراضي الزراعية، إما الحقوق التي تخضع للتقادم الثلاثي وهي الضرائب والرسوم سواء ما يستحق للدولة أو لأي شخص اعتباري عام (طرف الغير) وبينما يستحق للأشخاص العادية (طرف الدولة).

مبدأ سريان التقادم:

تحدد المادة 381 مدني على انه “1-لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء.

2-وبخاصة لا يسري التقادم بالنسبة إلي دين معلق على شرط واقف إلا من اليوم الذي يتحقق فيه الشرط الواقف، وبالنسبة إلي ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق وبالنسبة إلي الدين المؤجل إلا من الوقت الذي ينقضي فيه الأجل. 3-وإذا كان تحديد ميعاد الوفاء متوقفا على إرادة الدائن، سري التقادم من الوقت الذي يتمكن فيه الدائن من إعلان إرادته”.

والقاعدة انه يبدأ سريان التقادم من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء ما لم ينص القانون على غير ذلك بنص خاص، ذلك انه من يوم استحقاق الدين يكون للدائن أن يطالب المدين بالأداء ويكون له مكنة مباشره الحق واستعماله ثم المطالبة به.

تعرض قانون التجارة البحرية لبداية حساب مدة التقادم في الفقرة الأولى من المادة 244 منه، حيث تنص على انه “تنقضي الدعاوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر بمضي سنتين من تاريخ تسليم البضائع، أو من التاريخ الذي كان يجب أن يتم فيه التسليم”.

والمقصود بالتسليم الذي يبدأ منه التقادم هو التسليم الفعلي وليس الرمزي، ولا تنتهي مسئولية الناقل البحري إلا بتسليمها كاملة وسليمة إلي المرسل إليه تسلما فعليا ولا ترتفع مسئوليته عن البضاعة إلا إذا اثبت أن العيب أو التلف نشا عن البضاعة ذاتها أو بسبب القوة القاهرة أو خطا الغير(1).

كما قضت محكمة النقض المصرية على أن تسليم البضاعة إلي السلطات الجمركية لا يبرئ ذمه الناقل قبل المرسل إليه، إذ انه لا يعتبر تسليما فعليا، فمصلحه الجمارك لا تعتبر نائبه عن المرسل إليه في استلام البضاعة(2).

ويبدأ سريان التقادم من تاريخ التسليم أو من التاريخ الذي كان يجب أن يتم التسليم فيه فالقانون يواجه بفرضين:

الفرض الأول: فرض البضاعة ويعتريها هلاك جزئي أو تلف أو تأخير في تسليمها.

حيث يبدأ سريان التقادم في هذا الفرض من تاريخ التسليم، والعبرة هنا بالتسليم الفعلي للبضائع. ويتمكن للمرسل إليه من الكشف عن البضائع ومعرفة ما يصيبها من هلاك جزئي أو تلف، وكذلك يحدد قدر ومدة التأخير التي قد تكون سببا في خسارته.

الفرض الثاني: فرض هلاك البضائع كليا وأيا كان سبب هذا الهلاك سواء كان الهلاك فعليا أو حكميا من واقع عدم تسليم البضائع أثناء فترة الستين يوما التالية لميعاد التسليم. فيبدأ التقادم من التاريخ الذي كان يجب أن يتم التسليم فيه والعبرة بالتسليم الكامل وليس الجزئي، فإذا سلم جزء من الحمولة ولم يسلم الباقي بسبب ضياعه فتبدأ المدة من يوم التسليم الفعلي.

وفي سبيل تحديد متى يعتبر الناقل البحري قد تأخر في تسليم البضائع تميز الفقرة الثانية من المادة 240 من قانون التجارة البحرية الجديد بين فرضين:

1- الاتفاق على موعد محدد للتسليم يكون صريحا بذكر ميعاد التسليم في سند الشحن، ويكون ضمنيا إذا كانت السفينة تعمل على خط ملاحي منتظم.

2- عدم الاتفاق على موعد معين للتسليم

والاتجاه الذي اخذ به المشرع المصري هو إلزام الناقل البحري بالتسليم في الميعاد الذي يسلم فيه الناقل العادي للبضائع في الظروف المماثلة.

ويعد تسليم نسخة من سند الشحن إلي الناقل قرينة على تسليم البضائع إلي صاحب الحق في تسلمها ما لم يثبت غير ذلك.

وفي حالة ذكر اسم شخص معين على سند الشحن فانه يجب على الربان أن يسلم البضاعة إلي الشخص الذي ذكر اسمه في السند أو إلي الشخص الذي انتقل إليه هذا السند بمقتضي إجراءات حوالة الحق، مما يقتضي وجوب تحقق الربان من شخصية من يطالبه بالبضاعة عند الوصول.

وإذا كان سند الشحن اذنيا، فلا يجوز للربان أن يسلم البضاعة إلا للمظهر الأخير ووفقا للتظهير الثابت على ظهر السند، إما إذا كان السند لحامله فيجب على الربان أن يسلم البضاعة لأي شخص يتقدم ومعه سند الشحن عند الوصول.
الامتناع عن تسليم البضائع:

في حالة حضور صاحب الحق في تسليم البضاعة وتسلمه لها لا تقوم أدني مشكله، ولكن المشكلة تثور عند حدوث حاله من الحالتين التاليتين: –

الأولي: -إذا لم يحضر صاحب الحق في تسلم البضاعة،

والثانية: -حالة ما إذا امتنع عن تسلمها أو عن أدائه أجرة النقل أو حضر وامتنع عن تسلمها أو عن أداء أجرة النقل أو غيرها من المبالغ الناشئة عن عقد النقل.

إذن فلا بد من تفصيل كل حاله على حده، والإجابة يوفرها نص المادة 266 من قانون التجارة البحرية الجديد حيث أوردت انه” إذا حضر صاحب الحق في تسلم البضائع أو حضر وامتنع عن تسلمها أو عن أداء أجرة النقل أو غيرها من المبالغ الناشئة عن عقد النقل، جاز للناقل أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية الأذن بإيداع البضائع عند أمين يعينه القاضين ويجوز للناقل طلب الأذن ببيع البضاعة كلها أو بعضها لاستيفاء المبالغ المذكورة”.

فالحالة الأولي: حالة عدم حضور صاحب الحق في تسلم البضائع وفي هذه الحالة نفرق بين فرضين:

الأول: الفرض الذي فيه يعلم صاحب الحق بتاريخ وصول السفينة أو لا يعلم فإذا كان ميعاد وصول السفينة مذكورا في سند الشحن أو معلوما لدي المرسل إليه أو كان الشحن على خطوط ملاحيه منتظمة فيتعين على صاحب الحق الحضور في الميعاد لاستلام البضاعة في هذا التاريخ، ومن ثم إذا لم يحضر تبدأ مدة التقادم من تاريخ الوصول، الثاني: إما إذا كان ميعاد وصول السفينة غير معلوم ولا مثبت في سند الشحن ولم يكن الشحن على خطوط ملاحيه منتظمة، أو حدث أي تعديل أو تغيير في الميعاد، فيلتزم الناقل بالأخطار عند تعديل هذا الميعاد ومن ثم يبدأ حساب مدة التقادم من تاريخ الإخطار عند تعديل هذا الميعاد، ومن ثم يبدأ حساب مدة التقادم من تاريخ الإخطار بتعديل ميعاد وصول السفينة إلي ميناء التفريغ، وذلك لعلم المرسل إليه بميعاد الوصول المسجل في الإخطار.

إما إذا غرقت السفينة وهلكت البضائع نميز بين رأيين:

الأول: أن التقادم يبدأ من تاريخ الغرق على أساس انه في هذا التاريخ تنتهي الرحلة البحرية إلا أن الرأي الراجح يبدأ سريان التقادم من يوم علم صاحب الحق في البضاعة بغرقها، أو من اليوم الذي يفترض فيه أن يكون قد علم به، إما إذا انقطعت أخبار السفينة فان ميعاد التقادم يسري من اليوم الذي يزول فيه كل احتمال معقول لوصولها، وفي حالة بيع البضائع في الطريق من قبل الربان فان ميعاد التقادم يسري من يوم علم المرسل إليه بالبيع.

الحالة الثانية: وهي حالة حضور صاحب الحق في تسليم البضائع، ولكن امتنع عن تسليمها أو أداء أجرة النقل أو غيرها من المبالغ الناشئة عن عقد النقل.

قد يحضر صاحب الحق في تسلم البضائع، لكنه يرفض تسلمها وغالبا ما يرجع امتناع المرسل إليه عن تسلم البضائع إلي ما أصابها من هلاك أو تلف، أو يثبت فيها عجز عما هو ثابت في سند الشحن.

ولا يجوز لصاحب الحق في تسلم البضائع تركها مقابل عد الوفاء بأجرة النقل المستحقة للناقل البحرين وأيا كان سبب امتناع المرسل إليه عن تسلم البضائع يكون للناقل طلب إيداعها طبقا للمادة 227 من قانون التجارة البحرية، وبه يتخلص الناقل من تبعة البضائع التي قام بنقلها.

فحضور صاحب الحق وامتناعه عن الاستلام يعد بمثابة استلام حيث يبدأ منه سريان التقادم ولا يستلزم الأمر حدوث إخطار بواقعة الإيداع.

إذن يسري التقادم من تاريخ الحضور وعلمه بوصول البضاعة وليس من تاريخ الإيداع.

وقد قضت محكمة النقض باعتبار رفض المرسل إليه بمثابة الاستلام الذي يبدأ منه التقادم في معنى المادة 254 من قانون التجارة البحرية والتي تقضي بسريانه من يوم تسليم البضاعة، لان اشتراط التسليم الفعلي يؤدي في حالة رفض المرسل إليه استلام البضاعة بعد عرضها عليه إلي إطالة مدة التقادم، وبقاء مسئولية الناقل معلقه ومرهونة بمشيئة المرسل إليه وهو ما يخالف قصد المشرع، وأخيرا في جميع الحالات فان عدم حضور المرسل إليه أو صاحب الحق في تسلم البضائع، أو حضوره وامتناعه عن تسلمها بسبب ما يعتريها من عيب، فان الناقل يكون قد وفي بالتزامه بالتسليم بإيداع البضائع لدي أمين تطبيقا لنص المادة 266 من قانون التجارة البحرية.

المطلب الثاني: أساسه
إن المنازعات التي تنشأ عن عقد نقل البضائع سواء بالبر أو بالبحر تقتضي السرعة في اتخاذ الإجراءات لإثبات الضرر أو الأضرار اللاحقة بالبضاعة، لذلك نص المشرع البحري على تقادم قصير يشمل جميع الدعاوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر، سواء تعلق الأمر بدعاوى المسئولية أو غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد النقل كدعوى الطالبة بالأجرة أو دعوى التعويض عن الأضرار التي لحقت بالسفينة ويمتد هذا التقادم لدعاوى الناقل ضد الشاحن أو المرسل إليه وبالعكس، ولكن لا شأن لهذا التقادم القصير بدعاوى المرسل إليه(المشتري) ضد المرسل (البائع)، تلك الدعاوى المؤسسة على عقد بيع البضاعة أو دعاوى مؤجر السفينة ضد المستأجر، لان الأمر هنا وهناك لا يتعلق بدعاوى ناشئة عن عقد نقل بحري.

ولقد اخضع المشرع الدعوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر لتقادم مدته سنتين، وذلك بغية السرعة في إنهاء المنازعات الناشئة عن عقد النقل،

فهذا التقادم لا يقوم على قرينة الوفاء بمعنى أن انقضاء مدة السنتين ليس دليلا على وفاء الناقل لالتزاماته فتقضي الفقرة الأولى من المادة 244 من قانون التجارة البحرية الجديد على انه: –

تنقضي الدعاوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر بمضي سنتين من تاريخ تسليم البضائع، أو من التاريخ الذي كان يجب أن يتم فيه التسليم.

ومن جهة أخري فان هذا التقادم يعتبر حماية للطرف الضعيف في العقد حتى يرهقه الطرف الآخر باشتراط مدة تقادم شديدة القصر لا تتيح له الوقت الكافي لتحضير دعواه.

ومدة التقادم تعتبر من النظام العام أي لا يجوز أن يترك تحديدها لمشيئة الأطراف، والدفع بالتقادم ليس من النظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها بل لا بد من أن يثيره الخصوم أو صاحب المصلحة فيها، فهو دفع موضوعي يجوز التمسك به في أية حاله كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف، ولكن لا يجوز الدفع بالتقادم لأول مره أمام محكمة النقض.

ويسقط الحق في التمسك بالتقادم بالتنازل صراحة أو ضمنا إذا تم ذلك بعد اكتمال مدة التقادم، كعرض الناقل دفع مبلغ جزافي اقل من التعويض المطلوب، أو طلب التفاوض لتحديد قدر التعويض.

ومدة السنتين المنصوص عليها هي مدة تقادم مسقط تحسب بالتقويم الميلادي، كما تحسب هذه المدة بالأيام لا بالساعات ولا يحسب اليوم الأول، وتكتمل المدة بانقضاء آخر يوم فيها، والتقادم يسري على دعوى المطالبة عن الضرر الناتج عن هلاك أو تلف البضاعة أو تأخير وصولها، إلا انه يلاحظ بخصوص التأخير أن المشرع قد قرر وجود دفع بعد القبول في حالة إذا لم يخطر طالب التعويض الناقل كتابة بالتأخير خلال ستين يوما من تاريخ التسليم، وتنص على ذلك الفقرة الرابعة من المادة 240 من قانون التجارة البحرية” انه لا تستحق أي تعويضات عن الضرر الناتج عن التأخير في تسليم البضاعة، إذا لم يخطر طالب التعويض الناقل كتابة بالتأخير خلال ستين يوما من تاريخ التسليم.

تقادم دعوى الرجوع:

تنقضي دعاوى رجوع الملتزمين بعضهم على البعض الآخر بمضي تسعين يوم من تاريخ إقامة الدعوى على الملتزم الذي يباشر الرجوع، أو من تاريخ قيامه بالوفاء بغض النظر عن انقضاء مدة السنتين أو عدم انقضاءها هذا ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 244 من قانون التجارة البحرية الجديد والذي استوحاه المشرع من الفقرة 6 مكرر من المادة 3 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن، وأخذت به فرنسا في قانون 18/6/1966م في نص المادة 32/2.

مثال على ذلك: يقيم الشاحن دعوى التعويض على الناقل المتعاقد بسبب التلف بعد ثلاثة وعشرين شهرا من التسليم، فيكون لهذا الناقل تسعون يوما من تاريخ إقامة الدعوى عليه لإدخال الناقل الفعلي في الدعوى أو لإقامة دعوى مستقلة عليه. ولا يحول دون ذلك أن مدة السنتين المنصوص عليها تكون قد انقضت، وإذا وفي الناقل المتعاقد مبلغ التعويض اختيارا قبل انقضاء مدة السنتين ببضعة أيام، كان له الرجوع على الناقل الفعلي خلال تسعين يوما من تاريخ الوفاء، وإذا وقع الوفاء في هذا المثال بعد شهر من تاريخ التسليم ولم يباشر الناقل المتعاقد الرجوع على الناقل الفعلي إلا بعد انقضاء خمسة شهور من تاريخ الوفاء، جاز لهذا الناقل الأخير أن يتمسك في مواجهته بالتقادم على الرغم من أن ميعاد السنتين لا يزال مفتوحا.

وهذا معناه أن دعوى الرجوع يمكن أن ترفع يعد انقضاء مدة السنتين، وهو ما تجيزه الفقرة الثالثة من المادة 244 ولو انقضت المدة المشار إليها في الفقرة الأولي من هذه المادة (1).

انقضاء دعوى المسئولية:

تنص المادة 90 من قانون التجارة البحرية على أن” تنقضي دعوى المسئولية على مالك السفينة بمضي سنتين من تاريخ وقوع الفعل المنشئ للمسئولية”

– ويستفاد من النص السابق أن الدعاوى التي تقام على مالك السفينة عن الأضرار البدنية والمادية أيا كان نوعها عقدية أو تقصيرية وكذلك على غيره من الأشخاص الذين يتسببون في وقوع هذه الأضرار تنقضي بمضي سنتين من تاريخ وقوع الفعل المنشئ للمسئولية.

ومدة السنتين التي قررها المشرع لتقادم دعوى المسئولية تعد مدة تقادم وليست مدة سقوط وعلى ذلك تخضع لأسباب الوقف والانقطاع الواردة في القانون المدني ومنها المطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى أمام محكمة غير مختصة والتنبيه والحجز.

ولذلك فالفقرة الثانية من المادة 90 بحري أضافت إلي الأسباب الواردة لانقطاع التقادم في القانون المدني ثلاثة أسباب أخري هي:

1-انقطاع سريان المدة بكتاب مسجل لعلم الوصول.

2- أو بتسليم المستندات المتعلقة بالمطالبة.

3-أو بندب خبير لتقدير الأضرار(2).

ولكن يري البعض أن مدة انقضاء المسئولية تسري على المالك وحده دون غيره ممن أجازت المادة 91 استفادتهم من التمسك بأحكام تحديد المسئولية تأسيسا على أن مدة انقضاء المسئولية لا تعد من أحكام دعوى المسئولية وإنما من القواعد المنظمة لدعوى المسئولية(3).

المبحث الثاني: الدعاوى الخاضعة وغير الخاضعة للتقادم
المطلب الاول: الدعاوى الخاضعة للتقادم
جاءت الفقرة الأولى من المادة 244 شامله لكل الدعاوى التي تستند إلي حق ينشئه عقد نقل البضائع بالبحر، فلم يقتصر التقادم على دعاوى المسئولية فقط ولا على دعاوى المسئولية عن الأضرار التي تحدث أثناء فترة المسئولية، سواء كانت هلاك بنوعيه (كلي-جزئي) للبضائع أو تلف أو تأخير في تسليمها، ولا على الدعاوى التي توجه إلي الناقل وحده، وإنما يشمل التقادم كل دعوى تنشأ عن عقد النقل البحري.

ويسري التقادم على الدعاوى الآتية:

1- دعوى الشاحن أو المرسل إليه ضد تابع الناقل بسبب الأضرار الناشئة عن الخطأ الذي وقع منه أثناء القيام بعمله وأداء وظيفته، وهي تنحصر في هلاك البضاعة أو تلفها.

2- دعوى الناقل ضد الشاحن أو المرسل إليه للمطالبة بأجرة النقل: تتقادم دعوى المطالبة بأجرة النقل بمضي سنتين من تاريخ تسليم البضائع أو من التاريخ الذي كان يجب أن يتم فيه التسليم شأنها في ذلك شأن كافة الدعاوى الناشئة عن عقد النقل بالبحر (الفقرة الأولى من المادة 244 بحري).

وتنقطع مدة تقادم دعوى المطالبة بأجرة النقل بأسباب الانقطاع المقررة في القانون المدني، فضلا عن انقطاعها بأسباب أخري وردت في الفقرة الثانية من المادة 244 بحري وهي: إرسال كتاب مسجل مصحوب بعلم وصول، أو تسليم المستندات المتعلقة بالمطالبة، أو ندب خبير لتقدير الأضرار(1).

3-دعوى الناقل ضد الشاحن مطالبا إياه بالتعويض عن الضرر الذي أحدثته البضاعة للسفينة أو للبضائع الأخرى.

4-دعوى الناقل ضد الشاحن مطالبا إياه بالتعويض الذي دفعه إلي المرسل إليه باعتباره-أي الشاحن-مسئول استنادا إلي خطاب الضمان.

تخضع الدعاوى الناشئة عن عقد النقل البحري للبضائع للتقادم سواء كانت الدعوى قد رفعت أمام القضاء أو أحيلت إلي التحكيم لنظرها والبت فيها.

المطلب الثاني: الدعاوى غير الخاضعة للتقادم
لا يسري التقادم على الدعاوى التي لا تكون ناشئة عن عقد النقل مثل الدعوى التقصيرية المرفوعة من الغير على الناقل والدعوى عن عقد بيع البضائع المبرم بين الشاحن والمرسل إليه، حيث لا دخل للناقل في هذا العقد.

-في التقنين الملغي (قانون التجارة البحري لسنة 1883م):

أ-فيما يخص الدعاوى الخاضعة للتقادم:
1-الدعاوى عن التلف أو العيب، وهي الدعاوى التي يواجهها النص صراحة، ولا فرق بين التلف الظاهر والغير ظاهر لعموم النص من جهة، ولأنه يستفاد من إعطاء المرسل إليه مدة 48 ساعة لتقديم الاحتجاج أن هذه المدة معطاة للمرسل إليه لفحص البضاعة والتأكد من خلوها من العيوب غير الظاهرة.

2-دعوى العجز والهلاك الجزئي، والمقصود بذلك النقص في عدد البضاعة أو وزنها أو حجمها.

3-ولا تخضع له إلا الدعاوى المرفوعة على الناقل شخصيا، أو على الربان بوصفه ممثلا للناقل لا بصفته الشخصية. والحكم واحد بالنسبة للدعاوى التي ترفع على الناقل مباشرة أيا كان سبب الدعوى، أي الخطأ الذي ترتد إليه مسئولية الناقل فيستوي هنا أن يكون خطأ من تابعيه أو خطا شخص من جانبه.

ب- فيما يخص الدعاوى التي لا تخضع للتقادم:

لا يسري هذا التقادم على الدعوى المقامة من الناقل البحري ضد الشاحن الذي يطالبه فيها بالتعويض الذي دفعه إلي المرسل إليه، استنادا إلي خطاب الضمان الذي أصدره الشاحن مقابل حصوله على سند شحن نظيف وخاص من التحفظات.

فان هذه الدعوى لا تعتبر من دعاوى تسليم البضاعة التي تخضع لتقادم المادة 271 بحري، ولا يشمل التقادم كذلك دعاوى المطالبة بثمن البضاعة التي اضطر الربان إلي بيعها في الطريق.

وكذلك دعاوى الهلاك الكلي والتخيير، إذ أن المادة 274 تفترض أن المرسل إليه تسلم البضاعة وانه كان في وسعه أن يفحصها ليطمئن إلي سلامتها ولذلك فهي لا تنطبق أن لم يكن هناك تسليم وذلك كما في حالة الهلاك الكلي، وكذلك الحكم بالنسبة للتأخير إذ النص قاصر على دعاوى الخسارة الحاصلة على البضاعة، ومن الصعب اعتبار تأخير وصول البضاعة تلفا حاصلا لها، فضلا على أن أدلة إثبات التأخير لا تضيع سريعا كما بالنسبة لأدلة الخسارة.

نلاحظ مما تقدم الاختلاف بين الدعاوى الخاضعة والدعاوى غير الخاضعة للتقادم في التقنين الملغي عن التقنين الجديد (قانون التجارة البحرية الجديد) في بعض الدعاوى التي كان التقادم لا يسري عليها في التقنين الملغي وعدل من شأنها القانون الجديد.

المبحث الثالث: عوارض التقادم (الوقف والانقطاع)
المطلب الاول: وقف التقادم
المقصود بوقف التقادم(1):
أن معنى وقف التقادم هو” أن يتعطل سريان التقادم مده معينه بسبب وجود مانع يتعذر على الدائن أن يطالب بحقه” فهناك أسباب توقف سريان التقادم بعد أن يكون قد بدأ في هذا الوقت، ولا تحسب المدة التي وقف فيها سريان التقادم بل تحسب المدة التي سبقت على الوقف والمدة التي تلي الوقف، فيفرض أن التقادم بدا سريانه ثم وقف لسبب ما، ووقف التقادم يفترض فيه أن التقادم لم يبدأ من أساسه لعدم استحقاق الدين ولكن يبدأ السريان بمجرد الاستحقاق.

أسباب وقف التقادم:
تنص المادة 382 مدني على ما يأتي:”

1-لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبيا وكذلك لا يسري التقادم فيما بين الأصيل والنائب.

2-لا يسري التقادم التي تزيد مدته على خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية أو في حق الغائب أو المحكوم عليه بعقوبة جنائية إذ لم يكن له نائب يمثله قانونا”.

وهذه القاعدة تنطبق على الشاحن والمرسل إليه كلما تعذر عليهما رفع الدعوى على الناقل البحري.

ومن هنا نجد أن التقادم يقف كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه هذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 382 مدني كما سبق الإشارة إليها

وهذه القاعدة تنطبق على الشاحن والمرسل إليه كلما تعذر عليهما رفع الدعوى على الناقل البحري.

ومثال المانع الذي يجعل من المتعذر على المرسل إليه أو الشاحن رفع دعوي المسئولية على الناقل البحري قيام إحداث مثل حرب مفاجئة أو نشوب فتنه عامه، إذا كانت هذه الأحداث قد منعت المحاكم من مباشرة إعمالها، بحيث صار من المتعذر فعلا على صاحب الحق في البضاعة أن يرفع دعواه.

وهذا يتطلب أن يكون رفع الدعوى مستحيلا استحالة مطلقه على المدعي، إلا انه قد يوجد الوقف إذا وجد اتفاق على عدم رفع الدعوى خلال مده معينه.

(ولا يقف التقادم بسبب وجود مفاوضات بين الناقل وصاحب الحق في البضاعة بأي شكل من الأشكال، ذلك أن المفاوضات تحصل إما قبل اكتمال المدة وإما بعد اكتمالها، فأما عن المفاوضات بعد اكتمال المدة فلا يمكن أن يقال أنها توقف أو لا توقف التقادم، لان التقادم قد اكتملت مدته ـ إنما قد يصح القول بان المفاوضات في هذه الحالة قد تعنى من جانب الناقل نزولا عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه، إنما لا علاقة لهذا النزول بالوقف، إما أن كانت المفاوضات قبل اكتمال مدة التقادم فقد يستنتج منها إقرارا من الناقل بالمسئولية عن الضرر وباستعداده لتعويض صاحب الحق في البضاعة عنه، وفي هذه الحالة نكون بصدد انقطاع لا بصدد وقف).

ويترتب على وقف التقادم أن المدة التي وقف سريان التقادم خلالها لا تحسب في مدة التقادم، ولكن يتم حساب المدة السابقة على الوقف والمدة التالية للوقف. فبعد زوال سبب الوقف يعود سريان المدة وتضاف المدة السابقة إلي المدة اللاحقة.

المطلب الثاني: انقطاع التقادم
انقطاع التقادم يعنى عدم احتساب المدة التي انقطعت قبل انقطاع التقادم وعدم دخولها في حساب مدة التقادم حيث يبدأ سريان التقادم من جديد بمده جديدة.

والانقطاع يمحو التقادم عن طريق الخروج من الجمود الذي كان فيه صاحب الحق وبذلك يزول كل إثر للمدة الماضية وكأنها لم تكن ويبدأ كل شيء من جديد فعندما يزول سبب الانقطاع تبدأ مدة تقادم جديدة لا اتصال لها البتة بمدة التقادم السابقة على الانقطاع.

إما عن الأثر الذي يترتب على انقطاع التقادم انه إذا انقطع التقادم يبدأ تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع وتكون مدته هي مدة التقادم الأول.

وتنص المادة 383 من التقنين المدني على انه ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلي محكمة غير مختصة وبالتنبيه والحجز، وبالطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليس أو في توزيع، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه في إحدى الدعاوى”.

وتنص المادة 384 على ما يأتي:”1-ينقطع التقادم إذا اقر المدين بحق الدائن إقرارا صريحا أو ضمنيا.

2-ويعتبر إقرارا ضمنيا أن يترك المدين تحت يد الدائن مالا له مرهونا رهنا حيازيا تأمينيا لوفاء الدين”.

أسباب قطع التقادم نوعين:

1-الأسباب الصادرة من الدائن:

أ-المطالبة القضائية.

ب-الحجز.

ج-التنبيه.

د-الطلب الذي يتقدم به الدائن لقبول حقه في تفليسة أو توزيع وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه في إحدى الدعاوى.

2-الأسباب الصادرة من المدين:

وهو سبب وحيد وهو:

– الإقرار الصريح أو الضمني الصادر من المدين.

ونجد هنا أن الأحكام العامة للتقادم عند تطبيقها على عقد النقل البحري تبين أن الإقرار القاطع للتقادم هو-على ما جري به قضاء محكمة النقض-الإقرار الذي يتضمن الاعتراف بحق صاحب البضاعة في التعويض وبالمسئولية عن فقدها.(1)

وينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ويشترط في هذه الدعوى أن تكون متعلقة بالموضوع، وان تكون مرفوعة على من له الحق في التمسك بالتقادم (الناقل-الربان) فالدعاوى المرفوعة على الربان تقطع التقادم.(2)

وإذا رفعت الدعوى من قبل المرسل إليه على الناقل على أساس المسئولية التقصيرية، وحكم فيها بعدم الاختصاص فرفع المرسل إليه بعد ذلك دعوى على الناقل البحري مطالبا بالتعويض عن الضرر ذاته ولكنه أسس دعواه هذه المرة على المسئولية العقدية فان الدعوى الأولي لا تقطع التقادم بالنسبة للدعوى الثانية لاختلاف الأساس الذي تقوم عليه كل منهما، ومن ثم لا يقطع التقادم عرض الناقل تعويض على سبيل الترضية.

أثر المفاوضات في قطع التقادم:

المفاوضات هي التي تدور ما بين الناقل والمرسل إليه في شان تسوية النزاع القائم بينهما حول المسئولية عن التلف الذي أصاب البضاعة فلا يقطع التقادم بمجرد إجراء مباحثات ومفاوضات بين الناقل والمرسل إليه إلا إذا أمكن أن يستخلص منها إقرار بالمسئولية ينشئ التزاما جديدا على عاتق الناقل البحري.

فان مثل هذه المفاوضات تصلح سببا لوقف التقادم ولكنها لا تصلح سببا لانقطاعه في دعوى المسئولية.

وأسباب انقطاع التقادم في القانون البحري بالإضافة إلي الأسباب المقررة في القانون المدني والتي سبق ذكرها هي:

– خطاب مسجل بعلم الوصول.

– تسليم المستندات للمطالبة بقيمة الأضرار.

– ندب خبير لتقدير الأضرار.

وهذه الأسباب الثلاثة التي تقطع التقادم في القانون البحري لا تصلح وفق أحكام القانون المدني كسبب لقطع التقادم، وذلك أن القانون المدني يشترط لقطع التقادم أن يصل الدائن إلي حد المطالبة القضائية، فلا تكفي المطالبة الودية ولو بكتاب مسجل بعلم الوصول، ولا يكفي الإنذار الرسمي على يد محضر ولا رفع دعوى إثبات حاله أمام القضاء المستعجل عن خطا في طلبات موضوع الحق، وأمكن اعتبار المطالبة القضائية في هذه الحالة بموضوع الحق المرفوعة أمام محكمه غير مختصة فتقطع مطالبة التقادم.

ويترتب على انقطاع التقادم بدء تقادم جديد يسري من وقت حصول الانقطاع وتكون مدة التقادم الجديد سنتين.

وسوف نعرض لهذه الأسباب بشيء من التفصيل:

1- خطاب مسجل بعلم الوصول:

فيعتبر إرسال الخطاب المسجل بعلم الوصول أول الأسباب التي تؤدي إلي قطع التقادم طبقا لأحكام القانون البحري.

– والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو هل أي خطاب مسجل بعلم الوصول يقطع التقادم أم لا بد أن يكون هذا الخطاب متعلقا بموضوع دعوى المسئولية في الصفقة التي يثار بشأنها دعوى المسئولية؟

وللإجابة على هذا السؤال يتضح أن المشرع قد اشترط إرسال خطاب مسجل بعلم الوصول، فلا يكفي الخطاب المرسل بالبريد العادي حتى لو كان بريدا سريعا، لان المشرع قد اعتبر الخطاب واقعه قاطعه للتقادم، فلا بد أن تكون هذه الواقعة محدده، لا ثار الخلاف بشأنها فيما بعد ذلك.

– والخطاب المسجل يعتبر واقعه محدده ولكي إلي علم الطرف الآخر وصول الخطاب المسجل يصله إخطار ووفقا للنص التشريعي الراهن أن أي خطاب آخر لا يقطع مدة التقادم مهما كانت درجة قوته.

– ورغم أن الإنذار الرسمي على يد محضر لا يقطع التقادم في مفهوم المادة 382 من التقنين المدني، باعتبار أن ما يقطع التقادم يجب أن يكون التنفيذ أو مقدماته وليس الإنذار، وأن الفقرة الثانية من المادة 244 من قانون التجارة البحرية لا تورد الإنذار الرسمي على يد محضر باعتباره سببا لقطع التقادم، إلا أن ثمة تساؤل يثار عما إذا كان مثل هذا الإنذار يصلح سببا لقطع تقادم دعوى المسئولية على مالك السفينة، خاصة وأن المادة 244 من قانون التجارة البحرية قد أوردت الكتاب المسجل بعلم الوصول باعتباره سببا لقطع التقادم.

– والأمر الذي لا شك فيه أن الإنذار على يد محضر تجاوز دلالته بكثير دلالة الخطاب المسجل بعلم الوصول في التأكيد على رغبة صاحب الحق في اقتضاء حقه.

– والواضح في هذا الصدد انه يتعين أن يكون للإنذار المذكور ذلك الأثر الذي للخطاب المسجل بعلم الوصول، وليس الأمر في ذلك متوقفا على قياس ما نعمله، وإنما يؤدي بنا التحليل السليم إلي تقرير الإنذار الرسمي على يد محضر يحمل بين طياته في القليل مؤدي الخطاب المسجل بعلم الوصول، مما يترتب عليه أن يكون مثل هذا الإنذار سببا لقطع التقادم مثله فيف ذلك مثل الخطاب المسجل بعلم الوصول.

2- تسليم المستندات للمطالبة بقيمة الأضرار:

يتمثل السبب الثاني من أسباب قطع التقادم في القانون البحري في تسليم المستندات للمطالبة بقيمة الأضرار، وهذا التسليم وتلك المطالبة تعتبر عملا ايجابيا يقوم على أساسه قطع التقادم، ولذلك فقد شبهه بالمطالبة القضائية.
والمستندات المطلوبة لقطع التقادم يجب أن تكون متعلقة بالبضائع التي ترفع بشأنها دعوى المسئولية، ومن أمثلة المستندات التي يقطع تسليمها التقادم سندات الشحن وشهادات المنشأ. وفواتير ووثائق التامين وتقديم إقرار يحتوي على قيمة الأضرار، فجميع هذه المستندات تعتبر مستندات قاطعه للتقادم.

والعلة في جعل تسليك المستندات للمطالبة بقيمة الأضرار سببا من أسباب قطع التقادم في القانون البحري أن هذا التسليك يجعل المدة لا يطويها النسيان أو الإهمال.

3- ندب خبير لتقدير الأضرار:

ويتمثل السبب الثالث من أسباب قطع التقادم في القانون البحري في ندب خبير بتقدير الأضرار، وقد تعرضت لهذا السبب المادتان 133، 134 من قانون الإثبات.

فالمادة 133 من قانون الإثبات تنص على انه ” يجوز لمكن يخشى ضياع معالم واقعه يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء أن يطلب في مواجهة ذي الشأن وبالطرق المعتادة من قاضي الأمور المستعجلة الانتقال للمعاينة، وتراعي في هذه الحالة الأحكام المبينة في المواد السابقة.

إما المادة 134 فقد جاء نصها كالأتي” يجوز للقاضي في الحالة المبينة في المادة السابقة أن يندب خبير أو احد الخبراء للانتقال أو المعاينة وسماع الشهود بغير يمين، وعندئذ يكون عليه أن يعلن جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقدير الخبير وإعماله، وتتبع القواعد المنصوص عليها في الباب الخاص بالخبرة” فهذه المادة جعلت الأمر جوازاياً للقاضي وذلك بطلب المعاينة أو بندب خبير أو لسماع الشهود بغير يمين، وعليه التزام في هذه الحالة أن يعلن جلسة لسماع ملاحظات الخصوم على تقدير الخبير وإعماله وفي مثل هذه الحالة تتبع القوانين المنصوص عليها في باب الخبرة.

فدعوى إثبات الحالة إذن هي طلب تصوير حاله ماديه يخشى ضياع معالمها، إذا عرض النزاع على قاضي الموضوع واتبعت في شأنه إجراءات التقاضي العادية.

ودعوي إثبات الحالة قد تكون مستعجلة في أحوال الاستعجال يختص بنظرها قاضي الأمور المستعجلة وبالتالي فأنها تخضع للقواعد العامة التي تخضع لها غيرها من الدعاوى المستعجلة.

الفصل الثاني: تقادم الدعاوى في عقد النقل البضائع بحرا في الاتفاقيات الدولية
نشا القانون البحري منذ عرف الإنسان البحر، وذلك في شكل عادات وتقاليد تحكم العلاقات البحرية.

وفي مجال نقل البضائع بحرا جاءت اتفاقية بروكسل لسنة 1924، الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن، والتي يرجع تاريخها إلي الصراع الذي كان قائما بين الشاحنين والناقلين بسبب شروط الإعفاء من المسئولية، وأوردت الاتفاقية المذكورة أحكاما خاصة بتقادم دعوى المسئولية الموجهة إلي الناقل أو السفينة، وإذ كشف العمل عن عيوب في الاتفاقية المذكورة، فقد تم تعديلها بمقتضي بروتوكول بروكسل لعام 1986م الذي عرض لتقادم دعوى الرجوع.

على أن اتفاقية بروكسل لسنة 1924م ورغم تعديلها بروتوكول 1986 عجزت عن مجاراة التطور الاقتصادي من النقل البحري واستغلال السفينة، ومن ثم أبرمت في 1978 اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحري للبضائع والتي تعرف “بقواعد هامبورج”، وعرضت الاتفاقية الأخيرة لتقادم الدعوى المتعلقة بنقل البضائع وكذلك لتقادم دعوى بدئه .

ومن دراستنا لتقادم الدعوى في عقد نقل البضائع بحرا في الاتفاقيات الدولية نعرض في:
المبحث الأول: تقادم الدعوى في عقد نقل البضائع بحرا في اتفاقية بروكسل لسندات الشحن لسنة 1924.
المبحث الثاني: تقادم الدعوى في عقد نقل البضائع بحرا في اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحري للبضائع (اتفاقية هامبورج) لعام 1978.
المبحث الاول: تقادم الدعوى في عقد نقل البضائع بحرا في اتفاقية بروكسل لسندات الشحن لسنة 1924
عرضت اتفاقية بروكسل لسنة 1924 الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن الموقعة في 25/8/1924 إلي تقادم دعوى المسئولية الموجهة إلي الناقل أو السفينة وذلك في المادة 3/سادسا منها التي نصت على انه ” وفي جميع الأحوال ترتفع عن الناقل والسفينة كل مسئولية عن الهلاك أو التلف إذا لم ترفع الدعوى خلال سنه من تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه “.

وتم في بروكسل بتاريخ 23/6/1968 التوقيع على بروتوكول خاص بتعديل أحكام تلك الاتفاقية الذي أضاف في المادة الأولي منه فقره ” سادسا مكرر” للمادة الثالثة من الاتفاقية تقادما خاصا بدعوى الرجوع جاء نصها كالتالي: ” يجوز إقامة دعوى تعويض ضد طرف ثالث بعد فوات السنة المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا رفعت خلال الوقت المسموح به طبقا لقانون المحكمة المختصة بالموضوع. ومع ذلك لا يجوز أن يقل الوقت المسموح به عن ثلاثة شهور تبدأ من اليوم الذي يكون فيه الشخص الذي أقام دعوى التعويض قد سدد المطالبة، أو يكون قد أتم إعلانه في الدعوى المرفوعة ضده “.
وأحكام التقادم التي أوردتها اتفاقية بروكسل لسنة 1924 وبروتوكول تعديلها 168 إنما تنطبق على الدعاوى التي تخضع لتلك الاتفاقية.
المطلب الاول: اساس التقادم ومدته

أولا: أساس التقادم:
التقادم الذي نصت عليه اتفاقية بروكسل لسندات الشحن لا يقوم على قرينة الوفاء، وإنما يقوم على الرغبة في سرعة إنهاء المنازعات وهذا التقادم شرع لحماية الناقل البحري من المطالبات المتأخرة بشأن تسليم البضاعة وكذلك خشية ضياع معالم الإثبات، فلقد نصت الفقرة (6) من المادة الثالثة من اتفاقية سندات الشحن على انه ” في كل جميع الأحوال ترتفع عن الناقل والسفينة كل مسئولية ناشئة عن الهلاك أو التلف، إذ لم ترفع الدعوى في خلال سنة من تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه “.

ويبدأ سريان التقادم من اليوم التالي لانتهاء البضاعة أو الذي كان المفروض أن ينتهي فيه، ولا يجوز الاتفاق على تقصير مدة التقادم.
ولكن يمكن أن يسمح للناقل أن يسمح للشاحن بمد مدة التقادم بحيث تزيد على سنة وان كان ذلك لا يحصل غالبا في العمل، وقد أجاز بروتوكول 1968 مد المدة بحيث تزيد على سنة وذلك بنصه في المادة الأولي على انه” مع عدم الإخلال بأحكام الفقرة(6) مكرر لا يسال الناقل أو السفينة عما يتعلق بالبضاعة ما لم ترفع الدعوى خلال سنة من تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه. ومع ذلك يجوز إذا وافقت الأطراف، مد هذه المدة عندما ينشأ سبب لذلك”.

ثانيا: مدة التقادم:
ومدة التقادم في الاتفاقية هي سنة ميلادية واحده ن ويختلف بدء سريانها في حالة النقصان والتلف عن حالة الهلاك الكلي ن فيسري التقادم في حالة النقصان أو التلف من وقت التسليم، فان استمر التسليم بعدة أيام سري التقادم من اليوم الذي انتهى فيه من وضع البضاعة بأكملها في عهدة المرسل إليه.
فان سلم من البضاعة جزء وكان الجزء الآخر مفقودا فيسري التقادم من وقت تسليم الجزء الذي وصل، لا من الوقت الذي يبلغ فيه الناقل المرسل إليه بان جهوده في البحث عن الجزء المفقود لم توصل إلي أية نتيجة.
فمدة التقادم هي سنة تبدأ من اليوم التالي لانتهاء عملية التسليم، والتسليم المقصود هنا هو التسليم الفعلي.
ويبدأ سريان التقادم في حالة الهلاك الكلي من الوقت الذي كان يجب تسليم البضاعة فيه، وذهبت بعض الأحكام القضائية إلي القول بان ميعاد السنة المقرر لرفع دعوى المسئولية وفقا لأحكام اتفاقية بروكسل هو ميعاد سقوط لا تسري عليه أحكام الوقف والانقطاع التي تسري على التقادم، إلا أن الرأي الغالب في القضاء والفقه أن هذه المدة هي مدة تقادم حقيقي.
وإذا لم يكن هناك تسليم فان مدة التقادم يبدأ سريانها في اليوم التالي لليوم الذي كان ينبغي أن تسلم فيه البضائع، وتفسير ذلك يحتاج أن تقوم المحكمة بتحديده من وقائع كل دعوى.
المطلب الثاني: نطاق التقادم
يسري التقادم في اتفاقية بروكسل لسندات الشحن لسنة 1924 المعدلة ببروتوكول 1968 على الدعاوى التي تنشا عن الضرر الذي يمكن لصاحب الحق في البضاعة أن يشكو منه بمناسبة تنفيذ عقد النقل (أي عقد النقل المثبت بسند شحن وأثناء الفترة البحرية).

أولا: الدعاوى الخاضعة للتقادم:

1- دعوى التسليم: أن عدم قيام الناقل بتسليم البضائع يتماثل تماما مع الهلاك الكلي، فإذا لم يكن التسليم ممكنا فان المطالب بتسليم البضائع يكون له الحق أثناء سير الدعوى في أن يعدل طلبه الأصلي بالتسليم إلي طلب تعويض يمثل قيمة البضاعة، ويعكس دعوى التسليم من ناحية التقادم دعوى التعويض على الضرر الناشئ عند تسليم البضائع لشخص ليس له الحق في تسلمها.
2- عوى التعويض التي يرفعها صاحب الحق في البضاعة مطالبا بثمن البضاعة التي باعها الربان أثناء السفر في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 105 من قانون التجارة البحرية.
3- دعوى التعويض عن الهلاك الكلي، وقد قضت محكمة النقض المصرية بان” مدة السنة التي يتعين رفع الدعوى خلالها تبدأ من تاريخ تسليم البضاعة، كما تبدأ من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه، وهو ما لا يتصور في هذه الحالة إلا عند عدم التسليم الكلي “.
4- دعوى التعويض عن الهلاك الجزئي ويتساوى معه العجز.
5- دعوى التعويض عن تلف البضائع سواء كان التلف ظاهرا-غير ظاهر.

ثانيا: الدعاوى غير الخاضعة للتقادم هي:

1– لا يخضع لهذا التقادم الدعاوى المتعلقة بالبضائع المشحونة على سطح السفينة ولا على الحيوانات الحية.
2-ولا يسري على دعوى الناقل ضد الشاحن أو المرسل إليه بالمطالبة بأجرة النقل، إذ أن مثل هذه الدعاوى الأخيرة وان كانت ناشئة عن عقد النقل إلا أنها ليست موجهه ضد الناقل، وذلك على خلاف الحال في قانون التجارة البحرية حيث يسري التقادم المقرر به على ” الدعاوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر “.
3-وكذلك لا يسري التقادم على دعوى الشاحن أو المرسل إليه بالمطالبة برد أجرة نقل مدفوعة بغير وجه حق، إذ انه بالإضافة إلي أن مثل هذه الدعوى ليست دعوى مسئوليه فان أساسها ليس عقد النقل في مفهوم المادة الأولي من الاتفاقية.
4-دعوى المساهمة في الخسارات العمومية.
لا تعرض اتفاقية بروكسل للتأخير في تسليم البضاعة ومن ثم فالأخطار قاصر على حالتي البضاعة وتلفها دون حالة التأخير وذلك على خلاف قانون التجارة البحرية.
ويسري هذا التقادم على كل الدعاوى الخاصة بالمسئولية أيا كان نوع هذه المسئولية، سواء كانت مسئولية عقديه أو مسئوليه تقصيرية، وسواء كان الرجوع على الناقل أو على أحد تابعيه في نص المادة 3 من بروتوكول 1968 والمادة الرابعة مكرر من الاتفاقية.

تقادم دعوى الرجوع:

أن النص الوارد بالاتفاقية (المضاف بالمادة 1/3 من البروتوكول) يترك للدول المتعاقدة أمر تحديد المدة التي يتعين خلالها رفع دعوى الرجوع في قوانينها الخاصة، بشرط إلا تقل هذه المدة عن ثلاثة أشهر من يوم قيام رافع دعوى الضمان بتسوية المطالبة، أو من يوم إقامة الدعوى عليه.
وينطبق النص الجديد على دعوى الرجوع بالضمان التي يرفعها الناقل البحري على الشاحن الذي أصدر خطاب ضمان مقابل حصوله على سند شحن نظيف خال من التحفظات(1).

حيث تنص المادة الثالثة من الفقرة السادسة البند الرابع من معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة 1924 على انه” في جميع الأحوال ترتفع عن الناقل والسفينة كل مسئولية ناشئة عن الهلاك أو التلف إذا لم ترفع الدعوى في خلال سنة من تسليم البضاعة أو التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه”
وأساس التقادم الذي سبق ذكره في النص هو السرعة المفروض أن تصفي بها العمليات التي تتصل بالنقل البحري الذي تم فعلا.
ومدة التقادم المنصوص عليها والتي يتعين رفع الدعوى خلالها تبدأ من تاريخ تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه.
والطرف الذي يتمسك بهذا التقادم هو الناقل مالك السفينة أو مستأجرها على أساس انه الطرف المدين بتسليم البضاعة، إما بالنسبة للشاحن أو المرسل إليه فليس لأي منهم أن يتمسك بالتقادم.

-في الدعوى التي أقامتها شركة ملاحة ضد الشاحن مطالبة إياه بالتعويض الذي دفعته إلي المرسل إليه باعتبار الشاحن مسئولا عن هذا التعويض استنادا إلي خطاب الضمان الذي تعهد فيه بان يتحمل أية مسئوليه قد تترتب بسبب خلو سند الشحن من التحفظات التي تمثل حالة البضاعة الحقيقية والتي رأي عد إدراجها فيه.

وقد تمسك الشاحن بالتقادم السنوي إلا أن محكمة النقض المصرية رأت أن هذه الدعوى ليست موجهه إلي الناقل ولا تستند إلي التزامه بالتسليم وإنما هي مقامة من النقل البحري ضد الشاحن وبالتالي فهذه الدعوى ليست من الدعاوى التي تخضع للتقادم السنوي.(2)

إضافة إلي ما سبق نجد انه لا يجوز للناقل أن يدخل في سند الشحن شرطا يفيد تقصير مدة التقادم لان ذلك يكون بالمخالفة لنص المادة الثالثة الفقرة الثامنة: “كل شرط أو تعاقد أو اتفاق في عقد نقل يتضمن إعفاء الناقل أو السفينة من المسئوليات عند الهلاك أو التلف اللاحق بالبضائع الناشئة من الإهمال أو الخطأ أو التقصير في الواجبات أو الالتزامات المنصوص عليها في هذه المادة أو يتضمن تخفيف هذه المسئولية على وجه يخالف ما هو منصوص عليه في هذه المادة يعتبر باطلا بطلانا مطلقا ولا يترتب عليه أثر ما.”

وقضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بأنه” طبقا للمادة 3 من الفقرة السادسة من معاهدة بروكسل ترتفع على النقل كل مسئوليه إذا لم ترفع الدعوى خلال سنة من تسليم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسليمها فيه.

ومفاد ذلك أن التقادم لا يبدأ إلا من اليوم الذي سلمت فيه البضاعة فعلا للمرسل إليه أو وكيله فإذا استمر التسليم عدة أيام سري التقادم من اليوم الذي انتهى فيه وضع البضاعة بأكملها في عهدة المرسل إليه (3)
المطلب الثالث: عوارض التقادم (الوقف والانقطاع).

من أهم أسباب وقف التقادم والمفاوضات الدائرة بين الطرفين، ولا يستأنف الميعاد سيره إلا من تاريخ هبوط المفاوضات بإفصاح الناقل بشكل قاطع وحازم عن عدم مسئوليته عن تلف البضاعة أو عجزها.

فإذا كان متفقا في عقد النقل أو في غيره على شرط التحكيم، كان إعلان أحد الطرفين ببدء إجراءات التحكيم بمثابة إعلان رفع الدعوى، لان المقصود بالنص هو المطالبة القضائية أو ما يحل محلها قانونا أو اتفاقا.

فإذا ما التجأ الخصوم إلي التحكيم فانه يترتب على حصول إجراءات التحكيم قطع التقادم، وتعتبر المفاوضات بين الناقل وصاحب الحق في البضاعة والتي تهدف إلي تسوية النزاع بينهما حول المسئولية سببا لوقف التقادم وان كانت لا تصلح سببا لانقطاعه.

وفيما يتعلق بالإقرار الذي يقطع التقادم قضت محكمة النقض المصرية بأنه هو ذلك الإقرار الذي يتضمن الاعتراف بحق صاحب البضاعة في التعويض وبالمسئولية عن فقدها، إما مجرد الإخبار عن فقد البضاعة وان البحث مستمر في ميناء الشحن وفي الموانئ التي مرت بها السفينة، فأنهما لا ينطويان على أي إقرار.

فيما عدا الحكم الذي أوردته المادة الثالثة من اتفاقية بروكسل والذي مفاده “أن دعوى المسئولية ضد الناقل والسفينة تتقادم بمضي سنة وان رفع الدعوى خلال تلك المدة يقطع التقادم” فيما عدا ذلك سكتت عن إيراد الأحكام الخاصة بالتقادم وخاصة وقف التقادم أو باقي أسباب انقطاعه، وتركت ذلك للتشريع الوطني وذلك التشريع في مصر هو القانون المدني (المادة 382 بشأن وقف التقادم والمادتان 383 ، 384 بشأن انقطاع التقادم)، وكذا الفقرة الثانية من المادة 244 من قانون التجارة البحرية، التي أضافت إلي جانب أسباب انقطاع التقادم التي ذكرتها المادتان 383 ، 384 مدني أسباب ثلاثة هي: 1-الكتاب المسجل بعلم الوصول. 2-وتسليم المستندات المتعلقة بالمطالبة 3-وندب خبير لتقدير الأضرار.
المبحث الثاني: تقادم الدعوى في عقد نقل البضائع بحرا في اتفاقية الامم المتحدة للنقل البحري للبضائع (اتفاقية هامبورج) لعام 1978.

وافقت جمهورية مصر العربية على اتفاقية هامبورج (اتفاقية الأمم المتحدة لنقل البضائع بحرا لسنة 1978) بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 104 لسنة 1979.

وقد دخلت الاتفاقية المذكورة حيز النفاذ الدولي في 1/12/1992.

وثمة اختلاف ظاهر بين أحكام قانون التجارة البحرية واتفاقية هامبورج يتمثل في سبيل الناقل لدفع مسئوليته، والحد الأقصى لمسئولية الناقل البحري عن التأخير، بما يعنى وجود ازدواج في التشريع.

وقد عرضت الاتفاقية في المادة 20 منها لتقادم الدعوى على أن:

1-تسقط بالتقادم أية دعوى تتعلق بنقل البضائع بموجب هذه الاتفاقية إذا لم تتخذ إجراءات التقاضي أو التحكيم خلال سنتين.

2-تبدأ مدة التقادم من يوم قيام الناقل بتسليم البضاعة أو بتسليم جزء منها، أو في حالة عدم تسليم البضائع، أو من آخر يوم كان ينبغي أن يسلمها فيه.

3-لا يدخل اليوم الذي تبدأ فيه مدة التقادم في حساب المدة.

4-يجوز في أي وقت أثناء مدة التقادم أن يقوم الشخص الذي تقدم في حق مطالبة بمد مدة التقادم بإعلان كتابي يوجهه إلي المطالب ويجوز إعادة تجديد مدة التقادم بإعلان لاحق أو إعلانات لاحقه.

5-الشخص الذي يحمل مسئولية له أن يقيم دعوى تعويض، حتى وان انقضت مدة التقادم المنصوص عليها في الفقرات السابقة، إذا أقيمت الدعوى في حدود المهلة المسموح بها في قانون الدولة التي تتخذ فيها الإجراءات على انه يجب إلا تقل المهلة بها عن 90 يوما تبدأ من اليوم الذي قام فيه الشخص الذي يقيم دعوى التعويض المذكورة بتسوية المطالبة، أو اليوم إلي ابلغ فيه بإعلان الدعوى المقامة عليه”.

قررت اتفاقية هامبورج أن تتقادم كل دعوى سواء أكانت دعوى قضائه أو دعوى تحكيمية تتعلق بنقل البضائع بحرا، إذا لم تباشر إجراءات التقاضي أو التحكيم خلال مدة سنتين الفقرة الأولى من المادة 20 .

وهذه المدة تعتبر من النظام العام، إلا انه يجوز لمن تقرر التقادم لمصلحته أن ينزل عنه ولو ضمنا بعد ثبوت الحق فيه وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 388 مدني، على أن الدفع بالتقادم ليس من النظام العام، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، بل يجب أن يكون بناء على طلب من شرع التقادم لمصلحته، فالدفع بالتقادم هو دفع موضوعي يجوز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام المحكمة الاستئنافية.

والتقادم في مادة النقل. هو تقادم مسقط، ومدته سنتان وعليه فان اتفاقية هامبورج قد أطالت مدة التقادم إلي سنتين بدلا من سنة واحده كما كان الوضع في اتفاقية بروكسل وقد استهدفت من هذا التعديل أمرين هامين هما:

الأمر الأول: تحقيق مصلحة الشاحن لان مدة السنة المقررة في اتفاقية بروكسل قد اثبت العمل بها على أنها مدة قصيرة، الأمر الذي يتعذر معه على الشاحن حصوله على حقوقه بسهوله.

الأمر الثاني: هو تحقيق التوافق بين مدة التقادم في نقل البضائع بحرا ومدة التقادم في أنواع النقل الأخرى.

كما أجازت اتفاقية هامبورج إطالة مدة التقادم في أي وقت أثناء هذه المدة بشرط أن يقوم المدعى عليه بإعلان كتابي يوجه إلي المدعى، معربا فيه عن رغبته في إطالة مدة التقادم.

ولا يقوم هذا التقادم على قرينة الوفاء، وإنما يقوم أساسا على الرغبة في إنهاء المنازعات المرتبطة بعملية النقل في أسرع وقت ممكن وذلك للتخوف من ضياع معالم الإثبات، حماية للناقل حتى لا تتراكم عليه المطالبات على نحو قد يعجزه عن الوفاء، ولا شك أن اتفاقية هامبورج تتسم بالمرونة في هذا الخصوص أكثر من اتفاقية بروكسل.

وتبدأ مدة التقادم من يوم قيام الناقل بتسليم البضائع أو جزء منها، وفي حالة عدم تسليم البضائع تبدأ المدة من آخر يوم كان ينبغي أن تسلم فيه، ولا يدخل اليوم الذي تبدأ فيه مدة التقادم في حساب المدة الفقرة الثالثة من المادة 20 .

إما إذا استغرق التسليم عدة أيام فان مدة التقادم تبدأ من اليوم الذي ينتهي فيه فعلا، أي من يوم التسليم الفعلي وليس التسليم الرمزي الذي يستطيع المرسل إليه معاينة البضائع المنقولة والتحقق من حالتها، إما في حالة عدم حصول تسليم للبضائع بسبب هلاكها أو فقدها فمدة التقادم تبدأ من آخر يوم كان ينبغي التسليم فيه، وتحسب هذه المدة بالتقويم الميلادي، وكما تحسب بالأيام وليس بالساعات.

إما بالنسبة لحالات التسليم: تتمثل في ثلاثة فروض: –

الفرض الأول: حالة تسليم البضاعة:

– المقصود بالتسليم هو الاستلام الفعلي من جانب صاحب الحق في تسلم البضاعة، بحيث يتمكن من حيازتها الحيازة الفعلية، وكذا يتمكن من فحصها والتحقق من حالتها، فتسليم البضائع يعتبر عملا قانونيا يتحقق بحصوله تنفيذ الناقل لالتزاماته الناشئة عن عقد النقل البحري، ويترتب عليه انقضاء لذلك العقد.
– ومن هذا يتضح أن مدة التقادم تبدأ من يوم قيام الناقل بتسليم البضائع أو بتسليم جزء منها، وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 20 وإذا استغرق التسليم عدة أيام تحسب المدة من اليوم الذي انتهى فيه وضع البضاعة بأكملها في عهدة المرسل إليه. ولا يقوم تسليم البضاعة إلي الجمارك مقام التسليم الفعلي إلي المرسل إليه أو نائبه، كما انه ر يعد نائبا عن المرسل إليه في استلام البضاعة مقاول التفريغ إلا إذا كان هذا المقاول موكلا في استلام البضاعة، ومن ثم يبدأ حساب مدة التقادم من تاريخ تسليم هذا المقاول للبضاعة.
– وتفسير المقصود بالفقرة الثانية من المادة 20 من الاتفاقية، والتي تشير إلي أن مدة التقادم تبدأ من يوم تسليم جزء من البضائع، معناه حالة الهلاك الجزئي الذي لا يتم فيه سوي تسليم جزء من البضاعة.

الفرض الثاني: حالة عدم تسليم البضاعة:

إذا لم يحدث تسليم للبضاعة فان مدة التقادم تبدأ من آخر يوم كان ينبغي أن تسلم فيه ( الفقرة الثانية من المادة 20 )، وحالات عدم التسليم إما بسبب فقد البضاعة أو بسبب الهلاك الكلي لها.
وإذا غرقت السفينة وهلكت البضائع فان التقادم يسري من التاريخ الذي يعلم فيه صاحب البضاعة بغرق السفينة، وتقضي الفقرة الأولى من المادة 226 من قانون التجارة البحرية الجديد بأنه إذا لم يحضر صاحب الحق في تسلم البضاعة، أو حضر وامتنع عن تسلمها، أو عن أداء أجرة النقل أو غيرها من المبالغ الناشئة عقد النقل، جاز للناقل أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية الأذن بإيداع البضائع عند أمين يعينه القاضي، وانه يجوز للناقل طلب الأذن بإيداع البضائع كلها أو بعضها لاستيفاء المبالغ المذكورة.
خلاصة الأمر أن مدة التقادم تبدأ من يوم حضور صاحب الحق في البضاعة وعلمه بوصولها وامتناعه عن تسلمها أو عن أداء أجرة النقل المتفق عليها.

الفرض الثالث: حالة التأخير في تسليم البضاعة:

تحسب مدة التقادم في حالة التأخير في تسليم البضاعة من اليوم الذي كان ينبغي أن يتم فيه النقل، فتنص الفقرة الثانية من المادة 5 من اتفاقية هامبورج على انه ” يقع التأخير في التسليم إذا لم يتم تسليم البضائع في ميناء التفريغ المنصوص عليه في عقد النقل في حدود المهلة المتفق عليها صراحة، أو في حالة عدم وجود هذا الاتفاق في حدود المهلة التي يكون من المعقول طلب إتمام التسليم خلالها من ناقل يقظ مع مراعاة ظروف الحالة “.

ففي الحالة الأولي يكون ثمة تأخير من جانب الناقل في تسليم البضائع إذا لم يسلمها لصاحب الحق فيها في الميعاد المتفق عليه صراحة، وفي الحالة الثانية فيكون ثمة تأخير إذا لم يسلم الناقل البضاعة في الميعاد الذي يسلمها في الناقل العادي في ظروف مماثله لعملية النقل هذه، وفي حالة التأخير يفترض أن البضاعة قد وصلت سليمة، فالتأخير يعتبر على عكس الهلاك أو التلف بحيث يمثل الضرر في فوات كسب أو وقوع خسارة فهو ضرر “اقتصادي”، وهذا الضرر يقع على البضاعة كما لو كانت فاكهه مثلا ويسال الناقل عن مثل هذا الضرر بوصفه تلفا،
وقد يقع الضرر على المرسل إليه أو على منشاته كما إذا فوت عليه التأخير صفقة رابحه أو الحق به خسارة نشأت عن تعطيل العمل في المنشأة بسبب تأخر وصول الآلات المطلوبة.

دعوى الناقل على الشاحن:

ثمة أحوال يكون فيها للناقل حق الرجوع على الشاحن ودعوى الناقل في مثل هذه الأحوال دعوى تخضع لذات التقادم التي أوردتها المادة 20 من اتفاقية هامبورج لنقل البضائع.

إلا أن بدء مدة التقادم في دعوى الناقل على الشاحن لا يكون هو ذاته ما أوردته الاتفاقية بنصها على انه يوم قيام الناقل بتسليم البضائع إلي المرسل إليه أو من اليوم الذي كان يتعين تسليمها فيه.

– الحالات التي يكون فيها للناقل الرجوع على الشاحن، وبيان كيفية احتساب بدء مدة تقادم الدعوى في كل منها وذلك على النحو التالي:

1- دعوى مطالبة الناقل للشاحن أو المرسل إليه بأجرة النقل: –

الملتزم بأداء أجرة النقل هو الشاحن، على أن سند الشحن قد ينص على أن أجرة النقل أو جزء منها مستحق على المرسل إليه. وتاريخ بدء تقادم دعوى مطالبة الناقل للشاحن بأجرة النقل هو التاريخ المعين في عقد النقل البحري لأداء الشاحن بتلك الأجرة أو تاريخ تسلم المرسل إليه للبضاعة في ميناء التفريغ.

2- دعوى الناقل أو الناقل الفعلي على الشاحن أو أحد مستخدميه أو وكلائه عن الخسارة أو الضرر الذي لحق السفينة أو البضائع الأخرى، نتيجة خطأ أو إهمال أي منهم، فيبدأ احتساب مدة التقادم من تاريخ معرفة الناقل أو الناقل الفعلي بحصول الخسارة أو الضرر، ومعرفة الشاحن أو مستخدميه أو أحد وكلائه.

3- دعوى الناقل على الشاحن بالتعويض عن الضرر الناشئ عن إعطاء بيانات غير صحيحة بشأن البضاعة وتبدأ مدة التقادم بشأن هذه الدعوى من تاريخ تحقق الضرر، وهذه الدعوى تتماثل مع الدعوى الناشئة عن مطالبة الناقل أو الناقل الفعلي للشاحن بالتعويض عن الخسارة الناتجة عن شحن بضائع خطره، ولم يخطر الشاحن الناقل بخطورة الشحنة المنقولة ولم يكن الناقل أو الناقل الفعلي على علم بصفتها الخطرة فتبدأ مدة التقادم من تاريخ تحقق الخسارة.

4- دعوى الناقل ضد الشاحن مطالبا إياه بالتعويض الذي قد تم أداءه للمرسل إليه لمسئولية الشاحن عنه، استنادا إلي خطاب الضمان الذي قدمه الشاحن، فيكون للناقل الرجوع على الشاحن مطالبا إياه بذلك التعويض فيبدأ تقادم دعوى الناقل من تاريخ الحكم الصادر ضد الناقل بتعويض المرسل إليه.
المطلب الثاني: نطاق التقادم
عرضت اتفاقية هامبورج لتقادم الدعوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر، فنصت الفقرة الأولي من المادة 20 على انه “تسقط بالتقادم أية دعوى تتعلق بنقل البضائع بموجب هذه الاتفاقية إذا لم تتخذ إجراءات التقاضي أو التحكيم خلال سنتين “.
وهو تقادم تخضع له كل دعوى تتعلق بنقل البضائع سواء أكانت دعوى مسئوليه عن هلاك أو تلف أو تأخير، وسواء أكانت الدعوى قائمه على أساس المسئولية العقدية أو التقصيرية، طالما لم يتخذ خلال مدة التقادم أي إجراء من إجراءات التقاضي أو التحكيم.
وقد جاء النص عاما في اتفاقية هامبورج حيث شمل التقادم التقاضي والتحكيم على عكس ما جاء به نص اتفاقية بروكسل (إذا لم ترفع الدعوى خلال سنة)، يقصد بها إجراءات التقاضي فقط، فعبارة ما لم ترفع الدعوى خلال سنة الواردة في المادة 3/6 من اتفاقية بروكسل. تعنى ما لم تكن الدعوى قد رفعت أمام المحكمة في خلال سنة، فهي واضحة وصريحة على أنها قد اقتصرت على التقاضي ولم تتوسع إلي إجراءات التحكيم.

ويسري التقادم في اتفاقية هامبورج على الدعاوى الآتية:
1- دعوى الشاحن أو المرسل إليه ضد الناقل أو الناقل الفعلي أو الناقل اللاحق في النقل المتتابع بالمطالبة بالتعويض عن هلاك البضائع أو تلفها أو التأخير في تسليمها.
2- دعوى الشاحن أو المرسل إليه ضد مستخدم أو وكيل الناقل أو الناقل الفعلي أو اللاحق، بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن فعل أو تقصير يقع منه أثناء تأدية وظيفته، وتتمثل في هلاك البضائع أو تلفها.
3- دعوى الناقل ضد الشاحن أو المرسل إليه للمطالبة بأجرة النقل.
4- دعوى الناقل ضد الشاحن أو مستخدمه أو وكيل الشاحن بالتعويض عن الضرر الناشئ عن أخطائه أو عن أخطاء أحد تابعيه.
5- دعوى الناقل ضد الشاحن عن الضرر الناشئ عن تقديم بيانات غير صحيحة بشأن البضاعة.
6- دعوى الناقل ضد الشاحن مطالبا إياه بالتعويض الذي أداه المرسل إليه باعتباره مسئولا عنه استنادا إلي خطاب الضمان الذي تعهد فيه بتحمل أية مسئوليه قد تترتب بسبب إصداره – أي الناقل-سند شحن نظيف خال من التحفظات التي كان يتعين إدراجها فيه ولم تدرج، وذلك بناء على طلب الشاحن مقابل خطاب الضمان.
7- كذلك يسري التقادم على الدعاوى الناشئة عن دعوى المسئولية التقصيرية المرفوعة على الناقل. التي لا تستند إلي عقد فهي تمتد إلي ثلاث سنوات.

تقادم دعوى الرجوع:
تجيز الفقرة الخامسة من المادة 20 على انه ” لمن وجهت إليه المطالبة في الرجوع على غيره من الملتزمين وان كانت مدة التقادم (السنتان) قد انقضت إذا أقيمت دعوى الرجوع في حدود المهلة المحددة لها في دولة القاضي على إلا تقل هذه المدة عن تسعين يوما، وتبدأ هذه المدة من اليوم الذي قام فيه بوفاء الدين أي تسوية المطالبة أو من يوم إعلانه بالدعوى المقامة عليه أن لم يكن قد وفاه “.
وعليه فان الفرق الوحيد بين نص بروتوكول 1968 يتكلم في مدة اقلها ثلاثة أشهر بينما يتكلم نص اتفاقية هامبورج في مدة أقصاها تسعين يوما.
المطلب الثالث: عوارض التقادم (الوقف والانقطاع).
أوضحت الفقرة الأولي من المادة 20 لاتفاقية هامبورج انه سبب لانقطاع التقادم اتخاذ إجراءات التقاضي أو التحكيم.

فنصت على أن الدعوى تسقط بالتقادم إذا لم تتخذ إجراءات التقاضي أو التحكيم خلال مدة سنتين.

وفي حالة ما إذا التجأ الخصوم في مادة نقل البضائع إلي التحكيم، فمن المقرر في قضاء النقض أن مشارطه التحكيم والتوقيع عليها لا يقطع أيهما التقادم بذاته، وإنما يقطعه الطلبات التي يقدمها الدائن للمحكمين أثناء السير في التحكيم إذا كانت تتضمن تمسكه بحقه.

وقد اقتصرت المادة 20 من الاتفاقية على إيراد أحد أسباب انقطاع التقادم وهو المطالبة القضائية أو التحكيم، ومن ثم يرجع للتعرف على باقي أسباب انقطاع التقادم، وكذلك إلي أحكام وقف التقادم إلي التشريع الوطني، وهو القانون المدني والمادة 244 من قانون التجارة البحرية على نحو ما أوردنا في الحديث عن عوارض التقادم في اتفاقية بروكسل(1).

شارك المقالة

1 تعليق

  1. مصطفى النجار

    10 مايو، 2018 at 8:39 ص

    بحث رااااائع أستاذة, شكرا جزيلا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.