الدائنون الحاملين لضمانات أو لعقد ائتمان إيجاري

إن الدائنين غير الحاملين لضمانات أو لعقد ائتمان إيجاري هم الدائنون العاديون الحاصلون على امتياز، ذلك أن الدائن الحاصل على امتياز، هو الذي يحظى بعدة امتيازات مقارنة مع الدائن العادي الذي لا يحظى بأي امتياز لا عام ولا خاص ولا بأي رهن رسمي أو حيازي، فبخصوص الامتيازات التي يتمتع بها الدائن الحاصل على امتياز نجد:

– الامتيازات المنصوص عليها في المادة 1243 وما يليه من قانون الالتزامات والعقود.

– الامتيازات المنصوص عليها في المادة 105 وما يليه من مدونة تحصيل الديون العمومية المحدثة بظهير 3 ماي 2000.

– الامتيازات المنصوص عليها في المادة 28 من ظهير 27 يوليوز 1972 المتعلق بنظام الضمان الاجتماعي.[1]

لكن يجب التمييز بين الامتيازات و الضمانات نظرا للاختلاف الحاصل بينهما ودلك على الشكل التالي:

* الضمانات العينيـة:

– الرهن البحري المنصوص عليه في قانون الملاحة التجارية حسب ظهير 31 مارس 1919.

– الرهن العقاري المنصوص عليه في ظهير 2 يونيو 1915.

– الرهن الحيازي المنقول دون التخلي عن الحيازة المنصوص عليهما في المادة 337 وما يليها من مدونة التجارة.

– الرهن على المعدات والأدوات المنصوص عليه في المادة 337 وما يليها من مدونة التجارة.

* الضمانات الشخصية

– الكفالة والضمان المنصوص عليهما في قانون الالتزامات والعقود المؤرخ في 12 غشت 1913.

وعليه فإن كل من الدائنين العاديين الحاصلين على امتياز ضرورة القيام بالتصريح بديونهم دونما الحاجة إلى توصلهم بإشعار من السنديك، لأنهم لا يدخلون في زمرة الدائنين الحاملين لضمانات أو لعقد ائتمان إيجاري تم شهرهما، ومن قبيل الديون الممتازة نجد ديون المؤسسات العمومية كديون الخزينة العامة وديون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وديون إدارة الضرائب، وهذا ما ذهبت إليه العديد من القرارات القضائية، حيث جاء في حيثيات أحد القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى[2]: “حيث أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي باعتباره مؤسسة عمومية وأن استخلاص ديونه تكون امتيازية عن طريق الأولوية، فإنه مع ذلك لا يعد بدائن صاحب الضمانات التي تم شهرها وفق المفهوم الصريح للمادة 686 من مدونة التجارة وبالتالي لا يمكن اعتبار إشعار السنديك له قصد التصريح بديونه أمرا واجبا يترتب عن إغفاله رفع حالة السقوط وأن المشرع أوجب على الدائنين الإقدام للتصريح بديونهم للسنديك المعين من طرف المحكمة تحت طائلة عدم قبولهم في توزيعات المبالغ بين الدائنين، داخل أجل شهرين من تاريخ نشر الحكم القاضي بفتح التسوية القضائية بالجريدة الرسمية”.

أما بخصوص الخزينة العامة، فهي صاحبة امتيازات منصوص عليها في المواد من 105 إلى 111 من مدونة التحصيل العمومية، إضافة إلى أنها تتمتع طبقا للمادة 113 من نفس القانون برهن رسمي على جميع الأملاك العقارية للمدينين الذين تساوي ديونهم أو تفوق 20.000 درهم، حيث لا يتم تقييده في المحافظة العقارية إلا من تاريخ الزيادة الناتجة عن عدم الأداء التي يتعرض لها المدين وهو الأمر الذي يجعلها متمتعة بضمان في هذه الحالة.

وإذا كانت المسألة ليست محل خلاف في القانون الفرنسي، حيث أن الخزينة العامة ومؤسسات الاحتياط والضمان الاجتماعي مذكورة صراحة في نص المادة 50 من قانون 25 يناير 1985 وهو ما أكده الاجتهاد القضائي الفرنسي في عدة قرارات، لكن وأمام سكوت المادة 686 من مدونة التجارة بهذا الخصوص، فإن القضاء المغربي قد أتيحت له الفرصة ليدلو بدلوه في هذه المسألة، حيث أن العديد من القرارات الصادرة في هذا الإطار ألزمت مؤسسة الخزينة العامة بالتصريح بديونها، على أساس أنها من الدائنين أصحاب الامتيازات وليس من أصحاب الضمانات.

وهكذا فقد اعتبرت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش[3] من خلال أحد القرارات الصادرة عنها، أن الخزينة العامة دائنا صاحب امتياز وليس بحامل لضمان أو لعقد ائتمان إيجاري، حيث جاء في حيثياته: “….ليس من ضمن مقتضيات النصوص المتعلقة بالتصريح بالدين ما يلزم السنديك بإعلام الدائنين إلا الدائنون الحاملون لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري والديون الضريبة لا تدخل ضمن هذا الاستثناء…”

وهو ما زكته المحكمة التجارية بأكادير[4] في أحد القرارات الصادرة عنها حيث جاء في حيثياته:”… حيث إن السنديك ملزم فحسب بإشعار الدائنين الحاملين لضمانات وعقد ائتمان إيجاري تم شهرهما إشعارا شخصيا وفيما عدا ذلك فإن الإشهار العام المتمثل في النشر في الجريدة الرسمية و بالسجل التجاري مرتب للآثار القانونية”. على أن المجلس الأعلى يساوي في أحد قراراته[5]بين الدائن الممتاز والدائن العادي في إلزامية التصريح بالديون ذلك أنه جـاء في حيثيات هذا القـرار:”… في حالة فتح مسطرة التسوية القضائية ساوى المشرع بين الدائن العادي والدائن الامتيازي لدين الخزينة العامة، وإن كانت تخولها حق الأفضلية على غيرها من الدائنين الآخرين خلال مسطرة وفاء الديون في حدوده ما هو مقرر لها قانونا فهي لا تعفيها من التصريح بديونها كما هو الشأن بالنسبة للمأجورين”.

[1] – عبد الرحيم السليماني: تعليق على قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء الصادر في دجنبر 2007 تحت رقم 2075/2002- 2074/2002 المؤرخ في 12/7/ 2002 رقم الملف 190، منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات عدد 2 ماي 2003، ص 78.

[2] – قرار صادر عن المجلس الأعلى، عدد 489 المؤرخ في 14 /07/2007 ملف تجاري عدد: 877/3/2/2003، منشور بسلسلة القانون والممارسة القضائية، منشورات المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد 5، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء،2005، ص 89.

[3] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش، رقم القرار 9 صادر بتاريخ 26/03/2002 في الملف عدد 21/2002 أورده عبد الرحمان السليماني في مقال له تحت عنوان” التصريح بالديون في إطار مسطرة معالجة صعوبات المقاولة: الإجراءات والآثار”، منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد 5، شتنبر 2003، ص 15.
[4] – حكم صادر عن المحكمة التجارية بأكادير، في الملف عدد 4/99 بتاريخ 27/07/2000 أورده عبد الرحمان السليماني في تعليق له على قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، رقم 2075/2002-2074/2002 منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد 2 ماي 2003، ص 77.

[5]- قرار صادر المجلس الأعلى، عدد 404 والمؤرخ في 31/3/2004 الملف التجاري عدد 1302/3/2/2003، منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 150، مطبعة الأمنية، الرباط، 2001، ص 218.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت