مقارنة بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الدولية لقانون البحار

مقدمة

لقد أسهمت ويلات الحرب والدمار التي لحقت بالعديد من دول وشعوب العالم في تدعيم فكرة المضي في بناء مجتمع السلام عن طريق إنشاء منظمة دولية جديدة على غرار عصبة الأمم ،تلحق بها محكمة دولية تتولى حمل رسالة محكمة العصبة في حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية

وقد استوحى واضعو ميثاق الأمم المتحدة من الأساس الذي ارتكزت عليه المحكمة الدولية الدائمة التي قامت بتسوية كثير من المنازعات الدولية وأبدت الآراء التي ساعدت على تقدم القانون الدولي ،فقرروا إحداث محكمة دولية ،نظامها الأساسي جزء لا يتجزأ من الميثاق ،ومقرها في قصر السلام في لاهاي ، ويمكن ان تعين مقراً لها في أي بلد آخر إذا شاءت .
وتمارس المحكمة وظيفتها كمحكمة عالمية تهدف إلى الفصل في النزعات الحقوقية التي تعرضها الدول عليها إضافة إلى اختصاصها الاستشاري بالنسبة لمنظمات دولية معينة .

أما في مجال البحار فالتطورات التي حدثت منذ مؤتمري الأمم المتحدة لقانون البحار العقود في جينيف عامي //1985/و /1980/ وأبرزت الحاجة إلى عقد اتفاقية جديدة تحددها الرغبة في أن تسوي بروح التفاهم والتعاون كل المسائل المتصلة بقانون البحار لذلك فهي تسلم باستحسان العمل عن طريق هذه الاتفاقية على إقامة نظام قانوني للبحار والمحيطات يسهل الاتصالات الدولية ويشجع على استخدام البحار والمحيطات في الأغراض السلمية والانتفاع بمواردها على نحو يتصف بالاتصاف والعدالة ، ودراسة وحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها وصون مواردها الحية مع مراعاة سيادة كل الدول.

والدول الأطراف تضع في اعتبارها ان بلوغ هذه الأهداف سيسهم في تحقيق نظام اقتصادي دولي عادل منصف يراعي مصالح واحتياجات الإنسانية جمعاء ولاسيما مصالح واحتياجات الدول النامية ساحلية أم غير ساحلية .
وعند نشوء أي نزاع بين الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية فانه يحق للدول الأطراف أن تلجأ إلى :
1-إما المحكمة الدولية لقانون البحار .

2-أو محكمة العدل الدولية .
3-أو محكمة تحكيم مشكلة وفقاً للمرفق السابع
4-أو محكمة تحكيم خاصة .
وقد أنشأت المحكمة الدولية لقانون البحار نظراً لأن حل المنازعات المتعلقة بالبحار وأعماقها يتطلب خبرة فنية خاصة بعالم البحار .
وتتكون المحكمة الدولية لقانون البحار وتعمل وفقاً لأحكام واتفاقية البحار ونظامها الأساسي ومقر هذه المحكمة في جمهورية ألمانيا الاتحادية ويمكنها أن تعقد جلساتها وتمارس أعمالها في أي مكان آخر إذا شاءت .
وستكون دراستنا فيما يلي مقارنة بين المحكمة الدولية لقانون البحار ومحكمة العدل الدولية .
مقارنة من حيث- تشكيل كل منهما -الاختصاص – الدور الهام الذي تلعبه كل من المحكمتين في تطوير وتطبيق قواعد القانون الدولي

الباب الأول
“مقارنة بين تشكيل كل من المحكمتين “

أولاً- شروط العضوية في المحكمتين :

أ-في المحكمة الدولية لقانون البحار :
– تتشكل المحكمة الدولية لقانون البحار من /21/ عضواً مستقلاً يتم انتخابهم من بين أشخاص يشتهرون بأسمى خصال الإنصاف والنزاهة ، ومعترف بكفاءتهم في المسائل المتصلة بقانون البحار ويختلف نص الفقرة في المادة /2/ من المرفق السادس عن نص المادة /2/ في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، بأن الكفاءة المطلوبة في قضاة هذه المحكمة هي كفاءتهم في المسائل المتصلة بقانون البحار .. بينما الكفاءة المطلوبة في قضاة محكمة العدل الدولية هي الكفاءة في مجال القانون الدولي .

وينبغي ان يكون تأليف المحكمة في جملتها كفيلاً بتمثيل النظم القانونية الرئيسية في العالم والتوزيع الجغرافي العادل .
– ولا يجوز أن يكون اثنان من أعضاء المحكمة من رعايا دولة واحدة وإذا حدث في هذا الصدد بأن كان هناك شخص يمكن أن يعتبرون رعايا أكثر من دولة واحدة ،اعتبر من رعايا الدولة التي يمارس فيها عادةً حقوقه المدنية والسياسية،
ويجب أن لا يقل عدد الأعضاء من كل مجموعة من المجموعات الجغرافية كما حددتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عن ثلاثة أعضاء .

ب-في محكمة العدل الدولية :
وهي تضم خمسة عشر عضواً من جنسيات مختلفة ،ولا يجوز أن يكون اثنان منهم من جنسية واحدة .
تتألف محكمة العدل الدولية من قضاة مستقلين ينتخبون بغض النظر عن جنسيتهم من الأشخاص الحائزين على الصفات التي تؤهلهم في بلادهم لأن يتقلدوا أسمى المناصب القضائية ، أومن رجال القانون البارزين لاسيما في القانون الدولي
ويُراعى عند انتخاب أعضاء المحكمة أن لا يكفي أن يكون المنتخبون حاصلين على المؤهلات المطلوبة بل ينبغي أن يكون تأليف المحكمة في جملتها كفيلاً في تمثيل المدنيات الكبرى والنظم القانونية الرئيسية في العالم ، وهذا ما يعرف بمبدأ التوزيع الجغرافي المتساوي ويجب أن يتقن المرشحون إحدى اللغتين الانكليزية أو الفرنسية .

ثانياً-إجراءات الترشيح والانتخاب :
أ- في المحكمة الدولية لقانون البحار وهي كما نص عليها النظام الأساسي للمحكمة.

لكل دولة طرف في الاتفاقية أن ترشح مالا يزيد عن شخصين ممن يتمتعون بالمواصفات المبينة في المادة / 2/
وهي أن يكون الأشخاص يشتهرون بأسمى خصال الإنصاف والنزاهة ومعترف بكفاءتهم في المسائل المتصلة بقانون البحار وينتخب أعضاء المحكمة من قائمة بأسماء الأشخاص الذين رشحوا على هذا النحو…
قبل الانتخاب بثلاثة أشهر على الأقل يعمد الأمين العام للأمم المتحدة في حال الانتخاب,ومسجل المحكمة في حالة الانتخابات اللاحقة إلى توجيه دعوة خطية إلى الدول الأطراف لتقديم أسماء مرشحيها لعضوية المحكمة في غضون شهرين، ويجب عليه أن يعد قائمة مرتبة ترتيباً أبجدياً بأسماء جميع الأشخاص الذين رشحوا على هذا الشكل مع بيان الدول التي قامت بترشيحهم .
ويقدمها للدول الأطراف بها قبل اليوم السابع لتاريخ كل انتخاب …

ويجري الانتخاب الأول في موعد أقصاه ستة أشهر من تاريخ نفاذ اتفاقية قانون البحار ….
ينتخب أعضاء المحكمة بالاقتراع السري ويجري الانتخاب في اجتماع للدول الأطراف يدعو إلى عقده الأمين العام للأمم المتحدة في حالة الانتخاب الأول ويعقد عن طريق إجراء تتفق عليه الدول الأطراف في حالة الانتخابات اللاحقة ،
وإذا اكتمل النصاب القانوني للاجتماع بحضور ثلثي عدد الدول الأطراف يكون المنتخبون لعضوية المحكمة هم أولئك المرشحون الذين حصلوا على اكبر عدد الأصوات وعلى أغلبية ثلثي أصوات الدول الأطراف الحاضرة والمصوتة شريطة أن تضم هذه الأغلبية على الأقل أغلبية الدول الأطراف .

ب-في محكمة العدل الدولية :

تحدد الجمعية العامة بقرار الشروط المتبعة في ترشيح القضاة منها بناءً على توصية مجلس الآمن إذا لم يكن هناك اتفاقٌ خاص ينظم هذه الشروط .
قبل ميعاد الانتخاب بثلاثة أشهر على الأقل يوجه ألامين العام للأمم المتحدة طلباً إلى أعضاء محكمة التحكيم الدائمة التابعين إلى الدول المشتركة في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية والى أعضاء الشعب الأهلية المعينين وفقاً لأحكام المادة /4/ من هذا النظام في الدول غير النظامية لمحكمة التحكيم الدائمة يدعوهم بموجبه إلى القيام في موعد معين بترشيح الأشخاص الذين تتوافر فيهم المؤهلات اللازمة لتولي مهام عضوية محكمة العدل الدولية ..
تتشاور كل شعبة أهلية مع محكمتها العليا وما في بلدها من كليات حقوق ومعاهد وجمعيات حقوقية وكذلك مع الفروع الأهلية للجامع
الدولية المتفرغة لدراسة القانون من أجل إعداد قائمة المرشحين لعضوية المحكمة وهذا التشاور ليس إلزاميا…

ولا يجوز أن يتجاوز عدد مرشحي شعبة ما ضعف عدد المناصب المراد ملؤها ترسل قوائم المرشحين إلى الأمين العام للأمم المتحدة, ويعدُ الأمين العام قائمة مرتبة حسب الحروف الأبجدية بأسماء
جميع الأشخاص المرشحين بعد تنسيقها وهؤلاء هم وحدهم الجائز انتخابهم.
لا يجوز لأية شعبة أهلية أن تسمي أكثر من أربع وشحيه ولا أن يكون بني هؤلاء المرشحين أكثر من اثنين من جنسيتها….

ثالثاً : مدة العضوية:

ا-في المحكمة الدولية لقانون البحار:

ينتخب أعضاء المحكمة الدولية لقانون البحار لمدة تسع سنوات وتجوز إعادة انتخابهم, لكن يشرط أن تنتهي عضوية
سبعة أعضاء من الذين انتخبوا في الانتخاب الأول بعد مضي ثلاث سنوات .
بينما في محكمة العدل الدولية تنتهي عضوية خمسة أعضاء من الذين انتخبوا في الانتخاب الأول بعد مضي ثلاث سنوات ..

كذلك: وتنتهي مدة عضوية سبعة أعضاء آخرين من المحكمة الدولية لقانون البحار بانتهاء ست سنوات ،
بينما في محكمة العدل الدولية تنتهي ولاية خمس أعضاء بعد مضي ست سنوات بدلاً من سبعة أعضاء ويتم اختيار أعضاء المحكمة الذين

ستنتهي فترة عضويتهم بانقضاء الفترتين الأوليتين المذكورتين أعلاه .أي فترتي السنوات الثلاث والسنوات الست
بالقرعة التي يقوم بسحبها الأمين العام للأمم المتحدة مباشرةً بعد اكتمال الانتخاب الأول .
ويستمر أعضاء المحكمة في أداء واجبهم إلى تشغل مقاعدهم ولكن ورغم حلول غيرهم محلهم فإن عليهم الفصل في
القضايا التي كانوا بدؤوا النظر فيها وقت حلول الآخرين مكانهم .
وإذا استقال بعض أعضاء المحكمة , يوجه كتاب الاستقالة إلى رئيس المحكمة وعند تسلم كتاب الاستقالة يصبح المقعد شاغراً.وتملأ الشواغر بأًن يشرع السجل خلال شهر واحد من فراغ المقعد بتوجيه الدعوات ويتشاور رئيس لمحكمة مع الدول الأطراف .ثم يحدد بعد ذلك تاريخ الانتخابات والمدة التي يقضيها العضو المنتخب محل عضو لم تنته مدته هي ما تبقى من مدة هذا السلف …..

وكذلك وكما في محكمة العدل الدولية لا يجوز للأي عضو من أعضاء المحكمة أن يمارس أي وظيفة سياسية او ادارية أو أن تكون له أي مشاركة أو مصلحة مالية في أي عملية من عمليات أ ي مؤسسة تعنى باكتشاف أو استغلال موارد البحار أو قاع البحار كما لايجوز لأي عضو أن يقوم بدور الوكيل أو المحامي أو المستشار في أي قضية .
وأي شك بشأن هذه النقاط تفصل فيه بقية أعضاء المحكمة
فيما يتعلق بالشروط المتصلة باشتراك الأعضاء
فاءنه لايجوز لأي عضو أن يشترك في الفصل في أي قضية سبق له أن اشترك فيها بصفة وكيل أو مستشار أو محام لأحد الأطراف ، أوبصفة عضواً في محكمة قومية أود ولية او بأي صفة أخرى .
وإذا رأى الرئيس لسبب ما أنه لاينبغي له أن يشترك في الفصل في قضية معينة ن كان عليه أن يخطر العضو بذلك ..
وإذا حدث شك بشأن هذه النقطة فانء أغلبية أعضاء المحكمة الحاضرين يفصلون بالأمر..

وفيما يتعلق بآثار التوقف عن الوفاء بالشروط المطلوبة :
فان على رئيس المحكمة أن يعلن أن مقعد العضو المتوقف عن الوفاء بالشروط المطلوبة قد أصبح شاغراً….
ويجب أن يتمتع أعضاء المحكمة عند مباشرتهم وظائفهما القضائية بالمزايا والحصانات الدبلوماسية ..
وقبل مباشرة كل عضو من أعضاء المحكمة لواجباته عليه أن يتقدم ببيان رسمي في جلسة علنية يعلن فيه أنه سيمارس سلطاته دون تحيز وبوحي من ضميره..
وتنتخب المحكمة الدولية لقانون البحار رئيسها ونائب رئيسها لمدة ثلاث سنوات ويجوز إعادة انتخابها ..
كما تعين المحكمة مسجلها ويجوز لها أن تقرر تعيين موظفين آخرين حسب الحاجة ، ويقيم الرئيس والمسجل في مكان مقر المحكمة .

النصاب القانوني :
يجلس في كرسي القضاء جميع الأعضاء الممكن حضورهم لكن صحة تشكيل المحكمة تتطلب توفر نصاب قانوني من /11/عضواً .
وتقرر المحكمة من هم الأعضاء الممكن حضورهم لتشكيل المحكمة في نزاع معين مراعية حسن سير أعمال غرفة منازعات قاع البحار والغرف الخاصة المؤلفة من ثلاث أعضاء أو أكثر بالقدر الذي تراه المحكمة ضرورياً لمعالجة فئات معينة من المنازعات …

وتنظر المحكمة في جميع المنازعات والطلبات المقدمة إلى المحكمة وتبت فيها إلا في حالة كون هذه المنازعات تخضع لغرفة منازعات قاع البحار أو للغرف الخاصة .

غرفة منازعات قاع البحار:
تنشأ غرفة منازعات قاع البحار وتشكل من /11/ عضواً تختارهم المحكمة من بين أعضائها بالأغلبية …
ويجب كما في أي محكمة دولية أن يكفل في اختيار الأعضاء تمثيل النظم القانونية الرئيسية في العالم والتوزع الجغرافي العادل ويتم اختيار أعضاء الغرفة لفترة ثلاث سنوات ويمكن أن يعاد اختيارهم لفترة ثانية وتقوم الغرفة بانتخاب رئيسها من بين أعضائها فيتولى الرئاسة للفترة التي انتقيت من أجلها الغرفة .
وإذا ظلت أية قضايا قيد النظر بعد نهاية مدة السنوات الثلاث التي انتقيت من أجلها الغرفة ، فان هذه الغرفة بتشكيلها تستكمل هذه القضايا …
وإذا حدث شاغر في الغرفة فان المحكمة تنتقي خلفاً ن بين أعضائها ليشغل المنصب خلال ما تبقى من فترة سلفه وتقُر الجمعية انتقاؤه في
..دورتها العادية التالية
والنصاب القانوني اللازم لصحة تشكيل الغرفة هوسبعة أعضاء

الغرف الخاصة :
تقوم غرفة منازعات قاع البحار تكوين هذه الغرفة بموافقة طرفي النزاع ولامن رعاياها .
ويتاح اللجوء الى ا لغرفة للدول الأعضاء وتطبق الغرفة باالاضافة إلى الاتفاقية وقواعد القانون الدولي غير المتنافية مع هذه الاتفاقية تطبق القواعد والأنظمة والإجراءات التي تعتمدها السلطة أو مجلسها وفقاً لهذه الاتفاقية ،
كذلك تطبق أحكام أي عقد يتعلق بالأنشطة في المنطقة في أية مسألة تتصل بذلك العقد ..
وتكون قرارات الغرفة واجبة النفاذ في أراضي الدول الأطراف على قدم المساواة مع أحكام أوأوامر أعلى محاكم الدولة الطرق التي يطلب التنفيذ فيها ..
وتشكل المحكمة سنوياً غرفة مؤلفة من خمسة أعضاء بغية الإسراع في تصريف الأعمال ، ويجوز لهذه الغرفة أن تنظر في المنازعات وأن تبت بها متبعة إجراءات مستعجلة ويتم اختيار عضوين بديلين لغرض الحلول محل من يتعذر اشتراكه من الأعضاء في أي قضية معينة ..
وإذا كان الأعضاء من جنسية أي من الأطراف في نزاع ما فإنهم يحتفظون بحقهم في المشاركة في القضاء بوصفهم أعضاء في المحكمة .

أماذا ضمت هيئة المحكمة التي تنظر في نزاع ما عضواً من جنسية أحد الأطراف جاز لأي طرف آخر في النزاع أن يختار شخصاً للمشاركة بوصفه عضواً في المحكمة …
وإذا لم تضم هيئة المحكمة التي تنظر في نزاع ما عضواً من جنسية الأطراف ..
فانه يجوز لكل من الأطراف أن يختار عضواً يمثله….
إذا كان عدة أطراف يشتركون في مصلحة واحدة يعتبر هؤلاء طرفاً واحداً في تطبيق الأحكام السالفة وأي شك في هذه النقطة تفصل فيه المحكمة ..

ب- في محكمة العدل الدولية :

يجري انتخاب الأعضاء من قبل الجمعية العمومية ، ومجلس الآمن كل منهما على انفراد بالأكثرية المطلقة دون تمييز من الدول على أن يكفل في جملة الانتخاب تمثيل المدنيات الكبرى والنظم القانونية الرئيسية في العالم ويستند مبدئياً في الانتقاء إلى قوائم الدول التي ترشح بموجها أعضاء محكمة التحكيم الدائمة ومد العضوية تسع سنوات قابلة للتجديد ،
لكن النظام الأساسي للمحكمة قرر أن تنتهي بالقرعة ولاية خمسة من القضاة الذين وقع عليهم الاختيار في أول انتخاب بعد مضي ثلاث سنوات أو ولاية خمسة آخرين بنفس الطريقة بعد مضي ست سنوات .

وتنتهي العضوية في /5/ شباط من السنة المحددة لكل عضو وعلى كل ولو انتهت مدة العضوية يتحتم على صاحبها أن ينجز القضايا التي بين يديه لو بعد تغييره اواستبداله .
وتنتخب المحكمة رئيسها ونائبه من أعضائها لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد وتتولى استخدام الموظفين الذين تحتاج إليهم .. ومن واجبات العضو البقاء تحت تصرف المحكمة طيلة مدة العضوية لا ينفك عنها إلا خلال العطلة القضائية ولا يجوز له الجمع بين العضوية وأية مهمة أخرى اووظيفة سياسية أو إدارية ولا يجوز له الاشتراك في رؤية دعوى سبق آن كان محامياً فيها في المحاكم الداخلية أو الدولية .

ويتحتم عليه أن يقطع عهداً في جلسة علنية بأنه سيؤدي واجبه وعمله بأمانة واستقامة ونزاهة .
ويتمتع العضو بالحصانة الدبلوماسية ولا يجوز عزله إلا إذا أجمعت آراء الأعضاء الآخرين على عدم توفر الشروط المطلوبة فيه
تنتهي وظيفة العضو بصورة طبيعية أو بالاستقالة أو بالعزل و يكمل الخلف مدة سلفه ويمكن للعضو أن ينسحب من رؤية إحدى الدعاوي كما يمكن للرئيس أن يسحبه من رؤية إحداهما في حال نشوب خلاف بين الرئيس والعضو على ذلك يكون القول الفصل للمحكمة ويجب أن ينسحب الرئيس من رؤية الدعوى إذا كانت دولته أحد الأطراف فها ..
ولا يوجد مثل هذا الحظر بالنسبة للعضو .

وهناك قضاة مؤقتون يجوز للطرفين تسميتهم من جنسيتي دولتيهما إذا كانتا غير ممثلتين في هيئة المحكمة وتنتهي مدة هؤلاء القضاة بانتهاء الدعوى ويشتركون في إصدار الحكم فيها على قدم المساواة مع بقية الأعضاء الدائمين .
ويمكن للمحكمة أن تستعين بأعضاء مساعدين تجري تسميتهم مباشرة لرؤية دعوى معينة .
وبقصد تسهيل سماع بعض القضايا سمح واضعو الميثاق ونظام المحكمة من وقت للآخر غرفة أو أكثر ، تؤلف كل منهما من ثلاثة قضاة أو أكثر ،حسبما تقرره وذلك للنظر في أنواع خاصة من الدعاوي كتلك المتعلقة بالعمل والترانزيت والمواصلات وعندما تقرر المحكمة تشكيل مثل هذه الغرف فإنها تحدد أنواع القضايا التي تعرض كل منها .

وتشكيلها ومدة أعضائها وتاريخ مباشرتهم لأعمالهم ويحق لها بنفس الطريقة تعديل ذلك كله وإلغاء الغرفة نهائياً
ومن صلاحيات المحكمة تشكيل لجنة للنظر في قضية معينة وتحديد عدد الأعضاء فيها بموافقة الطرفين المعينين ،
كما يحق لها أن تشكل في كل سنة غرفة من خمسة قضاة يجوز لها أن تتبع الإجراءات المستعجلة بناء على طلب أطراف الدعوى للنظر في القضايا أو الفصل فيها .
وكذلك أن تختار قاضياً للحلول محل من يتعذر عليه الاشتراك في جلساتها من القضاة والأحكام الصادرة عن هذه الغرف تعتبر بمثابة الأحكام الصادرة من المحكمة من حيث عدم خضوعها لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن وخضوعه فقط لدعوى إعادة المحكمة .

ينتخب رؤساء و أعضاء الغرف بالتصويت السري من قبل المحكمة ويفوز من يحل على الأغلبية المطلقة لأصوات الأعضاء وينتخب أعضاء الغرفة خلال ثلاث أشهر من 6/2/ من كل عام وذلك لان هذه الغرف تتجدد سنوياً ويمارس الأعضاء المنتخبون مهامهم عند انتهاء مدة الأعضاء السابقين ويستمر العضو الذي فقد عضويته في رؤية الدعاوي التي كان قد باشرها .
ومن مهمة الرئيس أن يرأس الغرفة التي هو عضو فيها .
كذلك نائب الرئيس إذا لم يكن الرئيس عضوا فيها .
أما بالنسبة لميزانية المحكمة فإنها تشكل جزءاً لايتجزء من ميزانية الأمم المتحدة .

رابعاً –مزايا وحصانات قضاة المحكمتين :

أ-في المحكمة الدولية لقانون البحار

يعطى كل عضو من أعضاء المحكمة الدولية لقانون البحار مرتبا سنويا وعلاوة خاصة عند كل يوم يمارس فيه وظائفه على ألا يتجاوز مجموع مبالغ العلاوة الخاصة التي يستحقها في كل سنة مبلغ المرتب السنوي ..
كذلك للرئيس علاوة سنوية خاصة ولنائب الرئيس أيضاً…

كذلك يؤخذ الأعضاء الذين ليسومن أعضاء المحكمة يجري اختيارهم تعويضاً من كل يوم يمارسون فيه وظائفهم …
ويتم تحديد مقدار هذه العلاوات والتعويضات في اجتماع للدول الأطراف ولا يجوز تخفيضها أثناء مدة العضوية
وتقترح المحكمة مرتب المسجل في اجتماع الدول الأطراف أما بالنسبة للائحة شروط إعطاء استحقاقات التقاعد لأعضاء المحكمة والمسجل فإنها توضع في اجتماع الدول الأطراف والمرتبات والعلاوات والتعويضات المذكورة معفاة من جميع الضرائب أما مصروفات المحكمة فان السلطة والدول الأطراف هي التي تتحملها وإذا كان طرفاً غريباً في نزاع معروض على المحكمة الدولية لقانون البحار غير الدول الأطراف والسلطة فان المحكمة تحدد المبلغ الذي يجب على هذا الطرف أن يسهم به في مصروفات المحكمة ويتمتع أعضاء المحكمة الدولية لقانون البحار عند مباشرتهم وظائفهم القضائية بالمزايا والحصانات الدبلوماسية ..
ب-في محكمة العدل الدولية :
يتمتع العضو في محكمة العدل الدولية بالحصانة الدبلوماسية ولا يجوز عزله إلا إذا أجمعت آراء الأعضاء الآخرين على عدم توفر الشروط المطلوبة فيه .

كذلك يتمتع أعضاء المحكمة أثناء مباشرته الوظيفية بالمزايا والإعفاءات السياسية ولهم الحق بإجازة سنوية تحدد المحكمة تاريخها ومد تها مراعية بعد بلد العضو عن مركز المحكمة في لاهاي ولا يجوز أن يؤذن أكثر من قاضيين دفعة واحدة ولا أن يكون الرئيس ونائبه مأذونان في الوقت نفسه .
وإذا رأى احد أعضاء المحكمة لسبب خاص وجوب تنحيته عن الفصل في قضية معينة أن يخطر الرئيس بذلك وإذا رأى الرئيس أيضا انه لايجوز لعضو ما أن يشترك في الفصل في قضية معينة أخطر ذلك العضو بضرورة تنحيته . وإذا حدث خلاف بين الرئيس والعضو ، فإن المحكمة هي التي تفصل في الأمر .

– يتقاضى عضو المحكمة راتبا وتعويضات انتقال تحدها المحكمة دون أن يكون لها الحق متى فعلت ذلك في تخفيضها خلال مدة القاضي كما يحق للقاضي معاش تقاعدي وفق شروط خاصة أصدرتها المحكمة أما الرئيس فيتناول إضافة لمرتبه مكافأة سنوية عن قيامه بمهام الرئاسة ولنائب الرئيس مكافأة مماثلة عن كل يوم يقوم فيه بأعمال الرئاسة .

الباب الثاني

اختصاص كل من المحكمتين

أولاً : اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار:

حق اللجوء إلى المحكمة أو ” الاختصاص الشخصي ” :

يجوز للدول الأطراف في اتفاقية قانون البحار أن تكون أطرافاً أمام المحكمة الدولية لقانون البحار كما يجوز لكيانات أخرى غير الدول الأطراف في هذه الاتفاقية أن تكون أطرافاً أمام المحكمة في أية حالة ينص عليها الجزء الحادي عشر من الاتفاقية نصاً صريحاً , أو وفقاً لأي اتفاق آخر يمنح الاختصاص للمحكمة شرط أن يقبله جميع أطراف النزاع.

اختصاص المحكمة:
وللمحكمة الدولية لقانون البحار اختصاصين أحدهما قضائي والثاني استشاري:

أ- اختصاص المحكمة القضائي : تختص المحكمة الدولية لقانون البحار بالنظر في جميع المنازعات والطلبات المعروضة عليها وفقاً لاتفاقية قانون البحار وجميع المسائل المنصوص عليها تحدد في أي اتفاق يمنح الاختصاص للمحكمة….
ويجوز أن تحال للمحكمة أية منازعات تتصل بتفسير أو تطبيق معاهدة أو اتفاقية أو تتصل بالموضوع الذي تتناوله هذه الاتفاقية إذا اتفق جميع أطراف هذه المعاهدة أو الاتفاقية النافذة فعلاً على إحالتها إلى المحكمة الدولية لقانون البحار.
وتفصل المحكمة في جميع المنازعات والطلبات وتطبق هذه الاتفاقية وقواعد القانون الدولي الأخرى غير المتنافية مع هذه الاتفاقية , وهذا لا يمنع من أن تكون المحكمة ذات الاختصاص لها سلطة البت في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف إذا اتفق الأطراف على ذلك.

تحريك الدعوى:
يجوز عرض المنازعات على المحكمة إما بطلب كتابي يرسله إلى المسجل طرف أو أطراف في النزاع حسبما يكون عليه الحال وفي الحالتين يجب تحديد موضوع النزاع وأطراف النزاع ويقوم المسجل فوراً بإبلاغ الطلب إلى كل من يهمهم الأمر , ويقوم أيضاً بإخطار جميع الدول الأطراف في النزاع.

التدابير المؤقتة:
يكون لمحكمة والغرفة منازعات قاع البحار التابعة لها سلطة تقرير إجراءات مؤقتة……
وإذا لم يكن هناك عدد كاف من الأعضاء الممكن حضورهم لتكوين النصاب أو إذا لم تكن المحكمة في دور الانعقاد فإن غرفة الإجراءات المستعجلة تقوم بتقرير التدابير المؤقتة.
كما يجوز اعتماد هذه التدابير المؤقتة بناء على طلب أي طرف في النزاع وتكون هذه التدابير المؤقتة خاضعة للمراجعة والتنقيح من قبل المحكمة الدولية لقانون البحار

الجلسات :
عادة يتولى إدارة الجلسة الرئيس فإذا لم يكن بوسعه ذلك فإن نائبه هو الذي يتولاها وإذا تعذّرت رئاسة الرئيس أو نائبه فإن أكبر القضاة سناً هو الذي يتولى رئاسة الجلسة.
وتكون الجلسة علنية ما لم تقرر المحكمة غير ذلك أو يطلب الأطراف عدم السماح بحضورها للجمهور..

تسيير الدعوى:
المحكمة التي تصدر الأوامر اللازمة لتسيير الدعوى وهي التي تقرر الشكل الذي يتعين على كل طرف أن يقدّم به حججه والوقت الذي عليه فيه تقديمها خلاله.
كما تقوم المحكمة بجميع الترتيبات المتعلقة بتلقّي البيانات.
وإذا امتنع أحد الطرفين عن المثول أمام المحكمة أو تأخر عن الدفاع عن قضيته فإنه يحق للطرف الآخر أن يطلب من المحكمة مواصلة السير في الدعوى واتخاذ قراراها وإن في غياب أحد الطرفين أو تخلفه لا يشكل عائقاً دون السير في القضية
ويجب المحكمة قبل اتخاذ قرارها أن تستوحي أسباب الامتناع ليس لأنها ذات اختصاص في أمر النزاع فقط بل أيضاً تكون المطالبة قائمة على سند متين في الواقع والقانون.

الأغلبية المطلوبة للقرارات:
يتم الفصل في جميع المسائل المعروضة على المحكمة بأغلبية أصوات أعضاء المحكمة الحاضرين ,وعندما تتساوى الأصوات يكون الرئيس أو العضو الذي يحل محل الرئيس هو الصوت المرجّح.

الحكم:
يجب أن يبين الحكم الأسباب التي يبنى عليها ويجب أن يتضمن أسماء أعضاء المحكمة الذين اشتركوا في الفصل في القضية.
وإذا لم يكن الحكم كله أو بعضه يمثّل رأي جميع أعضاء المحكمة فإنه يحق لأي عضو أن يصدر بياناً مستقلاً برأيه الخاص.
ويوقع على الحكم الرئيس والمسجل ويتلى في جلسة علنية للمحكمة بعد أن يتم إخطار أطراف النزاع إخطاراً صحيحاً.

طلب التدخل:
يحق لدولة طرف أن تقدم طلباً إلى المحكمة لتسمح لها بالتدخل إذا رأت أن لها مصلحة ذات صفة قانونية يمكن أن تتأثر بالحكم في أي نزاع .
ويعود أمر الفصل في هذا الطلب إلى المحكمة,وإذا تمت الموافقة على طلب التدخل فإن حكم المحكمة في شأن النزاع يكون ملزماً للمتدخل بصدد المسائل الذي تدخّل بشأنها هذا لطرف.

قضايا التفسير أو التطبيق:
يقوم المسجل فوراً بإخطار جميع الأطراف كلما كان تفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها مثار خلاف.
وكلما تعلّق النزاع بخلاف حول تفسير اتفاق دولي ما أو تطبيقه ,قام المسجل بإخطار كافة أطراف الاتفاق المذكور..
ويحق لكل طرف تم إخطاره على هذا النحو التدخل في الدعوى ولكنه إذا استخدم هذا الحق يكون هو أيضاً ملزماً بالتأويل الذي يقضي به الحكم المفسّر.

قطعية القرارات وقوتها الملزمة:
إن القرار الذي يصدر عن المحكمة الدولية لقانون البحار قطعي وعلى جميع الأطراف في النزاع أن يمتثلوا له ..
وليس لهذا القرار أي حجية إلا فيما بين أطراف النزاع وبشأن ذات الواقعة التي أثير بشأنها النزاع.
وإذا حدث خلاف بين الأطراف بشأن معنى القرار أو نطاقه فإن المحكمة تقوم بتفسيره بناء على طلب أي طرف أطراف النزاع.

التكاليف :
يتحمل كل طرف من أطراف النزاع تكاليفه الخاصة إذا لم تقرر المحكمة غير ذلك…

ب- الاختصاص الاستشاري للمحكمة الدولية لقانون البحار:
بالإضافة إلى اختصاص المحكمة الدولية لقانون البحار القضائي فإنها تختص أيضاً بإصدار آراء استشارية حول المسائل القانونية التي تحيلها إليها الهيئات المفوضة بمثل هذه الإحالة وهي الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو سائر فروع الهيئة والوكالات المتخصصة المرتبطة بها .

وتصدر غرفة منازعات قاع البحار هذه الآراء الاستشارية بصورة مستعجلة.

ثانياً : اختصاص محكمة العدل الدولية:
حق اللجوء إلى المحكمة أو ” الاختصاص الشخصي “:

لا يحق سوى للدول وحدها أن تكون أطرافاً في الدعاوى التي ترفع إلى محكمة العدل الدولية وأبواب هذه المحكمة ليست مفتوحة أمام الأشخاص سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم حكميين.
كذلك لا يحق للمنظمات الدولية التقاضي أمام محكمة العدل الدولية.

اختصاص المحكمة النوعي :
تمارس محكمة العدل الدولية اختصاصاً مزدوجاً
أ‌- اختصاص قضائي.
ب‌- اختصاص استشاري.

أ‌- الاختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية:

وهو يسري على جميع أعضاء الأمم المتحدة الذين يعتبرون حكماً مشمولين بنظامها وهذا لايعني أن الدول غير الأعضاء لا يمكنهم مراجعتها, لأن الجمعية العمومية باستطاعتها أن تحدد بناء على توصية من مجلس الأمن في كل حالة خاصة الشروط التي تجعل هذه الدول خاضعة لأحكام نظام محكمة العدل.

ومراجعة المحكمة هي في الأصل اختيارية حتى للدول الأعضاء لأنها ليست المرجع القضائي الوحيد لحل الخلافات الدولية إذ جاء في تعريف محكمة العدل الدولية أنها الأداة القضائية الرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة, ونصت المادة /95/ صراحة على أنه ليس هناك حكم في الميثاق يمنع أعضاء المنظمة من أن يعهدوا في تسوية خلافاتهم إلى محكمة أخرى بموجب اتفاقات عقدت أو ستعقد بينهم في المستقبل.

ولما كان للمتقاضي هنا صفة الدول ذات السيادة فإنه لا يعقل إجبارهم على اللجوء لولاية هذه المحكمة على الرغم من إرادتهم ,فلا بد من موافقة الدولة المدعى عليها على اختصاص هذه المحكمة وذلك إذا تقدمت إحدى الدول بشكواها إلى المحكمة حتى تجعلها ذات اختصاص للنظر فيها .
أي أن الاختصاص غير إلزامي وقد بذلت محاولات جدية للوصول إلى الولاية الإلزامية لمحكمة العدل الدولية.

أسس اختصاص المحكمة الإلزامي:
وفقاً لنصوص النظام الأساسي للمحكمة مواد / 36-37 / يمكن التعبير عن إرادة الدولة باللجوء إلى المحكمة من أجل منازعاتها القانونية بأحد الأساليب التالية:
أ‌- أسلوب الاتفاقات الخاصة.
ب‌- أسلوب التعهد المسبق.
ت‌- أسلوب التصريح الاختياري.

أولاً: أسلوب الاتفاقات الخاصة . (special agreement )
يمكن لدولتين أو أكثر أن تتفقا على إحالة نزاع قائم بينهما إلى محكمة العدل الدولية عن طريق توقيع اتفاقية تعقد فيما بينهما لهذا الغرض.

عند ذلك يحق للمحكمة أن تضع يدها على النزاع بمجرد استلامها إشعاراً بالاتفاقية الخاصة الموقعة بين أصحاب العلاقة وأهم مميزة في هذا الأسلوب هو تجنّب المحكمة أمر الطعن في اختصاصها من قبل أحد الفرقاء فيما لو قدّمت الدعوى من طرف واحد.
ومن سيئات هذا الأسلوب صعوبة إحالة العديد من المنازعات ذات الطابع القانوني التي يفترض أن تحال إلى المحكمة إذا ما فشل الفرقاء في التوقيع على اتفاق خاص بهذا الخصوص ولم يتسنّ للمحكمة أن تضع يدها على النزاع بأحد الأساليب الأخرى , كذلك يحق لدول أن تحد من اختصاص المحكمة أو تتجنبه تماماً باتفاق يعقد فيما بينها أثناء النظر في الدعوى من قبل المحكمة إعمالاً لما يمكننا أن نصطلح على تسميته بالاختصاص بالإرادة الذي يحكم المحكمة في الوقت الحاضر.

ثانياً: أسلوب التعهد المسبق :
قد تقبل الدولة أيضاً باختصاص محكمة العدل الدولية للنظر في المنازعات التي قد تنشب في المستقبل بينها وبين الدول الأخرى وهو ما يشكل تعهداً بالمثول أمام المحكمة دون حاجة إلى اتفاق خاص لاحق إذا ما نشبت مثل هذه المنازعات.
وفي مثل هذه الحالة تضع المحكمة يدها على الدعوى بمجرد قيام إحدى الدول المتعهد لها بتقديم طلب وحيد إلى المحكمة.
ومن حسنات هذا الأسلوب أنه يستبعد المشاكل التي تنجم عن صعوبة توصل الفرقاء المتنازعين إلى اتفاق بعد نشوء النزاع.
ومن سيئاته : أنه كثيراً ما يكون النص الذي تضمّن التعهد من الشمول والعموم بحيث يوجد خلافاً بين الطرفين حين نشوب النزاع مما يقتضي معه اللجوء إلى أسلوب الاتفاق الخاص أو يوقع المحكمة في مشكلة الفصل في اختصاصها الذي قد تطعن فيه أحدى الدول المتنازعة.

ثالثاً: أسلوب التصريح الاختياري:
يمكن للدول الأطراف في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية أن تعطي تعهداً واسعاً في أي وقت تشاء بإعلانها قبول الاختصاص الالزامي للمحكمة تجاه أي دولة تقبل بنفس التعهد في المسائل المتعلقة بتفسير معاهدة او بأية مسألة من مسائل القانون الدولي أو بما يتعلق بأية واقعة يكون من جراء وجودها نشوء خرق لالتزام دولي وأخيراً بصدد طبيعة ومدى التعويض الناجم عن مثل هذا الخرق.

ب – اختصاص المحكمة الاستشاري:
تختص محكمة العدل الدولية إضافة إلى اختصاصها القضائي باختصاص استشاري عبر اصدار آراء استشارية حول المسائل القانونية التي تحيلها إليها الهيئات المفوضة بمثل هذه الإحالة بموجب المادة / 96 / من ميثاق الأمم المتحدة وهي الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو الوكالات المتخصصة المرتبطة بالأمم المتحدة.
وتتذاكر المحكمة في جلسة سريّة ثم تصدر رأيها في جلسة علنية بعد إخطار الأمين العام وممثلي الأمم المتحدة وسائر الدول والمؤسسات الدولية ذات العلاقة المباشرة بالمسألة المطروحة على بساط البحث ولها أن تطلب إلى بعض هذه المراجع المعلومات التي تلزمها في إبداء رأيها .
وطبعاً لا يكون رأيها ملزماً إذا لم يرد نص صريح على ذلك كما يشاهد فعلاً في بعض الاتفاقات الدولية التي تعقدها المراجع المخولة إبداء الرأي إلى المحكمة.
هذا من الوجهة القانونية الصرفة أما من الناحية الأدبية فإن لهذا الرأي دائماً وأبداً وزنه الدولي الذي يفرض عليه المرجع التي استفتى المحكمة بنوع خاص وعلى كل الدول المعنية بالأمر ضرورة مراعاته.

ج – اختصاص المحكمة الإداري:
كذلك تختص محكمة العدل الدولية بأمور فرعية جانبية كالفصل في بعض المسائل الإدارية المتعلقة بالقضاة كانتخاب بعض القضاة في حالة معينة , والبت في بعض الشؤون الإدارية المتعلقة بالمحكمة وقلمها.

الدور الهام الذي تلعبه كل من المحكمتين في تطبيق وتطوير قواعد القانون الدولي الدولي :
بالنسبة لاتفاقية قانون البحار فقد حددت المادة /294/ من الجزء الخامس عشر من الاتفاقية القانون المطبق كما يلي :
1-تطبق المحكمة ذات الاختصاص اتفاقية قانون البحار وقواعد القانون الدولي الأخرى والتي لاتتنافى مع هذه الاتفاقية .
2- وتستطيع المحكمة ذات الاختصاص أن تبت في قضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف فيما إذا اتفق الأطراف على ذلك . وكذلك تطبق الغرفة بالإضافة إلى ما سبق من مصادر.
القواعد والأنظمة والإجراءات التي تعتمدها جمعية السلطة أو مجلسها وفقا لهذه الاتفاقية .
وكذلك تطبق أحكام أي عقد يتعلق بالأنشطة في المنطقة في أي مسالة تتصل بذلك العقد
ومما سبق نرى أن المحكمة الدولية لقانون البحار سيكون لها دور هام في تطوير قواعد القانون الدولي .

أما بالنسبة لمحكمة العدل الدولية :
فقد حددت المادة /38/ من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية مهمة المحكمة بحل النزاعات المعروضة عليها وفقا للقانون الدولي وحددت مصادر القانون الدولي التي يجب على المحكمة تطبيقها :
1ً- المعاهدات الدولية سواءً أكانت عامة أم خاصة والتي تضع فواعدا تعترف بها الدول المتنازعة .
2-العرف الدولي الثابت التطبيق .
3- المبادئ العامة للقانون الدولي التي تعترف بها الأمم المتحضرة .
4- القرارات القضائية والفقه القانوني لمختلف الأمم والتي تستعمل كوسائل تفسيرية لقواعد القانون الدولي .
وهذا التعداد ليس حصريا ًفالمادة /38/ عددت أهم مصادر القانون الدولي التي تستطيع محكمة العدل الدولية تطبيقها وليس جميع المصادر .
إذ أن هناك أيضا اعتبارات العدالة والإنصاف وقرارات المنظمات الدولية التي تستطيع ا لمحكمة الاستناد إليها في أحكامها لكي تتمكن من القيام بوظيفتها بصفتها جهاز قضائي يجب أن يفصل في النزاع المعروض عليه ولا يستطيع الامتناع عن الحكم بحجة عدم وجود نص يحكم النزاع لذلك فإن لمحكمة العدل الدولية دور كبير في تطوير قواعد القانون الدولي .
بالنسبة لتأثير المحكمة الدولية لقانون البحار على القانون الدولي فإن من المؤكد أن دور هذه المحكمة يكون كبيراً في تطوير القانون الدولي وخاصة في مجال البحار نظرا لما تتمتع به هذه المحكمة من خبرة فنية وتخصص في عالم البحار.

وسنترك للزمن أن يرينا الدور الذي يمكن أن تلعبه المحكمة الدولية لقانون البحار في تأثيرها على القانون الدولي وتطويره .
1- تطوير محكمة العدل الدولية للقانون الدولي ..
أثر العدد من القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية في تطوير بعض أحكام القانون الدولي وفي مجالات مختلفة فيها .
في مجال قانون البحار بشكل خاص حيث أثرت قرارات المحكمة مباشرة على معاهدات جينيف لعام -1958-الخاصة بقانون البحار ..
2- مجال السيادة القانونية أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا هامة تتعلق بإثبات السيادة وقيمة الأعمال الإدارية في ذلك وتأثير المعاهدات وعمليات تثبيت الحدود وعبء إثبات الخطأ في ذلك .
3-كذلك أصدرت المحكمة قرارات هامة بشأن مسائل قانونية مختلفة تتعلق بتعريف وتطبيق بعض مبادئ القانون الدولي الناظمة لبعض المواضيع مثل اللجوء والجنسية والوصاية وموعد المرور باالاضافة إلى مواضيع الاقتصادية الهامة .

الرأي الشخصي:

لقد أقيمت المحكمة الدولية لقانون البحار لحل المنازعات بين الدول بشان تفسير آو تطبيق اتفاقية قانون البحار نظرا لأن حل هذه المنازعات يتطلب من قضاة المحكمة خبرة فنية خاصة بالبحار وأعماقها وسطحها ،
لان عالم البحار عالم واسع ومتشعب ، وهناك أمور كثيرة تنظمها الاتفاقية من تقسيم للمياه الساحلية للدولة إلى بحر إقليمي والى منطقة متاخمة ومنطقة اقتصادية خالصة وتحديد مدى كل منطقة ،كذلك تحديد مدى الجروف القارية .
وكيفية استثمار البحر العالي وكل ما يتعلق به من أمور . والدول الأرخبيلية إلى غير ذلك مما يتضمنه عالم البحار الواسع . ولأن ولاية المحكمة الدولية لقانون البحار غبر
إلزامية
ويمكن للدول المتنازعة أن تلجأ إلى واحدة من أربع محاكم إذا شاءت دون أن تكون ملزمة باللجوء إلى هذه المحكمة فان ولاية هذه المحكمة تكون عديمة الجدوى لعدم الزاميتها .
وقد كان من المستحسن أن تكون ولايتها إلزامية حتى تكون مجدية .
لذلك فانه يمكن لمحكمة الدول الدولية أن تحل محل المحكمة الدولية لقانون البحار في حل المنازعات بين الدول إذا تقدمت بطلباتها تحيل فيها النزاع إلى هذه المحكمة
ومن الجدير بالذكر أنه لدى وضع نظام محكمة البحار قد روعيت تجربة المحكمة العدل الدولية الدائمة ومحكمة العدل الدولية الحالية من حيث تشكيل المحكمة، وزيادة عدد القضاة في المحكمة الدولية لقانون البحار إلى /21/ عضواً بدلاً من /15/ كما في محكمة العدل الدولية،
كذلك روعيت تجربة المحكمتين المذكورتين من حيث الاختصاص
حيث (للمحكمة الدولية لقانون البحار اختصاص قضائي واختصاص استشاري كما لمحكمة العدل الدولية )
أما بالنسبة لمحكمة العدل الدولية فان ولايتها ليت إلزامية بشكل مطلق فالدول بملء إرادتها توافق على ولاية المحكمة ، وقد عُلقت الآمال على محكمة العدل الدولية كابتكار جديد في العلاقات الدولية لكن هذه الآمال قد ذهبت أدراج الرياح فالمحكمة لم تأت بعمل عظيم في جوانب عديدة وهامة وهذا يعود لولاية المحكمة غير إلزامية .
ويمكن الإشارة إلى الانتقادات الموجهة إلى محكمة العدل الدولية من خلال تحليل طبيعة وأسباب التفاوت الواضح ين الآمال التي كانت معلقة على المحكمة والنتائج الصادرة عنها .
الناحية الأولى التي تتمركز فيها الانتقادات هي :
أولاً- الانتقادات المتعلقة بتقاعس الدول عن اللجوء إلى المحكمة لحل منازعاتها فمنذ عام /1945/ وحتى عام /1965/ لم يحل إلى المحكمة أكثر من /38/ نزاعاً بينما أضعاف هذا العدد من النزاعات أحيل إلى الهيئات السياسية في الأمم المتحدة على الرغم من أن معظمها تضمن جوانب قانونية جديرة بحلول قضائية .
ثانياً-إهمال هيئات الأمم المتحدة اللجوء إلى لمحكمة لكي تضيء لها طريق حل المنازعات والمعضلات الدولية التي تثار لديها فلم يصدق أن قرر مجلس الأمن أو الجمعية العامة مثلاً إحالة أحد الخلافات إلى المحكمة الدولية .
وما إن يصنع مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة يده على نزاع دولي حتى يحجم عن الاتجاه إلى محكمة العدل الدولية طلباً لرأي استشاري في المسائل القانونية المتعلقة باختصاص هذه الهيئات السياسية في الموضوع المعروض عليها
وهذا وإن الوكالات المتخصصة نفسها التي تكاد تكون كلياً ذات صلاحية لسؤال المحكمة في ما عرض لها من مسائل قانونية لم تلجأ إلى المحكمة أكثر من مرتين حتى عام /1965/
وبالرغم من أن الأمم المتحدة قد اعترفت بوجاهة هذه الانتقادات ولكن هذا لم يؤد إلى زيادة في الدعاوي التي تنظر فيها المحكمة أو الآراء التي تستفتى فيها وصحيح أن هناك نواقص في نظام المحكمة الأساسي لكن هذه النواقص ليست من الفخامة بحيث تعلل الدور الضعيف الذي لعبته المحكمة الدولية على المسرح الدولي .
وإن عدم نجاح المحكمة الدولية عود إلى موقف الدول من اختصاصها القضائي فالدول فرادى أو مجموعات (المنظمات الدولية ) هي التي بيدها مفتاح نجاح أو فشل المحكمة الدولية بتحديدها كيفية ومدى إمكانية اللجوء إلى هذه المحكمة ومدى سلطاتها بعد اللجوء إليها ..
وإن من أهم الشروط لنجاح أي محكمة دولية أوأي نظام قضائي دولي إطلاقا هو أن تكون السياسة الدولية قائمة على مبدأ المساواة بين الدول في الحقوق والواجبات.
وبسبب أن ولاية محكمة العدل الدولية ولاية غير إلزامية فإن ولايتها عديمة الجدوى بسبب عدم إلزاميتها هذه وتتقاعس الدول عن اللجوء إليها لهذا السبب .

الانتقادات الموجهة حول موضوع نظام كل من المحكمتين:
أ-إن نظام انتخاب القضاة في كل من المحكمتين منتقد بسبب ما قد يحيط بالانتخاب من ظروف سياسية تخل بمبدأ القضاة وتجردهم ومن الأفضل أن يتم أسلوب هذا الانتخاب بشكل مستقل عن أسلوب انتخاب الهيئات الأخرى التابعة للأمم المتحدة .
2ً-ويتعرض عدد القضاة في محكمة العدل الدولية للنقد بسبب
عدم تمثيل التشكيل الحالي لعدد كبير من الدول بينما في المحكمة الدولية لقانون البحار فإن عدد القضاة يمثل عددأً أكبر من الدول .
3ً-وينتقد الكثيرون نظام القضاة المتممين ويرونه متعارضاً مع المبدأ الذي يحرم على المرء أن يحكم في قضيته .
4ً-واهم الانتقادات هو بطء المحكمتين في إجراءاتها وهذا لا يشجع الدول المتلهفة للوصول إلى حقوقها المهدورة باللجوء إلى أي من المحكمتين .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت