بحث عن الإعدام في المملكة الأردنية الهاشمية

عقوبـة الإعـدام فى الأردن

إعداد المحاميين

جابر ملكاوى و نسرين زريقات

اعادة النشر بواسطة موقع محاماة نت

عقوبة الإعدام فى الأردن

مقدمة:

لوحظ بالآونة الأخيرة تعالي الأصوات المنادية بإلغاء عقوبة الإعدام على مستوى العالم، ولعل هذه الدعوة من أقدم الدعوات في التاريخ؛ نظرا لأن عقوبة الإعدام تمس أهم وأول الحقوق الأساسية للإنسان ألا وهو الحق فى الحياة.

وفي السنوات العشر أو الخمس عشرة الأخيرة، ومع تنامي حركة حقوق الإنسان في الوطن العربي، وظهور المنظمات والهيئات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والتي من ضمنها المنظمات العاملة بحقوق الإنسان فقد بدأ العالم العربي يشهد تطورا في مفاهيم حقوق الإنسان والدفاع عنها ولا غرو أن يكون الحديث عن عقوبة الإعدام من أهم المواضيع المطروحة في الوطن العربي في هذا السياق.

والأردن الذي يمثل جزءاً، مهما من المنظومة العربية، ويشغل مركزا استراتيجيا متوسطا في الدول العربية والواقع ضمن دائرة من أشد دوائر النزاع في العالم كان لابد له أن يكون محطة مهمة من محطات الجدل السياسي والحقوقي، وإذا علمنا أن الأردن تأثر كثيرا بالظروف التي تشهدها المنطقة، وأصبح مهددا في مرحلة ما بأن يكون عرضة للأعمال الإرهابية، وإذا علمنا أيضا أن هذا الاستهداف وهذه الظروف أخرجت إلى السطح كما هائلا من المخاوف الحكومية التي ترجمت إلى تشريعاتان، وإن كانت تهدف إلى حماية الأرض والمواطن إلا أنها تمس بشكل مباشر الحريات والحقوق الإنسانية، ربما يمكن القول إن الأردن يمر بمرحلة تشدد بأساليب التعامل مع الجريمة المرتكبة والجريمة المتوقعة؛ فسنت القوانين، وشددت الإجراءات والاحتياطات الأمنية في السنوات الأخيرة، وارتفعت نسبة الأحكام القضائية التي تحكم بأشد عقوبة يرسمها القانون على الجرائم عامة وعلى جرائم تأخذ وصف الإرهاب والمساس بالأمن الوطني خاصة.

هذا الوضع العام والظاهر يجلبنا بلحظة ما إلى التوقف أمام عقوبة الإعدام في الأردن، ومقارنة وضعها الحالي مع القراءة التاريخية للقانون الجنائى الأردنى.

تعرف عقوبة الإعدام في القانون الأردنى في المادة 17 من قانون العقوبات بأنها “شنق المحكوم عليه”. والتعامل مع عقوبة الإعدام في الأردن يشهد حراكا بين فترة وأخرى تارة نحو التخفيف في بعض المناحي القانونية، وتارة نحو التشديد في مناحي أخرى.

وللحقيقة فإن منحى التعامل مع عقوبة الإعدام في الأردن يأخذ بعدا ايجابياً، وبالنظرة الكلية للموضوع تنبئنا بأنه وإن ازداد حجم الأحكام بالإعدام فإن حجم الإجرام هو الذي ازداد فأدى إلى زيادة نسبة الأحكام بالإعدام بينما في الوقت ذاته فقد قلصت عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام في الأردن حيث تم إلغاؤها عن بعض الجرائم، مثل جريمة إنتاج وتصنيع المخدرات (المادة 10 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية) حيث خفضت إلى المؤبد والمادة 99/3 من قانون العقوبات نصت على تأجيل العقوبة إذا بلغ المدان الجنون، وكان هذا التعديل بالعام 2001، وفي العام 2006 تم إلغاء عقوبة الإعدام عن جريمة الاعتداء بقصد منع السلطات من ممارسة وظائفها المستمدة من الدستور والتي كان معاقبا عليها بالإعدام بموجب المادة 138 من قانون العقوبات، وفى المقابل فإن القانون رقم 54 للعام 2001 شدد عقوبة الإعدام إذا نجم عن الأعمال الإرهابية موت إنسان والمنصوص عليها في المادة 148 عقوبات أضف إلى ذلك تعديل العقوبة إلى المؤبد للمحكومة بالإعدام متى كانت حاملا.

وبشكل عام فمنذ قيام المملكة الأردنية الهاشمية في العام 1921 تحت اسم إمارة شرق الأردن إلى الآن فالجرائم المعاقب عليها بالإعدام لم تختلف كثيراً، وتدور في فلك أشد الجرائم خطورة.

في السنوات الأخيرة انتقدت منظمة العفو الدولية الأردن بخصوص عقوبة الإعدام، فقد شجبت المنظمة إعدام سالم سعد بن سويد، وفتحي فريحات بتاريخ 11/3/2006 اللذين أعدما على خلفية اغتيال الدبلوماسي الأمريكي فولى، ووجهت دعوة إلى عدم تنفيذ العقوبة بآخرين محكومين على خلفية جرائم جنائية وجرائم إرهاب.

وقالت المنظمة في تقريرها للعام 2006 إن المنظمة تعارض عقوبة الإعدام بجميع الظروف… إن الإجراءات المتبعة في محكمة أمن الدولة لا تفي بالمعايير الدولية، وأن عشرات المتهمين قد تعرضوا للتعذيب، وأن اعترافاتهم انتزعت منهم تحت التعذيب.

وفي التقرير أنه قد نفذ 11 إعداماً في الأردن في العام 2005، ودعت الأردن إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام كليا.

وتقول المنظمة إنها تصر على منع الجريمة، وإنها تصر على تقديم مرتكبي قتل الدبلوماسي فولى إلى القضاء؛ ولكنها تتساءل إن كان الإعدام عقوبة تشكل رادعا للجريمة بشكل أكثر فعالية من غيرها من العقوبات، وترى المنظمة أن عقوبة الإعدام لا تخفض بشكل أكبر من غيرها من معاناة أهالى الضحايا، إلى جانب أنها عقوبة لا يمكن الرجوع عنها.

هذا هو ما يمكن أن نطلق عليه الخطأ الذى لا يمكن تداركه، ولعل هذه المسالة هى أقوى المبررات الداعية إلى إيقاف عقوبة الإعدام وإلغائها. أضف إلى ذلك الحجج التي تعتبرها عقوبة قاسية أو جريمة قتل إنما قتل قانونى.

وهذا الذي دفع الدول الموقعة على البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إلى وضع النص الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام في الدول المتعاقدة.

وربما هذه المبررات هى التي دعت جمعية أثينا وقبل الميلاد ب 427 إلى أن تلغى عقوبة الإعدام الصادرة بحق الذكور البالغين بمدينة ميثلين المتمردة، والحقيقة أن تاريخ إلغاء عقوبة الإعدام قديم قدم البشرية فإلى ما حدث في العام 427 ق م كما ذكرنا فإن الملك البوذي أماندا غاماني ألغى العقوبة في سيرلانكا منذ 2000 سنة.

واستمرت الحركة البشرية وتغيرت الفلسفة العقابية إلى أن أصبحت الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام حركة بمفهوم واسع لها فلاسفتها ومنظروها وتشريعاتها الدولية والوطنية، فقد نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على حصرها بأشد العقوبات خطورة كما حظرت اتفاقية حقوق الطفل تطبيق العقوبة، وخلت أحكام نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية من نص على عقوبة الإعدام.

وها نحن على أبواب اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي سيكون العاشر من تشرين أول والذي يصادف يوم إلغاء العقوبة لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1786.

ولا غرو أن الحديث عن عقوبة الإعدام يحتاج إلى مجلدات من الجدل والتحليل والتبرير والتبرير المضاد؛ ولكن في سياق دراسة مسحية لبلد صغير مثل الأردن فسيتم تناول البحث في ثلاثة أقسام؛ يخصص القسم الأول منها لوصف تعامل المشرع الأردنى مع عقوبة الإعدام والجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام في الأردن؛ وبيان المحكمة المختصة بإصدارها لكل جريمة.

في حين سنتناول في القسم الثاني من الدراسة الضمانات المرعية في القانون الأردنى لتطبيق هذه العقوبة، وضمانات تنفيذها، وهل يتم التقيد بهذه الضمانات، وإن كانت هذه الضمانات كافية أم لا.

أما القسم الثالث فسنحاول من خلاله وضع تصور لحجم تطبيق العقوبة في الأردن خلال الفترة الزمنية التي نستطيع حصرها.

على أن يتم ختم هذه الدراسة بخاتمة توضح النتائج والتوصيات التي من المحتمل أن نخرج بها.

وربما يبرر هذا التقسيم بأن الهدف من هذه الدراسة هو وصف حالة؛ ومن ثم تقييمها بأسلوب الدراسة المسحية أو التقريرية التي تضع تصورا لمادة الدراسة، ومن خلال هذا التصور نصل إلى ما نراه لتعديل هذا التصور أو ربما أن يقودنا التصور إلى الرضى بما استدللنا عليه.

الفصل الأول

الجرائم المعاقب عليها بالإعدام في القانون الأردنى

نص القانون الأردنى على 25 حالة يعاقب عليها بالإعدام وردت في قانون العقوبات الأردنى رقم 16 لسنة 1960، وتعديلاته، وقانون العقوبات العسكري لسنة 2006، وقانون حماية أسرار وثائق الدولة رقم 50 لسنة 71، وهذه القوانين وفقا لأخر تعديلاتها محذوفا منها النصوص والقوانين الملغاة، ويتم التعامل معها وفقا لما هو سار بوقت إعداد هذه الدراسة، وسيتم تقسيم هذا القسم حسب المحكمة المختصة بإصدار الحكم.

وبصورة عامة فإن عقوبة الإعدام في الأردن تصدرها أربع محاكم هى محكمة الجنايات الكبرى ومحكمة أمن الدولة والمحكمة العسكرية، ومحكمة الجنايات البدائية، وتحدد اختصاصها وفقا للآتي:

المبحث الأول: الجرائم المعاقب عليها بالإعدام الداخلة ضمن اختصاص المحاكم النظامية.

المطلب الأول: الجرائم المعاقب عليها بالإعدام الداخلة ضمن اختصاص محكمة الجنايات الكبرى:

محكمة الجنايات الكبرى: محكمة خاصة شكلت بموجب قانون محكمة الجنايات الكبرى لسنة 1986، وتقع ضمن ملاك وزارة العدل وتتألف من 3 قضاة، وتتولى أعمال النيابة لديها هيئة خاصة تتألف من نائب عام، ومساعدين ومدعين عامين، وهى محكمة نظامية تخضع للمجلس القضائي الأردنى الذي يمثل رأس السلطة القضائية.

وتختص هذه المحكمة بالفصل في الجرائم التالية، والمعاقب عليها بالإعدام:

جريمة القتل العمد: والقتل العمد وفقا للقانون الأردنى وهو القتل قصدا (أي المقصود منه إزهاق روح المجني عليه) إذا سبقه سبق إصرار، ونصت عليه المادة 328 /1 من قانون العقوبات، وقد عرفته محكمة التمييز الأردنية بأنه القتل الذي يقع بعدما أخذ الجاني فرصة للتفكير والتخطيط بهدوء؛ ومن ثم قام بالتنفيذ
القتل المرتكب تمهيدا لجريمة من فئة الجناية أو تنفيذا لها أو تسهيلا لقرار المحرضين على تلك الجناية أو فاعليها أو المتدخلين فيها أو للحيلولة بينهم وبين العقاب، وقد نصت عليها المادة 328/2 من قانون العقوبات وأقرب مثال لها أن يقوم الجاني بقتل حارس المنزل؛ تسهيلا لسرقته ليلا، وأن يقتل الحارس لتأمين فرار السارقين.
جريمة القتل المرتكبة من الفرع على الأصل ومنصوص عليها بالمادة 328/3 من قانون العقوبات كان يقتل الجاني أحد أبويه أو أجداده وإن علوا.
جريمة اغتصاب فتاة لم تكمل الخامسة عشرة من عمرها، ونصت عليها المادة 292/2 من قانون العقوبات.
المطلب الثاني: الجرائم المعاقب عليها بالإعدام والداخلة باختصاص محاكم الجنايات البدائية:

وتشكل هذه المحكمة من قاضيين داخل محاكم البداية، وتختص بنظر الجرائم التالية:

قتل الأم لوليدها بفعل أو ترك مقصود، ولم تكن ناقصة الوعي بتأثير الولادة أو الرضاع، وقد نصت عليها المادة 331 من قانون العقوبات.
جريمة الحريق العمد إذا نجم عن الحريق وفاة إنسان، وقد نصت عليها المادة 372 من قانون العقوبات، وسواء كان الحريق ببناء أو بجراج أو بمركبة أو قطار. … الخ

المبحث الثاني: الجرائم المعاقب عليها بالإعدام الداخلة ضمن اختصاص محكمة أمن الدولة.

تمهيد:

محكمة أمن الدولة محكمة خاصة، ولا تدخل ضمن تشكيل المحاكم النظامية تشكل بموجب قانون محكمة أمن الدولة لسنة 1959، ويشكلها رئيس مجلس الوزراء، وتتألف من ثلاثة قضاة مدنيين أو عسكريين ينسب القضاة المدنيين وزير العدل، وينسب القضاة العسكريين رئيس هيئة الأركان المشتركة، وقد وتم تشكيلها منذ سنوات من قضاة عسكريين، وقد تم إضافة قاض مدني لهيئتها بالآونة الأخيرة، ولا تزال قائمة، وربما تحولت إلى محكمة دائمة، وتنظر بقضايا الجرائم الماسة بالأمن الداخلي والخارجي وتزوير البنكنوت والتجسس وحماية أسرار الدولة، وتتلخص الجرائم المعاقب عليها بالإعدام تنظرها محكمة أمن الدولة بالتالي:

أولا: الجنايات الواقعة على أمن الدولة الخارجي وهى مفصلة في قانون العقوبات كالتالي:

1- المادة 110 من قانون العقوبات تعاقب بالإعدام كل أردني حمل السلاح ضد الدولة في صفوف العدو.

2- المادة 111 تعاقب بالإعدام كل أردني دس الدسائس لدى دولة أجنبية، واتصل بها ليدفعها إلى العدوان ضد الأردن أو ليوفر الوسائل لذلك إذا أفضى عمله إلى نتيجة؛ والنتيجة هنا أن يتحقق العدوان أو تم الاستفادة من الوسائل التي وفرها الجاني.

3- المادة 112 تعاقب بالإعدام من دس الدسائس لدى العدو أو اتصل به ليعاونه على هزيمة الدولة سواء أدى إلى نتيجة أم لا.

4- المادة 113 تعاقب بالإعدام من أقدم على أعمال من شأنها شل الدفاع الوطني سواء بالإضرار بالمنشآت والمصانع والبواخر والطائرات أو الأسلحة والتموين وطرق المواصلات بشيء معد لاستعمال القوات العسكرية الأردنية إذا وقعت هذه الأعمال في وقت الحرب أو في وقت يتوقع فيه نشوب الحرب أو إذا أدت هذه الأعمال لموت أحد.

5- المادة 120 تعاقب بالإعدام كل من جند في المملكة جنودا للقتال لمصلحة دولة أجنبية عدوة؛ بمعنى أن يكون التجنيد داخل البلاد أولا ولمصلحة دولة أجنبية عدوة تحديدا.

ثانيا: الجنايات الواقعة على الدستور.

وقد فصل قانون العقوبات هذه الجنايات كالتالي:

1- الاعتداء على حياة الملك أو حريته ومنصوص عليها بالمادة 135/1.

2- الاعتداء على حياة الملكة أو ولي العهد أو أحد أوصياء العرش أو على حرية أي منهم ومنصوص عليها بالمادة 135/2.

3- المادة 136 تعاقب بالإعدام كل من يعمل على تغيير الدستور بطرق غير مشروعة؛ أي عن طريق آخر غير مجلس الدولة.

4- يعاقب بالإعدام من قام بأفعال بقصد إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور، وإذا أدى هذا الفعل إلى العصيان المسلح فيعاقب المحرض وجميع المشتركين بالعصيان بالإعدام.

5- الأعمال التي تستهدف إثارة الحرب الأهلية بتسليح المواطنين أو بحملهم على التسلح ضد بعض أو بالحض على التقتيل والنهب وأدى العمل إلى وقوع النتيجة ويعاقب مرتكب هذه الأعمال بالإعدام. وهذا ما تنص عليه المادة 142.

6- الجرائم المتعلقة بالإرهاب فقد نصت المادة 148/4 من قانون العقوبات على إعدام كل من قام بعمل إرهابي إذا أفضى إلى موت إنسان أو إلى هدم بناء سواء كليا أو جزئيا وكان بالبناء شخص أو أكثر أو إذا كان تنفيذ العمل باستخدام المتفجرات أو المواد المشتعلة أو السامة والحارقة أو الوبائية أو الجرثومية أو الكيميائية أو الإشعاعية.

7- المادة 149 من قانون العقوبات تعاقب بالإعدام على الأعمال التي من شأنها تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة، أو بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادي أو الاجتماعي، أو أوضاع المجتمع الأساسية، أو احتجاز شخص كرهينة لابتزاز جهة رسمية أو خاصة إذا أدت أي من هذه الأعمال لموت أحد.

ثالثا: الجرائم الواقعة على السلامة العامة:

1- المادة 158 من قانون العقوبات تتحدث عن العصابات المسلحة المكونة من ثلاثة أشخاص فأكثر، ويقومون بأعمال السلب والتعدي على الأشخاص والأموال وممارسة أعمال اللصوصية إذا أقدموا على القتل لتنفيذ أعمالهم المذكورة أو إذا أنزلوا بالناس التعذيب والأعمال البربرية، وتعتبر هذه الأعمال ماسة بالسلامة العامة حسب أحكام المادة 3/7 من قانون محكمة أمن الدولة.

2- المادة 380 من قانون العقوبات تعاقب بالإعدام كل من أتلف خلال عصيان مسلح أو خلال الفتنة خطوط الاتصالات من هاتف وبرق وأجهزة الإذاعة أو جعلها غير صالحة للاستعمال أو استولى عليها بالقوة، أو منع إصلاحها بالقوة إذا أدى أى من هذه الأعمال إلى موت إنسان، ومثال ذلك عدم تمكن أحد الأشخاص من دعوة الإسعاف بسبب تعطل وسائل الاتصالات المعتدى عليها؛ مما أدى إلى عدم إسعافه ووفاته.

رابعا: الجرائم المنصوص عليها بقانون حماية أسرار ووثائق الدولة:

1- يعدم كل شخص دخل أو حاول الدخول إلى مكان محظور بقصد الحصول على أسرار أو وثائق محمية أو معلومات تحمل طابع السرية حفاظا على سلامة المملكة إذا كان دخوله أو محاولة دخوله لمصلحة دولة عدوة، وهذا منصوص عليه في المادة 14 من قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم 50 لسنة 71.

2- أتت المادة 15 من قانون حماية أسرار ووثائق الدولة لتعاقب بالإعدام كل من سرق أسراراً أو وثائق أو معلومات ذات الطابع السري، لحماية سلامة الدولة إذا كانت هذه السرقة لمصلحة دولة عدوة، والملاحظ هنا أن السرقة قد تكون من مكان محظور كالمشار إليه في الفقرة السابقة أو من أي مكان آخر وبأي وسيلة.

3- و تتعلق هذه الفقرة بالإبلاغ أو الإفشاء عن معلومات أو أسرار ممن وصلت إليه هذه الأسرار بحكم وظيفته سواء كان على رأس عمله أو أن وظيفته انتهت فأفشى بها لدولة عدوة. تتكون عقوبة الإعدام حسب أحكام المادة 16/ب من قانون حماية أسرار ووثائق الدولة.

المبحث الثالث: الجرائم المعاقب عليها بالإعدام وتدخل باختصاص المحاكم العسكرية:

تمهيد:

المحكمة العسكرية تشكل بموجب قانون تشكيل المحاكم العسكرية لسنة 2006، وتشكل بقرار من رئيس هيئة الأركان المشتركة، وهناك محكمة عسكرية دائمة في عمان أيضا، ويكون جميع قضاة المحاكم العسكرية أعضاء النيابة العامة لديها من العسكريين، وتختص بنظر الجرائم المعاقب عليها بالإعدام على النحو التالي:

أولاً: جميع الجرائم الواردة ذكرها سابقا كان مرتكبها من ضباط أو أفراد القوات المسلحة أو ممن هم مكلفون بخدمة العلم “التجنيد الإجبارى” والمستخدمين المدنيين لدى القوات المسلحة.

ثانياً: الجرائم المنصوص عليها بقانون العقوبات العسكري لسنة 2006 سواء ارتكبها عسكري أو مدني وتتمثل بالتالي:

1- جريمة التسبب بالتمرد في القوات المسلحة، أو في قوات دولة حليفة أو الانضمام إلى تمرد قائم بتلك القوات أو التآمر لوقوع هذا التمرد، ومحاولة إقناع أحد الأشخاص بتلك القوات للانضمام إلى تمرد وهذا منصوص عليه في المادة 10/ا من قانون العقوبات العسكري.

2- مخالفة الأوامر العسكرية أثناء مجابهة العدو أو المتمردين أو رفض الهجوم عند هذه المجابهة، وتسبب هذا الرفض أو تلك المخالفة بضرر جسيم، وهذا مفهوم من نص المادة 10/د من القانون ذاته.

3- تقضي المادة 36 من القانون ذاته بإعدام من يوقع أعمال عنف بعسكري جريح أو مريض بقصد تجريده من أشيائه، وكان من شأن هذا العنف أن يزيد حالة ذاك العسكري سوءاً.

4- نصت المادة 37/ا من القانون ذاته على إعدام كل من سلم للعدو موقعاً أو مركبة أو آلية عسكرية أو حصناً أو مخفراً أو نقطة مكلف هو بحراستها.

5- أما المادة 37/ب فتنص على إعدام من استعمل أي وسيلة لإرغام غيره على ترك موقع أو آلية للعدو.

6- إعدام كل من ألقى سلاحه بصورة شائنة أمام العدو أو المتمردين مادة 37/ج.

7- المادة 37/د من القانون ذاته تنص على إعدام كل من أمد العدو بالأسلحة والذخائر أو المؤن.

8- المادة 37/هـ تعاقب بالإعدام من يساعد العدو على تحقيق أهدافه.

9- المادة 37/و تعاقب بالإعدام كل من عرض للخطر نجاح العمليات العسكرية للقوات المسلحة أو قوات دولة حليفة.

10- جرائم الحرب سواء كان مرتكبها مدنياً أو عسكرياً وهذا منطوق المادة 9/ز من قانون تشكيل المحاكم العسكرية.

الفصل الثانى : ضمانات عقوبة الإعدام ومدى كفايتها

تمهيد:

للحديث بالضمانات التي تتبع عقوبة الإعدام يجدر بنا أن نقسم هذه الفصل إلى ضمانات في مرحلة التحقي،ق وضمانات أثناء المحاكمة مع مراعاة نوعية المحكمة المختصة في كل مرة، وضمانات مرحلة ما بعد الحكم، وقبل التنفيذ على أن يتم بحث مدى كفاية هذه الضمانات التي لزم ذلك خلال البحث.

المبحث الأول: الضمانات في مرحلة التحقيق

يتم التحقيق في الجرائم المعاقب عليها بالإعدام على عدة صور في القانون الأردني، وتختلف هذه الصور باختلاف المحكمة التي تنظر الدعوى فور التحقيق الذى تمارسه النيابة العامة والادعاء العام، وهذا يختلف باختلاف المحكمة المختصة، فهناك النيابة العامة الخاصة بالمحاكم النظامية العادية ” محاكم الجنايات البائية ” والنيابة العامة لدى محكمة الجنايات الكبرى، والنيابة العامة لدى محكمة أمن الدولة والنيابة العسكرية لدى المحاكم العسكرية.

وهناك قواعد مشتركة بالتحقيق لدى جميع هذه الدوائر؛ ولكن تظهر الخصوصية بين حين وآخر، وبشكل عام فإن التحقيق أمام النيابة العامة، والادعاء العام لدى المحاكم النظامية ومحكمة الجنايات الكبرى متطابقة، وتتم وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجنائية لسنة 1961 مع تعديلاته وعليه سيتم هذا المبحث والثلاث مطالب يتناول منها ضمانات التحقيق أمام المحاكم النظامية والجنايات الكبرى والثاني لضمانات التحقيق أمام محكمة أمن الدولة والثالث للتحقيق الخاص بالمحاكم العسكرية.

المطلب الأول: ضمانات التحقيق أمام محاكم الجنايات البدائية ومحكمة الجنايات الكبرى:

يمارس المدعي العام لدى المحاكم النظامية التحقيق بالجنايات المعاقب عليها بالإعدام، والتي تختص بها محاكم الجنايات البدائية، ويمارس صلاحياته تحت سلطة النائب العام، في حين يمارس مدعي عام الجنايات الكبرى التحقيق في الجنايات الداخلة باختصاص هذه المحكمة، ويعاقب عليها بالإعدام، ويمارس سلطانه ضمن النيابة العامة لدى محكمة الجنايات الكبرى، ويطبق كلاهما قانون أصول المحاكمات الجزائية مع فوارق تتعلق بمدد التحقيق وإصدار قرارات الاتهام وحالة الدعوى للمحكمة، وهذا خارج مدار دراستنا ويمكن تناول هذه الضمانات كالتالي:

1- يستفاد من نص المادة 48/1 من قانون أصول المحاكمات الجزائية عدم جواز استجواب المتهمين من قبل موظفي الضابطة العدلية، وهم الشرطة، ومن يدخل في تعريفهم، وهذا لا يطبق على إطلاقه؛ حيث غير مسموح للمحامين بأن يراقبوا إجراءات الشرطة الذين يمارسون الاستجواب عادة.

2- تنص المادة 63/1 على أن من حق المتهم ألا يجيب عن الجرم الموجه له أثناء التحقيق إلا بحضور محام، والتنبيه على المتهم بذلك وجوبي من قبل المدعي العام ولكن حضور المحامي ليس وجوبيا إنما اختيارى للمتهمين ومما يقدح بهذه الضمانة أن للمدعي العام أن يحقق مع المتهمين بمعزل عن المحامي إذا لم يحضر المحامى خلال أربع وعشرين ساعة، ومما يقدح بهذه الضمانة أيضا أنه يجوز للمدعي العام إذا وجد ضرورة للاستعجال أن يباشر التحقيق بمعزل عن المحامي وهذا هو نص المادة 63/2 من القانون ذاته، و64/3 وهذا الإجراء لا يقبل الطعن وبجميع الأحوال فليس مسموحا للمحامي أن يحضر جلسات سماع الشهود في مرحلة التحقيق، ودوره في المرحلة ضئيل حيث إن كلامه يكون بإذن المحقق “المدعي العام” الذي قد لا يسمح له، ويبقى حق المحامي بحضور وتقديم مذكرة بملاحظاته. ومن الملاحظ أثناء مرحلة التحقيق أنه يجوز توقيف المتهم لمدة غير منتهية إذا كان الجرم الذي يتم التحقيق بشأنه معاقباً عليه بالإعدام، وهذا ما يفهم من نص المادة 114/3 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهذا يتضح أكثر من عدم جواز إخلاء سبيل المتهم لقاء كفالة بالمادة 123/1 من القانون ذاته، والتوقيف على الجرائم المعاقب عليها بالإعدام وجوبيا حسب أحكام المادة 134/1.

3- جميع إجراءات وقرارات المدعي العام خاضعة لرقابة النائب العام، ويتم البحث بالتهمة على مرحلتين أمام المدعي العام، ومن ثم النائب العام.

المطلب الثاني: ضمانات التحقيق أمام محكمة أمن الدولة:

كما سبق الذكر فإن هذه المحكمة يحكمها قانون خاص لها، والأصل أن يتم التحقيق في القضايا الداخلة باختصاصها وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية ولكن يمارس صلاحيات التحقيق مدعون عامون ونائب عام عسكري كما نصت المادة 7/ا من قانون المحكمة.

والأصل أن يتمتع الأشخاص بضمانات التحقيق ذاتها المنصوص عليها بقانون أصول المحاكمات الجزائية على عدم كفايتها إلا أنه يتضح من قانون محكمة أمن الدولة أنه يعطي صلاحيات تحقيق واستجواب للضابطة العدلية حين يسمح لهم بالاحتفاظ بالمشتكى عليه مدة سبعة أيام قبل إحالته إلى مدعي عام المحكمة. كما يعتبر هذا القانون المخابرات العامة والاستخبارات العسكرية جزءاً من الضابطة العدلية.

المطلب الثالث: ضمانات التحقيق بالجرائم المعاقب عليها بالإعدام والداخلة باختصاص المحاكم العسكرية:

يمارس دور التحقيق لدى المحاكم العسكرية النيابة العامة العسكرية والمدعون العامون العسكريون ويمارسون صلاحياتهم في ظل قانون خاص يدعى قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري، وهذا يفهم من نص المادة 11 من قانون تشكيل المحاكم العسكرية.

ويستفاد من نص المادة 20 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري أن تطبق أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية بما لم يرد به نص في هذا القانون؛ مما يعني أن من حق المشتكى عليه أن يستعين بمحام بمرحلة التحقيق، وهذا لا يتم عادة.

وبشكل عام فإن القوانين المعمول بها لا تعطي خصوصية واضحة في مرحلة التحقيق للجرائم المعاقب عليها بالإعدام، ولا تبين الضمانات الخاصة للمشتكى عليهم بمثل تلك الجرائم بل إن القوانين ذهبت إلى التشدد بكثير من الأحيان حين منعت إخلاء سبيل المشتكى عليه بجريمة عقوبتها الإعدام مقابل الكفالة.

وبشكل عام أيضا فإن القانون الأردني يركز على حق الدولة وحق المجتمع أكثر من حق المشتكى عليه بهذه الجرائم.

المبحث الثاني: الضمانات الخاصة بعقوبة الإعدام خلال المحاكمة:

كما سبق وأن قسمنا المواضيع حسب المحكمة المختصة فسنقوم بتقسيم هذا المبحث على النهج نفسه وإنما تناوله بمطالب أربعة يفرد كل مطلب منها لنوع من المحاكم.

ولكن قبل التطرق لخصوصية كل نوع من المحاكم فسنورد مسألة مشتركة بالنسبة للمحاكمات التي تتم أمام المحاكم الأردنية ألا وهي وجوبية أن يمثل المتهم بجريمة عقوبتها الإعدام بواسطة محام وبالحالات التي يعجز فيها المتهم عن توكيل محام يتم تعيين محام له ولكن تشوب هذه النقطة إشكالية عملية تتمثل في أن المحامي المعيين يكون بالعادة من المحامين المبتدئين الذين تعوزهم الخبرة الكافية بمثل هذه القضايا وإما أن يكون المحامي غير مكترث كثيرا للقضية كون الأتعاب التي تدفع للمحامي المعين تعيينا تقل بكثير عن مثيلتها التي يتقاضاها المحامون عن مثل تلك القضايا.

المطلب الأول: الضمانات الخاصة خلال المحاكمة على الجرائم المعاقب عليها بالإعدام:

1. إن القواعد القانونية الثابتة أمام القضاء النظامي تذهب إلى أن الأحكام في المواد الجزائية تقوم على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين وإن الشك يفسر لصالح المتهم الذي هو بريء حتى تثبت إدانته وأن القانون الأصلح له هو الأولى بالتطبيق. وعلى هذه النقطة بالتحديد تثور مسألة غاية بالأهمية ألا وهي وجود نصوص بالقانون ذاته بعضها أصلح للمتهم من بعضها الآخر سيتم توضيحها بمكانها من هذه الدراسة.

2. المادة 150 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لا تعطي للضبط الذي تحرره الضابطة العدلية سلطة بالإثبات في قضايا الجنايات.

3.يحق لزوج وأصول وفروع المتهم الامتناع عن أداء الشهادة ضده.

4.لا يعطي القانون أهمية تذكر للاعتراف الذي يتم على يد الضابطة العدلية وعلى النيابة العامة أن تثبت أن الاعتراف تم دون إكراه.

5. الأصل القانوني ألا تعترف المحكمة إلا بالبيانات التي تقدم أمامها ويتناقش بها الخصوم أمامها إلا أن يجيز القانون للمحكمة إبعاد المتهم والاستيضاح من الشهود على حدة وعليها أن تطلع المتهمين على ما تم في إبعاده.

6. لا يحاكم أمام المحكمة لجناية إلا إذا صدر قرار اتهام بحقه عن النائب العام وأن تبلغ لائحة الاتهام للمتهمين قبل وقت كاف من المحاكمة، ومعها جميع بيانات الإدانة.

7. الحكم بالإعدام الصادر عن هذه المحاكم يستأنف حكما وتنظر محكمة الاستئناف بالدعوى مرافعة.

8. أحكام الإعدام تميز بقوة القانون وتكون رقابتها رقابة مأمونة بالأحكام الصادرة عن هذه المحاكم أى أنها تراقب تطبيق القانون وتفسيره أو تأويله وصحة الإجراءات.

9. تسقط الدعوى العامة بمرور 10 سنوات على ارتكاب الجرم، ولن تتم الملاحقة.

10. تبدل عقوبة الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة لمن كانت حاملا وقت المحاكمة.

المطلب الثاني: ضمانات المحاكمة أمام محكمة الجنايات الكبرى:

1. إن أصول المحاكمة أمام هذه المحكمة هى ذاتها المتبعة لدى محاكم الجنايات البدائية وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية وتظهر الخصوصية إجراءاتها السريعة من ناحية، وتخصصها من ناحية ثانية ومن درجتها من ناحية ثالثة إذ أنها توازي محكمة استئناف.

2. أحكام هذه المحكمة يتم تمييزها بقوة القانون إذا صدرت بالإدانة، وتكون محكمة التمييز بهذه الحالة محكمة موضوع يعني أن رقابتها تفوق عن مراقبة تطبيق القانون وتأويله إلى أن تبحث الأدلة والبيانات وجميع ظروف ووقائع القضية وإن كانت هذه حسنة من حسنات المحاكم أمام محكمة الجنايات إلا أن المحاكمة بالدعاوى التي تدخل باختصاص هذه المحكمة إنما تتم على مرحلتين، في حين أن الدعاوى التي تدخل باختصاص محاكم الجنايات البدائية، والتي هى اقل درجة من محكمة الجنايات الكبرى تتم على ثلاث مراحل مرحلتي محكمة موضوع ومرحلة محكمة قانون.

وقبل أن نختم هذه المطلب نود الإشارة إلى أن قانون أصول المحاكمات الجزائية يحوي نصوصا من شأنها التفريط بالضمانات اللازمة أثناء المحاكمة للذين يحاكمون عن جرائم عقوبتها الإعدام، وذلك بأنه سبق وأسلفنا أن المتهم أو محاميه لا حق لهم بحضور سماع الشهود أمام المدعي العام، وسبق أن ذكرنا أن للمحكمة أن تبعد المتهم، وتنفرد بالشاهد أو الشهود للاستيضاح عن بعض الأمور، وإذا علمنا أنه يجوز الأخذ بشهادة شاهد سبق أن أدلى بشهادته أمام المدعي العام بمنأى عن الدفاع والمتهم ثم غادر البلاد أو توفى أو لم يعثر عليه فتتلى شهادته أمام المحكمة، وتضم البيانات النيابة وهذا يقدح بالمبدأ القائل بأن تأخذ المحكمة بالبينات التي تسمع أمامها، ويناقشها الخصوم وهذه النصوص جميعا بقانون واحد وهو قانون أصول المحاكمات الجزائية فلا يستطيع المتهم أن يتمسك بالقانون الأصلي كونه لسنا أمام قانونين بل أمام نصين بقانون واحد.

المطلب الثالث: الضمانات المتعلقة بعقوبة الإعدام في المحاكمات التي تتم أمام محكمة أمن الدولة:

هذه المحكمة شبه عسكرية من حيث تشكيل قضاتها، ومن حيث النيابة العامة فيها ومحاكم المدنيين ولعل الضمانة الواضحة أمامها هى مثول المحامين، وتطبيق قانون أصول المحاكمات الجزائية بما يحويه من ضمانات كما سبق وأسلفنا.
تمييز أحكام الإعدام الصادرة عن هذه المحكمة حكما وتكون محكمة التمييز والحال هذه محكمة موضوع لها أن تحكم بالبراءة أو الإدانة، وتصدق على البيانات.
عادة الجهة التي تحقق بالقضايا المحولة إلى هذه المحكمة قبل المدعي العام لديها هى المخابرات العامة كجزء من الضابطة العدلية وكثيراً ما نسمع شكاوى ممن تم التحقيق معهم بأنهم يتعرضون للتعذيب، ويعيب البعض على هذه المحكمة أنها تأخذ بالاعترافات المأخوذة لدى الضابطة العدلية رغم أن القانون يتشدد كثيرا بقبول هذه الاعترافات.

المطلب الرابع: الضمانات المتعلقة بعقوبة الإعدام في المحاكمات التي تتم أمام المحاكم العسكرية:

1. كما سبق ذكره فإن المحامي وجوبي التواجد مع المتهم بجريمة عقوبتها الإعدام.

2. القرارات الصادرة عن هذه المحكمة تقبل الطعن أمام محكمة الاستئناف العسكرية.

3. وفقا للمادة 20 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكرى فإنه يطبق قانون أصول المحاكمات الجزائية على ما لم ينص عليه في هذا القانون مما يعتبر بأن أحكام هذه المحاكم الصادرة بالإعدام تميز حكما.

المبحث الثالث: الضمانات المتعلقة بعقوبة الإعدام ما بعد صدور الحكم وحتى التنفيذ:

ننطلق هنا من أن حكم الإعدام بال قطعيا واستنفد سبل الطعن به وينتظر التنفيذ؛ بالبداية فإن حكم الإعدام في الأردن ينفذ شنقا، ولا يوجد نص خاص يوضح كيفية إعدام العسكريين، وكي نتحدث عن ضمانات قد تحول دون تنفيذ هذا الحكم فيمكن إيجازها بالتالي:

1. لا يتم إعدام في المناسبات الدينية للمحكوم، ولا في المناسبات الرسمية والأعياد.

2. لا ينفذ إعدام إلا بعد موافقة جلالة الملك الذي يملك إصدار العفو الخاص.

3. يجب مصادقة وزير العدل ورئاسة الوزراء على قرار الإعدام، ويملك مجلس الوزراء إبدال العقوبة.

4. بالنسبة للعسكريين فإن رئيس هيئة الأركان المشتركة يملك إبدال العقوبة أو الإعفاء منها.

5. تبدل عقوبة المرأة الحامل من الإعدام إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.

6. لا يعدم قاصر وإنما يعاقب بحكم خاص بالأحداث.

7. درجت العادة على إطالة الفترة ما بين الحكم والتنفيذ في القضايا القابلة لصفح الفريق المتضرر كذوي المقتول مثلا؛ لأن هذا من شأنه تخفيف العقوبة.

8. لم تنفذ أي عقوبة إعدام على الجرائم السياسية في الأردن لعدم موافقة الملك.

هذا بالنسبة للضمانات، وقبل الانتقال إلى الفصل القادم نود أن نشير إلى أن أهم الضمانات الموجودة في الأردن بخصوص عقوبة الإعدام، وخاصة خلال المحاكمة هى محكمة التمييز الأردنية التي كانت دوما الرقيب الصارم على المحاكم، والتي تتحرى كل ما يمكن لإظهار الحقيقة، والتي توسعت في كثير من الحالات في تفسير الأعذار المحلة والمخففة من العقوبة كثورة الغضب الشديد، والدفاع المشروع، والتصرف غير مكتمل الوعي.

الفصل الثالث : أحكام الإعدام في الأردن (ما نفذ وما لم ينفذ)

تمهيد:

الحقيقة أن منظمات المجتمع المدني في الأردن تعوزها الدراسات الإحصائية حول هذا الموضوع، وهذا نورده لأسباب، منها حداثة الدولة ولم يمر على تأسيسها مائة عام، ومنها حدة العمل في المجتمع المدني، ومنها عدم وجود أرشيف قضائي مفهرس أو حتى أرشيف وطني متاح للدارسين كما نرغب.

ولكن من الممكن وضع تصور معين حول حجم أحكام الإعدام في الأردن لعدد قليل من السنوات، وما نفذ منها وما لم ينفذ.

فبالعودة إلى المصادر المتاحة وجدنا أن أحكام الإعدام في الأردن تزداد زيادة مطردة بالسنوات العشر الأخيرة، وتزداد كلما مرت المنطقة بظروف استثنائية، وقد خلصنا إلى الأرقام التقريبية التالية:

1- أحكام الإعدام منذ عام 1921، وحتى 1946 كانت لا تتجاوز الثلاثة أحكام سنويا ويصدر العفو عن جزء منها، وهذا مردودة إلى حداثة تأسيس الدولة، وحاجة الحكومة لكسب التأييد من جهة، ومن الجهة الأخرى وجود العادات العشائرية المتمثلة بالأخذ بالثأر من جهة، والتصالح من جهة أخرى، وهذه الأرقام دون الأخذ بما ارتكبه الاحتلال الإنجليزى من أعمال إعدام وقتل المواطنين.

2- من عام 1946 لغاية عام 1953 راوحت الأرقام مكانها مع اختلاف ظهور التشريعات الجديدة المتعلقة بمقاومة الشيوعية والأحزاب الممنوعة… الخ؛ بمعنى بدأت تظهر الأحكام التي تعاقب على الانتماء إلى منظمات غير مسموح بها.

3- من العام 1953 ولغاية العام 1960 ازدادت الأحكام بالإعدام في الفترة التي شهدت بها البلاد ظروف سياسية مضطربة، ومن ضمن الأحكام كانت إعدام محاولى الانقلاب وكانت تعدل الأحكام في تلك الفترة ما بين 15- 20 حكماً في السنة إلا أن النسبة الأكبر منها لم تنفذ، وشملت بأحكام العفو العام والخاص.

4- الفترة من 1960 إلى 1969 استقرت نسبة أحكام الإعدام، وشملت أحكام جرائم القتل والاغتصاب والجرائم الجنائية الأخرى، وكان معدل الأحكام لا يتجاوز العشرة أحكام سنويا، ولم ينفذ أكثر من نصفها.

5- العام 1970 شهد هذا العام ما يزيد على مائتي حكم بالإعدام على منتسبي فصائل المقاومة الفلسطينية أو على أفراد وضباط الجيش الذين خالفوا الأوامر، ولم ينفذ من هذه الأحكام إلا القليل، وتم العفو عن معظم المحكومين بتلك السنة.

6- من العام 1971 إلى العام 1994 كانت وتيرة الأحكام الصادرة بالإعدام تتزايد نسبيا نسبة إلى ازدياد عدد السكان، ووصل معدل أحكام الإعدام الصادرة بتلك السنوات إلى 10 أحكام والمنفذ منها يصل إلى 5 أحكام.

7- من العام 1994 إلى العام 1999 كان معدل الأحكام بالإعدام سنويا 20 حكماً ومعدل التنفيذ 12 حالة إعدام وقد ظهرت بهذه الفترة أحكام الإعدام على الجنايات التي تدخل باختصاص محكمة أمن الدولة حيث حوكم العديد من المتهمين بتهم ارتكاب أو التخطيط لأعمال عنف ضد الأمريكان واليهود.

8- الأعوام من 2000 إلى 2006 شهدت تنفيذ 51 حكماً بالإعدام، في حين بلغ عدد المحكوم عليهم بالإعدام في هذه السنوات 80 محكوما وكان العام 2002 أكثر الأعوام الذي تنفذ فيه إعدامات بلغ عددها 12 عملية إعدام وكان 2006 أعلى عام من حيث عدد أحكام الإعدام؛ حيث بلغت 23 حكما وجاهيا و17 حكماً غيابياً.

الخاتمــة

توصلت هذه الدراسة إلى عدد من النتائج قد تكون أهمها:

1- إن العدد الأكبر من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام هى من اختصاص محكمة خاصة شبه عسكرية.

2- إن ضمانات المحاكمة والتحقيق بالجرائم المعاقب عليها بالإعدام غير كافية، وهناك مخاوف من المحاكمات التي تتم سندا لاعترافات مأخوذة بالإكراه والعنف.

3- توجد قواعد قانونية واحدة تحكم المحاكمات على الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، كما أن النصوص تتضارب مع بعضها البعض مما يؤدي إلى إهدار بعض الضمانات للحصول على محاكمة عادلة.

4- إن نسبة تنفيذ الأحكام بالإعدام ازدادت منذ عام 2000.

5- انه لا يوجد فصل ما بين النيابة العامة والقضاء إذ يتم إجراء التنقلات ما بين القضاء والنيابة العامة وهذا يؤثر بطريقة نظر القاضي للقانون الجزائي.

6- إن المتهم بجرم يعاقب عليه بالإعدام قد يعامل على انه مذنب قبل إدانته بسبب تشدد القانون معه بموضوع الوقيف وعدم إخراجه بالكفالة.

7- لم يعدم في الأردن أشخاص بسبب انتمائهم السياسي، وكلما صدر حكم على أحد هؤلاء كان يحصل على عفو.

8- إن التشدد الواضح بالسنوات الأخيرة بمواجهة ما يسمى بالإرهاب، وتوسيع مفهوم الإرهاب لم يؤد إلى تقليص عدد الجرائم المرتكبة تحت هذا المسمى.

9- إن محكمة التمييز الأردنية هي الضمانة الأقوى للحصول على محاكمة عادلة ما دام قضاتها يكلون القانون لضميرهم وشرفهم.

10- إن عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام كبير نسبيا.

11- إن هناك أحكام إعدام تصدر على أشخاص لم يتوفر لديهم قصد جرمي بإحداث القتل، وهذا يتضح من إعدام من تسبب بموت إنسان إثر الحريق العمد، وذات الحالة تتكرر بغير مكان بتشديد العقوبة إذا أدى الفعل إلى موت إنسان دون اشتراط أن تتجه النية لموت إنسان.

12- وجود المحكمة العسكرية ومحكمة أمن الدولة يسبب حرجا ونقدا للأردن كون المنظمات الحقوقية ترى بذلك أهدارا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

وعلى ذلك فإن هذه الدراسة تخرج بالتوصيات التالية:

1- إلغاء المحاكم العسكرية ومحكمة أمن الدولة لتتم محاكمة جميع المتهمين أمام المحاكم العادية.

2- تعديل نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية؛ بحيث لا يسمح باعتماد أي بينة لم يتناقش بها الخصوم أمام المحكمة.

3- الفصل ما بين الجهاز القضائي والنيابة العامة.

4- تقليص العمل بعقوبة الإعدام بإلغائها عن الجرائم غير القصدية والظروف المشددة.

5- إلغاء قانون العقوبات العسكري، وتعديل مواد قانون العقوبات ليشمل القانونين معا مع إلغاء النص المتعلق بإعدام من قام بعمل من شأنه أن يضيع النصر إلا إذا كان العمل مقصودا.

6- إلغاء عقوبة الإعدام المنصوص عليها بقانون حماية أسرار ووثائق الدولة عمن دخل أو حاول الدخول إلى مكان محظور بقصد الحصول على الأسرار والمعلومات ذات الطابع السري ما دام لم يحصل عليها فعلا.

7- إتباع خطة ومنهاج لتقليص العمل بعقوبة الإعدام بالتماهي مع نشر الوعي ما بين الناس حقوق حق الحياة وصونه.

8- تحسين الظروف السياسية والاقتصادية التي أدت إلى ازدياد معدل الجريمة.

9- حض ذوي المجني عليهم بالصلح والتسامح وقبول الدية التي من شأنها إقلال عدد الإعدامات المنفذة.

10- معالجة انحراف الأحداث والمجرمين الصغار قبل أن يتحولوا إلى قتلة.

11- إجراء التعديلات الضرورية لإعطاء المحامي دوراً رئيسياً بالدفاع عن موكله أمام الضابطة العدلية ودوائر المدعين العامين.

12- تحديد حد أعلى لمن يجوز إعدامهم.

13- إنشاء جمعيات ومنظمات حكومية وغير حكومية لغوث وتأهيل ذوي المحكومين بالإعدام كون هذه العقوبة تمتد لأسرة المحكوم.

14- التحقيق الجدي بحال ادعاء المتهمين بتعرضهم للتعذيب.

15- تفعيل النص الخاص بعدم جواز استجواب المشتكى عليهم من قبل الضابطة العدلية.

16- البدء الجدي بالتوجه نحو العقوبات البديلة عن عقوبة الإعدام وإجراء الدراسات اللازمة لمثل هذا التوجه.