يبين من استقراء أحكام القضاء في تنازع القوانين في الزمان أنه يستقر على عدة مبادئ :

1- عدم تطبيق القانون الجديد بأثر رجعي : 

1- من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري الا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك مما مؤداه عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع اذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها اعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين . يسري القانون من تاريخ العمل به على الوقائع والمراكز القانونية التي تنشأ بعده ولا يسري بأثر رجعي على الوقائع السابقة عليه الا بنص خاص . وليس للمحاكم أن تعود الى الماضي لتطبيق القانون الجديد على ما نشأ من علاقات قانونية وما يترتب عليها من آثار قبل العمل بأحكامه وانما يجب عليها وهي بصدد بحث هذه العلاقات وتلك الآثار أن ترجع الى القانون الذي نشأت في ظله .

2- ان صدور قانون يقضي بعدم تملك أموال الدولة الخاصة بوضع اليد عليها لا يسري على ماتم ملكيته بالتقادم قبل العمل بالقانون .

3- لا تسري اللائحة الا على ما يقع من تاريخ صدورها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها الا اذا كانت صادرة تنفيذاً لقوانين ذات أثر رجعي .

4- تعتبر بالرجعية استثناءاً من الأصل العام ومن ثم لا يجب التوسع في تفسيرها واذا لم يوجد النص عليها فلا يطبق القانون بأثر رجعي ولو كان أكثر فائدة . يستقل المشرع بتقرير الأثر الرجعي للقانون وتقدير مبرراته ودوافعه. وليس للقاضي أن يمتنع عن اعمال الأثر الرجعي للقانون بحجة أن المشرع لم يلتزم المصلحة العامة فيما قرره من سريان النص بأثر رجعي .

2- سريان القانون الجديد بأثر مباشر : 

1- الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً على الوقائع والمراكز القانونية التي تقع أو تتم بعد نفاذه والاستثناء هو سريان القانون القديم فيما يتعلق بآثار وانقضاء المراكز العقدية التي نشأت في ظله ، ما لم يكن النص الجديد متعلقاً بالنظام العام . يطبق القانون الجديد على المراكز القانونية الخاصة الا في العقود فتخضع للقانون القديم الذي أبرمت في ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيمتد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود وطالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد .

2- ان النص الآمر يتعلق بالنظام العام ويسري بأثر فوري .

3- عقد الزواج لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقاً مسقراً بما قد يطرأ بعد ابرامه مما يكون من شأنه سريان قانون آخر في هذا الخصوص .

4- تسري تشريعات القانون العام بأثر مباشر وليس لأحد أن يدعي أن له حقاً مكتسباً في أن تكون احدى السلطات منظمة على وجه معين . فاذا رسم المشرع قاعدة لتقدير وعاء ضريبة معينة فان هذه القاعدة تكون واجبة الاتباع من تاريخ سريان القانون الذي نظمها ويتعين اعمالها على كافة الحالات التي لم يصبح فيها الربط نهائياً . ولا يسري قانون الجنسية الجديد على المراكز القانونية التي تحققت قبل صدوره .

5- المقرر في قوانين ايجار الأماكن أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الاخلاء هي قواعد آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فانها تسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها . ومؤدى ذلك أنه اذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلاً في تشريعات ايجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالالغاء أو بالتغيير اضافة أو حذفاً فان هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري مباشر على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه . أما اذا كان التعديل منصباً على شروط اعمال القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها أو حكمها كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة واتخاذ اجراءات معينة سواء من حيث اجراءات التقاضي أو الاثبات لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل ، فان التعديل لا يسري في هذه الحالة الا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع والمراكز التي تنشأ في ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التي نشأت في ظل القانون السابق باعتبار أن القانون الذي رفعت الدعوى في ظله هو الذي يحكم شروط قبولها واجراءات وقواعد اثباتها .

6- اذا تم تعليق نفاذ القانون الجديد على صدور أنظمة معينة ولم تصدر هذه الأنظمة فانه يتم العمل بالنص القديم اذا كانت الأنظمة ضرورية لنفاذ النص الجديد .