القانون الجنائي الجزائي

الفرق بين الحيدة عن الهدف و القانون الجنائي 

 

بواسطة باحث قانوني
الحيدة عن الهدف والخطأ في الشخصية

تم العثور على الموضوع من أحد مواقع القانون المصرية

الحيدة عن الهدف هي ما يطلق عليها أحيانا الخطأ في شخص المجني عليه وهي أن يعمد الجاني الي قتل ( زيد ) من الناس فيطلق عليه مقذوفا ناريا مثلا ولكن يخطئه ويصيب ( بكرا ) الذي تصادف ان كان واقفا بجواره وهذا الفعل يسمي الحيده عن الهدف .

أما الخطأ في الشخصية وهي شخصية المجني عليه فمعناه أن يعمد الجاني الي قتل (زيد) فيخطيء في شخصيته ويصيب ( بكرا ) بأعتبار أنه هو المقصود بالقتل نظرا الي حالة الظلام الدامس مثلا او لوجود وجه الشبه بينهما .

ففي الصورة الاولي تفترض وجود شخصين أمام الجاني أما الصورة الثانيه فتفترض وجود شخص واحد .

وقد أجمع الفقه والقضاء علي أن الحيده عن الهدف أو الخطأ في الشخصية أمران لا تأثير لهما في مسئولية الجاني بوصفه مرتكبا لجريمة عمديه لا جريمة من جرائم الخطأ او الاهمال وبالتالي قاتلا عمدا للشخص الذي أصابه بالفعل اذا مات أو شارعا في قتله اذا نجا من الموت .

ويري الدكتور رؤوف عبيد أنه في حالة الحيدة عن الهدف تقوم جريمتان لا جريمة واحده

الاولي :ــ الشروع عمدا في قتل الشخص المقصود بالتصويب عليه .

الثانيه:ــ قتل الشخص الذي أصيب نتيجة الحيدة عن الهدف أو الشروع في قتله عمدا اذا نجا من الموت رغم أصابته .

أما في حالة الخطـأ في الشخصية وهي شخصية المجني عليه فلا تقوم سوي جريمة واحدة بطبيعة الحال لأن الشخص المقصود بالقتل لم يكن موجودا بالمرة في مكان الاعتداء .

وقد عللت محكمة النقض بنظرية القصد الاحتمالي قيام القتل العمد عن الحيدة عن الهدف الا أن الدكتور عبيد يري أن مع ما سبق ذكره أن القانون المصري أخذ بفكرة القصد الاحتمالي استثناءا من قاعدة عامة والاستثناء لا يكون الا بنص صريح لذلك تفضل تعليلها بتوافر جميع اركان الجريمة بما فيها توافر ركن السببية بين فعل الجاني ووفاة المجني عليه الذي أصيب بالفعل أذ أن الحيده عن الهدف والخطأ في الشخصية من الامور المألوفة الوقوع التي تتفق والسير العادي للحوادث كما يجب أن يتوقعه الجاني فلا تقطع السببية بين فعله وبين النتيجه التي تحققت فعلا وباعتبار ان هذا الخطأ في صورتيه لا ينفي توافر جميع أركان القتل العمد الاخري من فعل ومحل وقصد جنائي ولا أهمية بعد ذلك في نظر القانون لأن يكــون القتيل يدعــي ( بكرا ) او ( زيدا ) ودون ما حاجة ملجئة الي الاستعانة بنظرية القصد الاحتمالي وذهب في هذا الاتجاه ذاتــه دكتور مصطفي القــللي فــي مــؤلــــــــفه ( المسئولية ) صفحة 199 . ودكتور السعيد مصطفي فــــي مــــؤلفه ( الاحكام العامه ) صفحة 375 . ودكتور عبدالمهيمن بكر فــــي مؤلفه ( القسم الخاص في قانون العقوبات ) صفحة 1977 ودكتور رؤوف عبيد في مؤلفه ( مباديء القسم من التشريع العقابي ) الطبعه /4 سنة 1979 صفحة 306 الي صفحة 343 .

ويلاحظ أن الاخذ بالمعيار الشخصي في حالة الحيدة عن الهدف أو الخطأ في الشخصية ينبني عليه وجوب القول بمساءلة الجاني عن الشروع في قتل المجني عليه الذي قصده بالذات وعن قتل الثاني الذي لم يقصده بوصفه قتلا خطأ لأن قتل الاخير لم يكن ماثلا في ذهنه ولم يكن يتوقعه بالفعل وقت الاقدام علي جريمته الاساسية وانما كان بسبب خطئه ورعونته فحسب

نقض 25/12/1931 القواعد القانونية ج/2 رقم 135 صفحة 168

ما هو حكم التعدد عند الحيده عن الهدف

يري الدكتور رؤوف عبيد أنه عند الحيده عن الهدف تنشأ أكثر من جناية أي حالة تعدد جرائم ويكون التعدد اما معنويا واما ماديا فالتعدد المعنوي حالة كون الجاني تعمد قتل مجني عليه واحد فقط ولو تعددت الطلقات النارية الموجهه اليه فأصيب أخر أو آخرون نتجة هذه الحيده عن الهدف .

ويكون التعدد ماديا اذا تعمد الجاني قتل أكثر من مجني عليه واحد واتخذ سلوكا آثما من شأنه تحقق هذا الغرض سواء حدثت حيدة عن الهدف ام لم تحدث .

أمثله علي التعدد المادي

1 ــ اذا أطلق شخص عدة أعيرة نارية في اتجاه شخصين أو اكثر او اذا أطلق عيارا واحدا علي شخصين يقف احدهما خلف الاخر بقصد قتلهما معا فهذا القصد مادي وليس معنوي .

2 ــ ايضايتوافر هذا القصد عند قيام القصد غير المحدود فمن يلقي قنبله وسط أشخاص متعددين بقصد قتل من قد يقتل منهم فيصيب أكثر من واحد .

ويلاحظ انه في حالة التعدد المعنوي يجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بتلك العقوبه دون غيرها طبقا للمادة 32 فقره /1 عقوبات وكذلك الشأن عند التعدد المادي بشرط ان يكون بين الجرائم المتعدده ارتباط لا يقبل التجزئة طبقا للمادة 32 فقرة /2 عقوبات والا تعددت العقوبات في حدود القواعد العامة لتعددها

كيفية اثبات القصد الجنائي

من المهم ان نعرف كيفية اثبات القصد اذ أن قصد القتل حالة ذهنيه لا تثبت عادة بشهادة الشهود وانما تثبت من الاعتراف او من القرائن وخاصة من الوسيلة المستعملة وكيفية استعمالها ومكان اصابة المجني عليه وظروف الاعتداء ونفسية الجاني وعلاقته بالمجني عليه ونوع الباعث كذلك يثبت القصد ايضا من مكان التصويب علي جسم المجني عليه وغير ذلك من الاعتبارات وهي تخضع في تقديرها لسلطة قاضي الموضوع وله فيها القول الفصل دون معقب عليه من محكمة النقض .

بعض الاحكام القضائية في صدد استنتاج قصد القتل

1 ــ ان استعمال اداة قاتله ليس بشرط لأستنتاج قصد القتل فقد يثبت هذا القصد رغم استعمال اداة غير قاتله بطبيعتها مثل العصا فاذا استعملت العصا بطريقة تقطع بوجود هذا القصد كأن يذكر الجاني عدد الضربات التي اوقعها علي رأس المجني عليه حتي تهشمت .

2 ــ او ان يثبت الطبيب حدوث الوفاه نتيجة اصابات رضية يجوز ان تكون من الضرب بالعصا .

نقض 1/1/1953 احكام النقض السنة الرابعه رقم 128 صفحة 332

3 ــ ويستخلص قصد القتل لدي الجاني ولولم يستعمل سلاحا كما اذا ارتكب القتل بطريق الخنق او بالضغط باليد او وضع الرجل علي رقبة وجسم المجني عليه حتي الموت.

وقالت محكمة النقض في حكم قديم لها أنه لا يشترط وجود الاصابة في مقتل ما دام من الثابت ان الوفاه ترجع الي الاصابة التي أحدثها الجاني متعمدا القتل بينما قرر حكم آخر لمحكمة النقض أنه يجب ان تثبت المحكمة ان مطلق العيار الناري صوبه الي المجني عليه في الموضع الذي يعد مقتلا .

ويري الدكتور عبيد انه لا يوجد تعارض بين هذين الحكمين اذ يلاحظ ان التصويب قد يكون في مقتل ولكن الاصابة جاءت في غير مقتل فمن يصوب عيارا ناريا الي القلب فيصيب الذراع بسبب عدم احكام الرماية أو تصادف وجود حركة فجائية للمجني عليه , كذلك قد يحدث العكس بأن يصوب الجاني سلاحه الي ذراع المجني عليه لمجرد شل حركته وبغير نية قتله فيصيبه في مقتل ولذا قضي بأن استعمال سلاح ناري والحاق اصابات متعددة بمواضع خطيرة من جسم المجني عليه لا يفيد حتما توافر قصد ازهاق الروح فالعبرة في النهاية هي بنية الجاني وقت ارتكاب الفعل لا بمكان الاصابة او خطورتها أو نوع السلاح المستعمل .

والنية أمر يضمره الجاني في نفسه ولا يطلع عليه احدا ولكن القاضي يستخلصه من كافة ظروف الدعوي وملابساتها مجتمعه . وقد فسرت محكمة النقض قصد القتل فقالت بأنه أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوي والامارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوي موكولة الي قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية