الفرق بين اتفاق التحكيم و الوعد بإبرام اتفاق تحكيم

ونصت الماده 750 من القانون المدني “ علي انه (( يقع باطلا … شرط التحكيم اذا ورد بين شروطها العامه المطبوعه لا في صوره اتفاق خاص منفصل عن الشرط العامه ))

واذا يعني هذا… هل يعد الامر اهمال لاراده المتعاقدين؟!

ولوضح بدايه ان اطراف العمليه التحكيميه بمايشملهم من محكمين ليسوا دائما من رجال القانون ، وبالتالي عدم ادراكهم لفنيات القانون المدني لدوله اخري امر جائز .

فالوقت المهدر في عمليه تحكيم تمسكت المحكمه ببطلانها لعدم التوقيع علي شرط التحكيم الوارد في الشروط المطبوعه كما هو الحال في مصر ، واختلاف القوانين التي عالجت مسأله الاهليه التي تنتج من التوسع الشديد وحرص المشرع ف اتفاقيه نيويورك وعلي غرارها كثير من الدول ، قد يتطلب علي الافل تكليل المجهود المبذل والوقت المهدر بشكل قانوني يعالج المسأله .

نظريه تحول العقد وشروطها

تفعل تلك النظريه اذ كان العقد باطل او قابل للابطال ، الا ان اركان عقد اخر قد تتواجد فيه ، وبتالي ينتهي عنه صفه الابطال ويصبح صحيحا وفقا لشروط العقد التي تتوافر فيه اركانه ، بشرط ان تكون نيه المتعاقدين قد توجهت لابرام مثل هذا العقد المدني .

وهذا يعني ان صفه الابطال قد تتنحي جانبا اذا تواجد بين ثنايا اركان العقد وشروطه ، اركان عقد اخر تبين ان اتجاه نيه الاطراف قد اشارت نحو العقد المتوافر اركانه وهذا وفقا للماده 144 مدني

ولتطبيق تلك النظريه نحن بحاجه لتوافر 3 شروط الا وهي

اولا : وجود عقد باطل او قابل لللابطال

ثانيا : ان يتضمن العقد الباطل جميع اركان عقد اخر صحيحي

ثالثا ان تنصرف نيه الاطراف حول ابرام العقد المتوافر اركانه في العقد الباطل

ودور القاضي فيما يلي يحتوي علي بعض الايجابي حيث يمكنه بعد ان يجد توافر شروط العقد الصحيح مستعين بأراده الاطراف ان يتكفل بتحويل العقد الي العقد المتعقده اركانه لا المنعقده اركان بطلانه .

اما عن الشروط فما هي اكثر من قيود وضعت لتضع اطار لسلطه تقدير القاضي في تحويل العقد ، وكذلك التوفيق بين ما بنيه المتعافدين المفترضه ونيتهم الحقيقيه .”1″

تطبيق نظريه تحول العقد علي الحاله التي نحن بصددها

ونصت الماده 750 من القانون المدني ” علي انه (( يقع باطلا … شرط التحكيم اذا ورد بين شروطها العامه المطبوعه لا في صوره اتفاق خاص منفصل عن الشرط العامه ))

وكانت تلك خطوه البدايه لاعاده انشاء تعاقد جديد مستنتج من توافر شروط نظريه سابقه الذكر واراده اطراف انصرفت اليها .

فالمعروف ان البطلان هنا قد اصاب شرط التحكيم فيي شكله السابق ، حيث لا يمكن – وفقا لنص تشريعي – اعتباره شرط تحكيم اذ لا يمكن ان يتواجد بشكل منفصل عن الشروط العامه …. فماذا عن اعتباره وعد بالتعاقد او بمعني اخر وعد بأبرام اتفاق تحكيمي .

شرط التحكيم في تلك الصوره لم يأتي بالنتيجه المأموله منه فالبطلان هنا قد يحول دون تنفيذ حكم التحكيم ، ال ان هذا لا يعني الغاء نيه الاطراف ، اذ ان اراده الاطراف ف العمليه التحكيميه تلعب دور لا يمكن اخفاؤه ، ولهذا يمكن اعتبار هذا الشرط في تلك الحاله الموضحه بالماده سابقه الذكر هو اتفاق بأبرام شرط تحكيم او مشارطه مستقله ومنفصله عن الشروط العامه بالصوره الموضحه بذات الماده ، ولهذا وفقا لنظرتنا نري ان الشرط الباطل وفقا للماده 750 مدني اتجه الي اتخاذ شكل اخر وهو اتفاق يلتزم بمقتضاه الاطراف بأبرام اتفاق تحكيم اذا ما اظهر احدهما رغبته خلال مده العقد الاصلي الي ابرام عقد اتفاق التحكيم . هذا الشرط وبهذا الشكل ، وعد بابرام اتفاق مغزاه اللجوء للتحكيم . تماما كالوعد بالتعاقد .

وقد يأتي هنا الي اذهاننا سؤال مهم كيف ينشأ هذا الشرط الباطل التزام ؟! اجابه هذا السؤال سنجيب عليها لاحقا من خلال السطور القادمه .

ماهيه الوعد بالتعاقد

الوعد بالتعاقد هو اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص بأبرام عقد معين في المستقبل تتنوع صوره بين ملزم لجانب واحد وملزم لجانبين .

وانما في الحاله محل البحث هنا – نعتقد ان – هو وعد ملزم لجانبين ، فشرط التحكيم في الشكل الموضح بالماده 750 ما هو اتفاق بين الاطراف علي الخضوع لمشارطه تحكيميه حين الوقوع في نزاع

فيعد كلا من الطرفين الاخر بأبرام مشارطه تحكيم بمجرد حدوث حاله نزاع تتطلب الوصول لحل نهائي ، وفي المقابل يرضخ الطرف الاخر للموافقه علي المشارطه التحكيميه اذ ابدي اتجاهها موفقه ، ولا يوجد ما يمنع من ابرام شرط تحكيم بمعناه الوارد ف الماده 10 من قانون التحكي المصري اي انه يكون سابق علي حدوث النزاع .

وهذا لا يعني مطلقا ان شرط التحكيم بشكل عام قد اصبح وعد لابرام مشارطه ، انما شرط التحكيم في هذا الشكل فقط هو ما يعد وعد لابرام مشارطه .

فكل ما هي الامر ان ابطال شرط كهذا قد يعد اهدار لاراده الاطراف او احدهما ع الاقل ، وهذه الاراده هي المحرك الاول للعمليه التحكيمه بأكملها ، واهمالها بمثابه اهمال للمحرك الاساسي لخطوات الفاعليه التحكيميه .

ولهذا -قد نري ان- العوده علي البند الذي يحتوي شرط التحكيم ويكون ضمن الشروط العامه المطبوعه في العقد -كما اوضحت الماده 750 مدني – بأسم شرط تحكيم هو ما قد يدعو للبس بينه وبين شرط التحكيم بمواصفاته المحدده والمعروفه وفقا لقانون التحكيم المصري 27 لسنه 1994.ولهذا يمكن اعتباره وعد بأبرام اتفاق تحكيم .

وقد تكون الحكمه من استخدم هذا الشكل من الوعد بابرام اتفاق تحكيم الملزم للجانبين هو نفس الحاجه لاستخدام الوعد بالتعاقد الملزم لجانبين والمتمثله في وجود ضروريات عمليه تدفع الافراد الي الاكتفاء بهذا الشكل من الوعد

وتطبيقا لذلك في مجال التحكيم هو وجود حاله من عدم حسم الامر في نزع اختصاص المحكمه في نظر النزاع لما يترتب علي هذ1 النزع من اثار خطيره ولهذا فالطرف يمهد الطريق فقط باحتماليه اللجوء لمثل هذا الحل- وهو التحكيم- كامر وارد حدوثه ولكنه متروك حسمه فور ابداء الرغبه في تنفيذ هذا الوعد الملزم لجانبين .

والوعد باتفاق التحكيم هو تماما كالوعد بالتعاقد في الشروط الواجب توافرها

الوعد بالتعاقد لابد ان تتوافر فيه عده شروط منها :-

شروط الانعقاد والصحه لازمه في كل عقد بصفه عامه

وهذا امر بديهي وهي كالرضا و المحل و السبب و سلامه الاراده من العيوب ، وتوافر الاهليه

هذا الي جانب اظهار الرغبه بالنسبه للعقد الملزم لجانبين ، كل هذه الشروط سابقه الذكر الواجب توافرها في العقد لابد من توافرها وقت ابرام الوعد لا من وقت ابرام العقد الموعود به .

ولهذا – فاننا نري انه – وكما هو معروف ان الطبيعه المختلفه لاتفاق التحكيم قد انعكست علي الوعد بأتفاق التحكيم حيث ان الاتفاق كما ذكرت الماده 750 مدني ” … ورد بين شروطها العامه المطبوعه لا في صوره اتفاق خاص منفصل عن الشروط العامه “

وبالتالي فأن توافر كل شروط صحه العقد هي في الاصل لازمه لصحه العقد الاصل بأكمله وبالتالي فأن صح العقد المحتوي لماده الوعد باتفاق التحكيم فالبديهي توافر نفس شروط الصحه في الوعد باتفاق التحكيم .

شرط الاهليه
عنصر مهم بالنسبه للوعد بالتعقد ، الوعد بالتعاقد يتتطلب ان يتوافر لدي الواعد الاهليه لابرام العقد محل الوعد ،فالواعد بالبيع يتطلب ان يكون لديه اهليه البيع ،والامر كذلك في التحكيم .

فالوعد بالتحكيم هو كذلك لايهمل عنصر الاهليه ، فتتوافر عنصر الاهليه لتصرف بعوض في الحقوق محل التحكيم علي حد تعبير الدكتور الانصاري النيداني امر واجب لصحه التحكيم ، وعلي حد ظننا فالاهليه متواجده في هذا النوع من الوعد بالتعاقد حيث ان الخلط الذي قد يقع فيه البعض بين الوعد بالتعاقد بشكله الوارد ف الماده 750 مدني وبين شرط التحكيم بشكله المستقل الوارد في قانون التحكيم منحنا عده ايجابيات ومنها

– الاهتمام بمسأله الاهليه منذ لحظه ادراج الوعد كشرط من الشروط العامه المطبوعه ،

– والاهليه تكون موجوده عند الوعد بالتعاقد و قبل اتفاق التحكيم

وتلك شروط الاهليه الواجب توافرها عند ابرام الوعد بالتعاقد .

المده
الوعد بالتعاقد وان كان يلزم لصحته تعيين مده محدده فكذلك الوعد بالتحكيم ، فالمده الزمنيه هنا نستخلصها من ظروف الوعد بالتحكيم ، والوعد بأتفاق التحكيم تكون مدته ضمنيه تبدأ منذ نشأه علاقه قانونيه ناتجه عن العقد الاصلي الذي يحوي الوعد بأتفاق التحكيم تنتهي بنشأه النزاع والذي بمجرد نشأته يترك المجال للاطراف في حاله الرغبه للجوء للتحكيم بأبرام مشارطه تحكيم او اللجوء للقضاء اما عن الفتره بين نشأه العلاقه القانونيه ونشأه النزاع فللاطراف كامل الحريه الاتقاق علي شرط تحكيم حتي وان سبق نشأه النزاع

الشكليه
الماده 101/2 مدني اوضحت انه في حاله اشتراط القانون شكل معين لاتمام العقد فيجب مراعاه هذا الشكل في الوعد بأبرام العقد والا اعتبر والا كان باطلا .

وهذا يعني ان اشكليه المطلوبه ف العقد عكست اثارها علي الوعد بابرام هذا العقد .

وهذا ما لم يبتعد عنه الوعد بالتعاقد ، فلا يخفي علي احد ان الكتابه واقع ملموس ف اتفاق التحكيم كما اوضحت الماده 12 من قانون التحكيم حيث انها ذكرت ان بعدم وجود الكتابه نال اتفاق التحكيم البطلان .

وكذلك الوعد باتفاق التحكيم فالكتابه في هذا الوعد امر فرض نفسه لاثباته ولوجوده كما هو في اتفاق التحكيم ، فأن وجود وعد بأتفاق امتص من اتفاق التحكيم شكليته ، فلانه يصعب تصور اثبات اتفاق تحكيم غير مكتوب علي حد تعبير دكتور فتحي والي ، فالامر كذلك للوعد باتعاقد ولهذا فأننا نجد ان عنصر الشكليه متوفره في هذا الوعد .

اثار الوعد بأبرام اتفاق تحكيم قبل حلول النزاع

متي ظهر النزاع يلتزم الطرفين بأبرام مشارطه تحكيم ، ولنوضح الرضا من الطرفين علي اللجوء للتحكيم قد ظهر عند ابرام الوعد بأتفاق التحكيم وليس هناك حاجه ليعبر عن رضا جديد

يلتزم الاطراف بابرام المشارطه او الشرط اذ ما ابدي احدهما رغبته في اللجوء للتحكيم

يلتزم الاطراف بالمحافظه علي ما يترتب عليه هذا الوعد من ابرام مشارطه تحكيم خلال مده معقوله تلي قيام النزاع

لا يترتب علي هذا الوعد منع اللجوء للقضاء ، اذ ان الوعد بأبرام اتفاق تحكيم ليس اتفاق تحكيم

اثار الوعد بأبرام اتفاق تحكيم بعد حلول النزاع

يسقط الوعد اذ انقضت مده معقوله دون الاتفاق علي ابرام اتفاق تحكيم

بمجرد ابداء الرغبه في انعقاد اتفاق تحكيم ، فالاتفاق التحكيم ينعقد من وقت ابداء الرغبه في انعقاد اتفاق التحكيم لا من وقت انعقاد الوعد

ولتحقيق اخر اثر من اثار الوعد بالتعاقد وهو الزام المشرع الاطراف بتنفيذ الوعد ، يرجي من المشرع التدخل لوضع معالم لمثل هذا الشكل من الوعد بأبرام اتفاق تحكيم اذ يعتبر موجود .

الخلاصه ان الوعد بأبرام اتفاق تحكيم هو حاله فرضها علينا المشرع حين قضي ببطلان شرط التحكيم وفقا للماده 750 مدني ، وكان في اهمال اراده الاطراف ملمس واضح يستدعي التدخل لعلاج مثل هذا الامر ، اذ لا يمكن اهمال اراده الاطراف الا اذا تعارضت مع النظام العام ، ولهذا يمكن اعتبارها وعد بالتعاقد يمتلك المفهوم والصور والشروط المناسبه لانعقاده وكذالك الاثار .

المراجع المساعده

محمد حسام محمود لطفي : النظريه العامه للالتزام (ط2) ، القاهره ، 2080