طبيعة القرار بحفظ الدعوى الجزائية

يتوجب معرفة ما هي الطبيعة القانونية لهذا الأمر وبالتالي ما يترتب عليه من آثار مستمدة من هذه الطبيعة

الفرع الأول: الطبيعة القانونية للقرار في تعريف ماهية الأمر بحفظ الدعوى الجزائية فأنه قرار قضائي يصدر في مرحلة التحقيق الابتدائي من السلطة المختصة بالتحقيق وبالتالي يحول دون محاكمة المتهم . ويكون هذا القرار بعد إجراء تحقيق يتوصل فيه وكيل النيابة أو من يندبه إلى ضرورة حفظ

الدعوى الجزائية إلا أنه لا يشترط أن يكون مسبوقاً باستجواب المتهم أو أن يصدر في نهاية التحقيق، ففي بعض الحالات قد تظهر براءة أحد المتهمين أثناء التحقيق مع الفاعل الأصلي، أو يصدر عفو عام عن أحد المتهمين أثناء التحقيق أو يتحقق أي سبب من أسباب انقضاء الدعوى الجزائية يستدعي صدور هذا الأمر خلال التحقيق لا في نهايته والعبرة في تحديد طبيعة الأمر بحفظ الدعوى الجزائية هو بحقيقة الواقع لا بما تذكره سلطة التحقيق،

إذ يعتبرحفظاً للدعوى كل أمر تصدره سلطة التحقيق بعد تحقيق وتضمنه عدم السير في الدعوى فإذا قامت سلطة التحقيق بانتداب مأمور ضبط قضائي للتفتيش أو انتدبت طبيباً شرعياً لتشريح الجثة، فإن الأمر الصادر بعد ذلك يكون في حقيقته أمراً بحفظ الدعوى، لأن الأمر بالندب هو إجراء من إجراءات التحقيق ، وقد أكدت محكمة النقض المصرية ذلك بقرارها «يعد الأمر الذي تصدره النيابة العامة بعد تحقيق أجرته بنفسها في شكوى بحفظها إدارياً أياً ما كان سببه– أمراً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية صدر منها بوصفها سلطة التحقيق وإن جاء في صيغة الأمر بالحفظ الإداري، إذ العبرة بحقيقة الواقع لا بما تذكره النيابة عنه

الفرع الثاني: آثار اعتباره قراراًقضائياً :-

1-للأمر بحفظ الدعوى حجية خاصة، تظل له ما دام قائماً لم يلغ قانوناً، وله في نطاق هذه الحجية ما للأحكام من قوة الأمر المقضي وبالتالي تكسب المتهم حقاً في عدم الرجوع إلى الدعوى ما دام قائماً ، ويشترط للدفع بقوة الأمر المقضي وحدة السبب والموضوع والأطراف في الدعوتين.

2. يجوز استئناف قرار النائب العام القاضي بحفظ الدعوى أمام المحكمة المختصة بنظر الدعو2ويكون قرارها نهائياً وفق ما نصت عليه المادة 153 الفقرة3 إجراءات فلسطيني حيث تنص “ يجوز للمدعي بالحق المدني استئناف قرار النائب العام أمام المحكمة المختصة بنظر الدعوى ويكون قرارها نهائياً، فإذا ألغت المحكمة القرار تعين نظر موضوع الدعوى أمام هيئة أخرى”، و في التشريع المصري أجاز حق الطعن فيه أمام القضاء إلا أنه لا يجيز للمدعي بالحق الشخصي اللجوء إلى الإدعاء المباشر . وذلك بنص المادة 210 إجراءات مصري، كذلك فعل المشرع الأردني بنص المادة 270 أصول جزائية فجعل القرارات الصادرة عن النائب العام هي التي تكون قابلة للطعن فيها تمييزاً . بوصفه إجراء من إجراءات التحقيق فإنه يقطع التقادم.

الفرع الثالث: التمييز ما بين قرار حفظ الدعوى القضائي والإداري. بعد أن تبينا ما يترتب على الأمر بحفظ الدعوى الجزائية لكونه قرار قضائي، أنه لمن الضروري التنويه إلى أن المشرع المصري قام باستخدام اصطلاح « حفظ الأوراق « ليعبر به عن أمر إداري يختلف عن الأمر بحفظ الدعوى المنصوص عليه في قانون الإجراءات الفلسطيني، لذا أرى أنه من الضرورة بمكان أن أوضح الفرق بينهما من حيث الطبيعة القانونية على الرغم من عدم وروده في أي من قانوني الإجراءات الفلسطيني أو الأصول الأردني، ولكن ورد النص عليه في التعليمات القضائية للنائب العام لسنة2009 ، في الفصل الخامس المتعلق في « تصرف النيابة العامة بعد جمع الاستدلالات » حيث نصت المادة « 166 إذا وجد وكيل النيابة الجزئية سبباً من أسباب حفظ الدعوى، فإنه يعد مذكرة بالرأي مشفوعة بالرأي ويعرضها على رئيس النيابة، لإبداء الرأي فيها، ومن ثم يحيلها الأخير إلى مكتب النائب العام أو أحد مساعديه، الذي يكلف وكيل النيابة الكلية بإعداد مذكرة في الرأي تعرضعليه للتصرف ». وبعد السؤال عن الموضوع أوضح مساعد النائب العام الفلسطيني أن قانون الإجراءات الفلسطيني لم يلمح أو يشير بالمطلق للحفظ الإداري ولكن الخطأ كان نتيجة ما وقعت به النيابة العامة بنصها على وجوده في تعليمات النائب العام . لذا سيكون الحديث عن حفظ الأوراق كقرار إداري في مصر لا وجود له في قانوننا الفلسطيني. أمر النيابة العامة بحفظ الأوراق بناء على محضر جمع الاستدلالات هو إجراء إداري يصدر منها

بوصفها سلطة استدلال وليس بوصفها سلطة تحقيق ، لذلك فهو يصدر بناء على محضر جمع الاستدلالات ، وقد بينت ذلك المادة(61 ) إجراءات مصري بنصها «إذا رأت النيابة العامة أن لا محل للسير في الدعوى تأمر بحفظ الأوراق » على حين أن الأمر بحفظ الدعوى الذي يتمركز حوله بحثنا يصدر من النيابة العامة باعتبارها سلطة تحقيق ومن ثم وجب أن يكون تالياً لإجراء من إجراءات التحقيق كما ذكرنا سابقاً. ويتميز أمر حفظ الدعوى الجزائية عن أمر حفظ الأوراق من عدة وجوه هي:

1- يعتبر أمر حفظ الدعوى الجزائية تصرفاً في الدعوى فقد أشار إليه قانون الإجراءات الفلسطيني في الفصل التاسع تحت باب «انتهاء التحقيق والتصرف في الدعوى »، أما الأمر بحفظ الأوراق فيعتبرتصرفاً في الاستدلالات تصدره النيابة العامة باعتبارها سلطة جمع الاستدلالات دون أن يسبقه أي من إجراءات التحقيق.

2. الأمر بحفظ الدعوى قرار قضائي له حجيته أما قرار حفظ الأوراق فهو قرار إداري ليس له أي حجة وبالتالي يجوز للنيابة العامة الرجوع عنه في أي وقت طالما أن الدعوى الجنائية لم تسقط وبالتالي لا يجوز الطعن فيه أمام أي جهة قضائية وإنما يجوز التظلم منه لرئيس النيابة أو النائب العام وله حق إلغاءه في أي وقت دون التقيد بمدةمعينة.

3. إن صدور الأمر بحفظ الأوراق لا يحول دون التجاء المضرور إلى رفع الدعوى الجزائية بطريق3الإدعاء المباشر، في حين أننا بينا سابقاً في الأمر بالحفظ كيف أنه لا يجيز للمدعي بالحق الشخصي اللجوء إلى الإدعاءالمباشر.

4. بما أنه ليس من إجراءات التحقيق أو الاتهام التي تقطع مدة التقادم دون قيد أو شرط كما هو4الحال في حفظ الدعوى الجزائية، فهو إجراء إداري يدخل ضمن إجراءات الاستدلال وبالتالي لا يقطع التقادم إلا إذا اتخذ في مواجهة المتهم أو أخطر به رسمياً وأكدت على ذلك محكمة النقض المصرية بحكمها «من المقرر أن الأمر الصادر من النيابة العامة بالحفظ هو إجراء إداري صدر عنها بوصفها السلطة الإدارية التي تهيمن على جمع الاستدلالات عملاً بالمادة)61 ( من قانون الإجراءات الجنائية وما بعدها، وهو على هذه الصورة لا يقيدها ويجوز العدول عنه بلا قيد أو شرط في أي وقت بالنظر إلى طبيعته الإدارية البحتة، ولا يقبل تظلماً أو استئنافاً من جانب المجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية وكل ما لهما هو الالتجاء إلى طريق الإدعاء المباشر في مواد الجنح والمخالفات– دون غيرها- إذا توافرت له شروطه، وفرق بين هذا الأمر الإداري وبين الأمر القضائي بألا وجه لإقامة الدعوى الصادر من النيابة بوصفها إحدى سلطات التحقيق بعد أن تجري تحقيق الواقعة بنفسها أو أن يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها على ما تقضي به المادة)209 ( من قانون الإجراءات الجنائية، فهو وحده الذي يمنع من رفع الدعوى، ولهذا أجيز للمدعي بالحق المدني الطعن فيه أمام غرفة المشورة4

اعادة نشر بواسطة محاماة نت