تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت

الشروط الواجب توافرها في اتفاق التحكيم وفقا للتشريع المغربي

أولا: الشروط الموضوعية (الرضا، المحل، الأهلية)

1- الرضا:

لا بد أن يتوافر شرط التراضي بين الطرفين ويلزم توافر ذلك أن يدرك المتعاقدين معنى التصرف الذي يقصدانه[1].
ويترتب على هذا أنه لا يعتد بإرادة الصبي غير المميز لفقدانه الأهلية. كذلك لا يعتد برضا المجنون أو السكران سكرا بينا يفقده القدرة على التمييز.
وليس لاتفاق التحكيم خصوصية في هذا الشأن إلا في صورة شرط التحكيم المدرج في عقد أصلي يكون هذا الشرط تابعا له، وهذا ما نصت عليه الفصل (318) من قانون م. م. المغربي[2] والمادة 23 من قانون التحكيم المصري، مما يعني انعدام التمييز لدى أحد العاقدين لا بد أن يصيب العقد الأصلي، واتفاق التحكيم الملحق به معا، بحيث لا يستقل أحدهما عن الآخر، ومن ثم فإذا دفع أحد طرفي التحكيم ببطلان العقد لانعدام إرادته عند التوقيع، فإن البطلان لا يقتصر على العقد الأصلي وحده، وإنما يمتد إلى عقد التحكيم، وبطلان اتفاق التحكيم في هذه الحالة إنما يكون لعيب ذاتي فيه وليس لمجرد ارتباطه بالعقد الأصلي. وهو لذلك لا ينفي استقلال شرط التحكيم على نحو تظل النتائج المترتبة على مبدأ استقلال التحكيم قائمة. وأخصها في هذه الحالة اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في مسألة وجود اتفاق التحكيم وبطلانه إعمالا لحكم المادة (23) من قانون التحكيم المصري[3]، ونفس المعنى بالنسبة للفعل 318 من ق. م. م. المغربي.

ولا يكفي أن يتوافر الرضا لدى المتعاقدين، بل يجب أن تتجه إرادتهما إلى إحداث الأثر القانوني الذي يرتبه التصرف، وبناء على ذلك إذا كان الرضا صوريا انتقى الرضا لانتقاء الإرادة إلى إحداث الأثر القانوني الذي يرتبه العقد، وبالتالي فإن الاتفاق لا يقوم إلا إذا اتجهت إرادة الطرفين بوضوح إلى فكرة التحكيم بدرجة التحديد على نحو لا يكفي معه مجرد الاتفاق على مجرد الالتجاء إلى القضاء للقول بوجود اتفاق على التحكيم[4].

2- المحل:

يقصد بمحل التحكيم موضوع المنازعات الواردة في اتفاق التحكيم والتي ينص على حلها بحكم تحكيمي، أو في بعض الأحيان لا ترد بالتفصيل في اتفاق التحكيم وكأن يشار فقط إلى أن النزاعات بين الطرفين بالنسبة لنوعية البضاعة يصار حلها بالتحكيم، وهذا الاتفاق إما يتمثل في شرط التحكيم اتفق عليه قبل نشوب النزاع وأدرج في العقد أو في وثيقة أخرى تتضمن شرط التحكيم أحال إليها[5] العقد أو في اتفاق مستقل، وقد يتمثل الاتفاق في مشارطة تحكيم تبرم بعد قيام النزاع ويتفق فيها على إحالة النزاع إلى التحكيم للفصل فيه، ويشترط في محل الاتفاق ألا يكون مخالفا للنظام العام أو الآداب العامة ويجب أن يكون محل الاتفاق من الأمور التي يجوز فيها التحكيم[6].

3- الأهلية:

يقصد بالأهلية هنا الأهلية اللازمة للاتفاق على حسم النزاع بالتحكيم ولا يمكن للشخص أن يجري اتفاقا على ذلك، إلا إذا كانت له أهلية التصرف في الحقوق المتعلقة بالنزاع المراد حسمها بالتحكيم. ولأجل معرفة القواعد القانونية التي تحكم مسائل الأهلية يتم الرجوع إلى القانون الشخصي لأطراف الاتفاق، والقانون الشخصي يتحدد بموجب الرابطة بين الشخص وبين الدولة التي يخضع ذلك الشخص لقانونها.

ثانيا: الشروط الشكلية

يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا وإلا كان باطلا ويكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا حرر ووقعه الطرفان، والكتابة شرط لازم لصحة اتفاق التحكيم، فهو شرط صحة وليس مجرد وسيلة إثبات وإن تخلفها يترتب عليه بطلان التحكيم وهذا الأمر جاء به قانون التحكيم المصري المعدل رقم 27 لسنة 1994 المادة (12)، ونفس التوجه سلكه المشرع المغربي (الفصل 317 من ق.م.م)[7] وللكتابة عدة أشكال فقد تفرغ في محور يوقعه الطرفان، أو فيما يتبادلانه من رسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة[8].

[1] – نادية محمد عرض، التحكيم التجاري الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص 63.
[2] – (يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته). وهذا الفصل يطابق تماما المادة 23 من ق.ت. المصري.
[3] – د. نادية محمد معوض، التحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق، ص 66-67.
[4] – د. مصطفى الجمال ود. عكاشة محمد عبد العال، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية والداخلية، النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، ص 388.
[5] – وقد أحسن المشرع المغربي حينما نص في الفصل 313 من ق.م.م. (الفقرة 3) بأنه “ويعد في حكم اتفاق التحكيم المبرم كتابة كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية، أو إلى أي وثيقة أخرى تتضمن شرطا تحكيما إذا كانت الإحالة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد؟”.
[6] – د. فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق، ص 126-127.
[7] – لقد توسع المشرع المغربي في صور عقد التحكيم أو شرط التحكيم المكتوبين وذلك في الفصول 313 – 314 – 317 من ق. م.م. المعدل، (راجع الملحق 1 في آخر هذا البحث.
[8] – د. نادية محمد معوض، التحكيم التجاري الدولي، مرجع سابق، ص 77.