التعويض عن الحبس الاحتياطي

قد ينتهي التحقيق الذي أجرى مع المتهم الذي قضى مدة الحبس الاحتياطي كاملة دون صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، أو صدور حكم بالبراءة، و ليس هناك شك أن ذلك سوف يرتب أضرارا بالغة عليه و على حريته و فوق هذا سوف يؤدي إلى الإضرار بسمعته، فضلا عن الأضرار المادية التي تترتب على تعطيل أعماله طيلة فترة حبسه الاحتياطي.

لكل تلك الأسباب، السؤال الذي يثور هل المشرع المصري – في قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950- أقر أو وضع نصا حاكما لكي يتم التعويض عن الحبس الاحتياطي في الحالات المذكورة في الفقرة السابقة؟؟ و ان كان هناك نصا يقر التعويض،، ما هي شروط ذلك التعويض عن الحبس الاحتياطي؟؟ ،، هذا ما سوف نحدده في السطور التالية…

مدى إقرار التعويض عن الحبس الاحتياطي في القانون المصري:

لم يكن في قانون الإجراءات الجنائية عند إصداره عام 1950 أية نصوص تحكم عملية التعويض عن الحبس الاحتياطي، و على جانب آخر لم تكن هناك أحكام قضائية صادرة تناقش تلك المسألة، و هو ما جعل الفقه ينتقد ذلك الوضع نقدا شديدا، لكن بحلول عام 2006 و على إثر التعديلات الكبيرة لقانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 145 لسنة 2006، أضيفت مادة جديدة و هي المادة 312 مكرر قرر فيها مبدأ التعويض عن الحبس الاحتياطي.

و قد جاء نص المادة (312 مكرر) على الوجه الآتي: “ تلتزم النيابة العامة بنشر كل حكم بات ببراءة من سبق حبسه احتياطياً، وكذلك كل أمر صادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة الحكومة، ويكون النشر في الحالتين بناءً على طلب النيابة العامة أو المتهم أو أحد ورثته وبموافقة النيابة العامة في حالة صدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى.

وتعمل الدولة على أن تكفل الحق في مبدأ التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي في الحالتين المشار إليهما في الفقرة السابقة وفقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قانون خاص.”

شروط التعويض عن الحبس الاحتياطي:

و من هذا النص المشار إليه يتضح لنا أن هناك عدة شروط يجب توافرها للحكم بالتعويض:

أن يكون المتهم قد سبق حبسه احتياطيا.
أن يكون قد صدر حكما باتا بالبراءة، أو صدر أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.
أن يقدم طلب من النيابة العامة أو من المتهم أو من أحد الورثة للقيام بالنشر، و يكون النشر بناء على موافقة النيابة العامة في حالة صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية.

بناء على ذلك، يتضح لنا أن المشرع المصري اكتفى بالتعويض الأدبي فقط المتمثل في نشر حكم البراءة أو الأمر بألا وجه و لم يحدد ماهية و أبعاد التعويض المادي، بل جاء النص الجديد مطالبا الدولة بأن تكفل الحق في التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي بموجب قواعد و إجراءات مقرر في تشريع خاص،، و السؤال هنا منذ حوالي 9 سنوات قد صدر نص المادة المشار إليه و مع ذلك لماذا لم يضع المشرع قانونا خاصا يحكم التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي طيلة تلك الفترة، مع أن النص كان واضحا في إقراره للتعويض المادي.. ؟؟، و ذلك على الرغم من أهمية ذلك النوع من التعويض حيث أنه من الناحية المادية و كما ذكر يكون المتهم و عمله معطلا تعطيلا كاملا و ربما يكون عمله الذي تعطل هو مصدر رزقه الوحيد، فهذا مبررا دامغا و كافيا على تفعيل التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي الذي تعرض له و هدد مستقبله و حياته.

 مناقشة

– هل ترى في الأصل أن التعويض الأدبي مفعلا – وفق ما تم توضيحه سابقا – في مصر أم لا؟

– هل ترى ضرورة لتفعيل التعويض “المادي” عن الحبس الاحتياطي أم لا؟ و لماذا؟؟

– إن كنت تؤيد تفعيل التعويض المادي، فما هي وجهة نظرك القانونية في الآلية القانونية التي سيوضع بها التشريع الخاص الذي سيحكم تلك المسألة؟