استخدام الشيك في جرائم النصب و الاحتيال

الكاتب : ذ: خالد الادريسي.

يعتبر الشيك من الاوراق التجارية التي لا غنى عنها في الحياة المالية والتجارية و يعتبر سيفا ذو حدين فهو من جهة يسهل العمليات المالية والتجارية وييسر تداول رؤوس الاموال بين الاشخاص والمؤسسات بشكل يحقق التنمية داخل البلد ومن جهة اخرى يخلق مشكلات جمة بالنظر لاستعماله بشكل غير قانوني من لدن بعض الاشخاص الذين لديهم ميول اجرامية تتعلق اساسا بالنصب و الاحتيال.

ولعل من بين الحالات التي يظهر فيها الاستعمال اللامشروع للشيك في اعمال تعد من قبيل النصب والاحتيال نجد تعمد الساحب تضمين الشيك توقيع غير مطابق لتوقيعه الحقيقي بشكل يجعل المستفيد لا يستطيع الحصول على قيمة الشيك من المؤسسة المسحوب عليها. ولو ان هذا الامر يدخل في اطار الافعال المشكلة لجريمة اصدار شيك بدون مؤونة فإنه ينطوي ايضا على اقتراف لجريمة النصب والاحتيال طبقا للفصل 540 من القانون الجنائي المغربي وخاصة عنصر التأكيدات الخادعة من خلال التأكيد على صحة الشيك وعلى وجود المؤونة بشكل ادى الى انتقاص الذمة المالية للمستفيد من الشيك والزيادة في الذمة المالية للساحب المقترف لفعل النصب ايضا.ولذلك تجد في الكثير من الاحيان ان الكثير من المستفيدين من الشيكات لايكتفون برفع شكايات لدى السيد وكيل الملك بالاستناد على جريمة اصدار شيك بدون مؤونة ولكن ايضا بالاعتماد على الاساس الذي يمنحه الفصل 540 المتعلق بالنصب الاحتيال.

من بين الحالات ايضا التي تتعلق بالشيك كورقة تجارية حضيت بحماية تشريعية سواء على مستوى القانون الجنائي او مدونة التجارة ولكن استعمالها يتم في اطار من النصب والاحتيال نجد الحالة التي يسلم الساحب للمستفيد شيكا على سبيل الضمان ولو ان الشيك اداة وفاء وليس اداة ضمان بل ان الضمان في الشيك يعد جريمة تدخل في عداد الافعال المشكلة لجريمة اصدار شيك بدون رصيد ولكن هذا لا يمنع من الاعتراف ان استعمال الشيك كوسيلة ضمان سائد بشكل كبير من الناحية العملية. وفي هذا الاطار يكون النصب صادرا في هذه الحالة عن المستفيد وليس الساحب حينما يريد ان يعيد الشيك لهذا الاخير بعد تحقق الواقعة موضوع الضمان اذ يعمل على تصويره بطريقة “السكانير” ويعطي الصورة للساحب التي تكون مطابقة بشكل كبير للاصل بشكل يصعب الشك فيها ويحتفظ بالاصل الذي يمكن ان يستعمله بشكل شخصي او يقوم بتظهيره لشخص اخر يصبح الساحب تحت رحمته. وهذا الفعل اكيد انه ينطوي على الكثير من النصب والاحتيال اضافة طبعا الى فعل التزوير.

ومن بين الحالات التي اصبح يستعمل فيها الشيك من اجل القيام بتصرفات تنطوي على فعل نصب نجد طريقة اصبح يستعملها الازواج مع زوجاتهم لاسيما الزوجات التي لا يقدرن الخطورة التي تنتج عن التعامل بالشيك اذ يعمل الزوج على فتح حساب باسم زوجته ويتحوز على دفتر شيكات في اسمها ثم يستعمل هذه الشيكات في معاملات تجارية او غير تجارية اساسها النصب والاحتيال ويورط زوجته التي كانت تفتخر امام صديقاتها انها لها حساب بنكي ودفتر شيكات لتصبح في مواجهة مباشرة مع السجن والضياع. وايضا من الطرق المستعملة من لدن الازواج لاسيما في مواجهة بعض الزوجات العاملات او الموظفات اللائي يكون لهن دفتر شيكات بحكم طبيعة عملهن او لتسوية بعض الامور الشخصية لهن فيقوم الزوج بسرقة شيك او شيكات من دفتر شيكات زوجته ثم يستعملها كوسيلة ضعط عليها من اجل منحه اشياء معينة او التنازل عن حقوق معينة ومن ابرز الابتزازات التي تقع بناء على هذه الوسيلة نجد استعمال الزوج شيكات الزوجة بقصد الضغط عليها من اجل التنازل عن مستحقاتها المتعلقة بالتطليق او الطلاق.

يتبين اذن انه رغم التشدد التشريعي في التعامل مع جرائم الشيكات الا ان المقاربة القانونية تبقى لوحدها غير كافية ويجب الاعتماد على تدابير اخرى ذات طابع وقائي من جهة وذات طابع علاجي من جهة اخرى من اجل الحد من المظاهر الخطيرة للاستعمال غير المشروع للشيك كورقة تجارية لاغنى عنها في المعاملات التجارية المالية.