أحكام الحضانة في ظل قانون الأحوال الشخصية  

المحامية / منال داود العكيدي
لا يوجد اي تعريف للحضانة في قانون الاحوال الشخصية الاتحادي رقم (188) لسنة 1959 المعدل لذلك فقد تولى القضاء معالجة ما يثار امامه من نزاعات بشان الحضانة و الحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص القانون .

و يتفق الفقهاء الى ان حق الحضانة يثبت للام في حال و قوع الفرقة بين الزوجين معللين ذلك بانها اكثر الناس حنوا عليه و ترفقا به و سهرا على راحته ، و تلك فطرة فطرها الله عليها كما ان حاجات الطفل في بداية حياته لا يستطيع غيرها القيام بها ،

اما بالنسبة للمشرع العراقي فقد سلك اتجاه جديد في المادة (57) الفقرة الاولى والسابعة وهو انه جعل الحضانة في الاصل هي مراعاة مصلحة الصغير قبل اي اعتبار اخر . فالحضانة مقررة للام ابتداء ثم للاب و ان لم يوجدا فقد ترك المشرع امر تحديد القائم بامر الحضانة لمن تختاره المحكمة مع مراعاة مصلحة الصغير . وبينت المادة ( 57 الفقرة الثامنة ) ايضا كيف ان المشرع العراقي راعى مصلحة الصغير حيث نصت على ( إذا لم يوجد من هو أهل للحضانة من الأبوين تودع المحكمة المحضون بيد حاضنة أو حاضن أمين كما يجوز لها أن تودع إلى دور الحضانة المعدة من قبل الدولة عند وجودها ) و هذا يعني ان للقاضي في حالة عدم وجود حاضنة او حاضن امين لحضانة الصغير فله ان يودعه في احد دور الحضانة المعدة من الدولة . وبين قانون الاحوال الشخصية العراقي في المادة ( 57 ) الشروط الواجب توافرها في الحاضن و هذه الشروط هي كما بينتها المادة المذكورة (يشترط ان تكون الحاضنة بالغة عاقلة أمينة قادرة على تربية المحضون و صيانته . و لا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها . و تقرر المحكمة في هذه الحالة أحقية الأم أو الأب في الحضانة في ضوء مصلحة المحضون) و لا بد من الاشارة هنا الى ان هذه الفقرة كانت تضيف شرطا مسقطا اخر للحضانة و هو ( غير متزوجة باجنبي عن المحضون ) الا ان هذا الشرط الغي بموجب التعديل المرقم ( 106 ) لسنة 1987 و جعلت الامر منوطا بالمحكمة اي حسب سلطتها التقديرية فان رات ان مصلحة الصغير ان يبقى مع امه ابقته معها و الا نزعت منها الحضانة والحقته بابيه .

تعتبر هذه الشروط من الاهمية بمكان ذلك ان الحضانة هي مهمة شاقة و خطيرة كونها تتضمن حفظ و صيانة الصغير و هو في دور النشأ و التكوين لذلك فان هذه الشروط يجب ان تتوافر جميعها في الحاضن سواء كان امراة او رجل ، فالبلوغ و العقل شرطان اساسيان من شروط الحضانة لان انعدامهما يجعل من المتعسر على الحاضن القيام بشؤون نفسه فكيف يمكن ان يؤمن على غيره ؟ وفي حالة الطعن بذلك فان القرار يكون للمحكمة بناءا على تقرير من لجنة طبية مختصة .
اما الشرط الثالث و هو : الامانة و القدرة على تربية المحضون و صيانته كان يكون الحاضن كثير المشاغل او غير امين على الصغير او يكون سارقا فعند ذلك يتوجب انتزاع الصغير من الحاضن و كذلك في حالة اصابة الحاضن ببعض العوارض كالامراض المعدية او الشيخوخة او الاصابة بالعمى ، وهذا الشرط الاخير هو مسالة تقديرية يترك امر البت فيها للمحكمة .

و اشارت المادة ( 57 ) من قانون الاحوال الشخصية العراقية في الفقرة الرابعة منها على انه (للأب النظر في شؤون المحضون و تربيته و تعليمه حتى يتم العاشرة من العمر و للمحكمة ان تأذن بتمديد حضانة الصغير حتى إكماله الخامسة عشرة إذا ثبت لها بعد الرجوع إلى اللجان المختصة الطبية منها و الشعبية ان مصلحة الصغير تقضي بذلك على ان لا يبيت إلا عند حاضنته) ومعنى ذلك ان الاب يستطيع ان يشرف على المحضون و تربيته في الوقت الذي يكون فيه الصغير لدى حاضنته وله كذلك ان يشرف على تعليمه ودراسته كان يختار المدرسة التي سيلتحق بها على ان لا تضار الحاضنة بذلك وهو لا يستطيع المطالبة بضم المحضون اليه طيلة فترة العشرة سنوات الا اذا فقدت الحاضنة الشروط الواجب توفرها في الحاضن وهي : العقل و البلوغ و الامانة و القدرة على تربية المحضون و صيانته ،

اما اذا فقدت الحاضنة احد هذه الشروط فان الاب يستطيع ان يطالب بحضانة الصغير و لو لم يبلغ العاشرة من عمره اما اذا بقيت الحاضنة محتفظة بهذه الشروط و اتم الصغير العاشرة من عمره فلللاب مع ذلك ان يطالب بضم الصغير ( سواء كان ذكرا ام انثى ) لحضانته لانتهاء فترة الحضانة ما لم تدفع الحاضنة بان مصلحة الصغير تقتضي البقاء لديها لمرض الاب او لاي سبب اخر تقتنع به المحكمة ولها اي المحكمة في سبيل ذلك التثبت عن طريق اللجان الطبية او الشعبية للتاكد من الاسباب المذكورة فان وجدت المحكمة ان مصلحة المحضون تقتضي بقاؤه لدى الحاضنة حكمت بتمديد الحضانة لسنة او سنتين او لحين اكمال المحضون الخامسة عشر من عمره . لقد اعطى المشرع العراقي الحق للاب ان يشاهد المحضون للوقوف على شؤونه و متابعته و الاطمئنان عليه و استمرار الصلة بين الاب و الصغير على ان يتم ذلك خلال النهار فقط اذ لم يجيز القانون بقاء المحضون لدى الاب ليلا و انما يجب ان يبيت المحضون عند حاضنته و ذلك استنادا الى الفقرة الرابعة من المادة ( 57 ) و على ان تتم المشاهدة في مكان امين و لمدة محددة ، و تتبع المحكمة اتفاق الطرفان اي الحاضنة و الاب على مكان المشاهدة و مدتها و بما لا يضر المحضون اما اذا لم يتم الاتفاق على ذلك فان المحكمة تتولى اصدار قرار بتعيين المكان و المدة المحددة للمشاهدة كان يكون في بيت احد الاقارب او في المجلس البلدي .. و في حالة عدم قيام المحكمة بتحديد مكان المشاهدة في قرار الدعوى فان لمديرية التنفيذ القيام بتحديد مكان المشاهدة عند تنفيذ القرار الخاص بذلك ، وفي بعض الحالات وعندما ترى المحكمة ان لا ضرر على المحضون من بقاءه مع والده فيجوز ان يقوم الاب باخذ الصغير في صباح اليوم المحدد للمشاهدة و يعيده الى الحاضنة قبل الغروب كان يصحبة في نزهة او زيارة احد الاقارب .

و قد بين المشرع العراقي في المادة ( 57 الفقرة 4 ) (للأب النظر في شؤون المحضون و تربيته و تعليمه حتى يتم العاشرة من العمر و للمحكمة أن تأذن بتمديد حضانة الصغير حتى إكماله الخامسة عشرة إذا ثبت لها بعد الرجوع إلى اللجان المختصة الطبية منها و الشعبية ان مصلحة الصغير تقضي بذلك على ان لا يبيت إلا عند حاضنته) وهذا يعني انه حتى يتمكن الاب من الوقوف على شؤون المحضون و الاشراف على تربيته و تعليمه فان الام الحاضنة لا تستطيع السفر به الى بلد اخر غير بلد الاب لان ذلك لا يمكن الاب من لاشراف على تربية المحضون او الاطمئنان عليه .

وقد ساوى المشرع العراقي بخصوص انتهاء مدة الحضانة للصغير سواء كان ذكرا ام انثى و التي حددها بعشر سنوات الا اذا تبين ان مصلحة الصغير تقض بغير ذلك بعد الرجوع الى اللجان الشعبية و الطبية للتاكد من ذلك و عندئذ يتم تمديد فترة الحضانة لغاية سنة الخامسة عشر و في هذه السن يكون للمحضون الخيار في الاقامة مع الاب او الام او احد اقاربه لحين اكمال الثامنة عشر من عمره و يكون للمحكمة التثبت من حسن اختيار المحضون للبقاء مع اي من هؤلاء بشتى الوسائل كالاستفسار من ادارة المدرسة عن سيرة المحضون ومدى التزامه بالدوام وانضباطه ومستواه العلمي وعند اكمال الثامنة عشر من عمره يصبح انسانا كامل الاهلية – مالم يحجر عليه لاي سبب من اسباب الحجر – وله الحق في التصرف في شؤونه وامواله كيفما يشاء دون ولاية او سلطة من الغير .